بلجراد (رويترز) - كان القطار القادم من مقدونيا ممتلئا عن آخره عندما صعدنا إليه. حتى الممرات كانت مزدحمة وعندما أغلقت الأبواب للانطلاق كانت الروائح تزكم الأنوف فكنا نتنفس بصعوبة بالغة.
دفع الألوف 24 يورو (27 دولارا) لشراء تذاكرهم وتدافعوا كي يضمن كل منهم مكانا بعد أن علموا أن المجر تستعد لإغلاق حدودها وسد الطريق أمامهم.
وأقنع ايهاب وهيثم السوريان اللذان أتابع رحلة أسرتيهما من تركيا إلى أوروبا بعض المسافرين الأصغر سنا بترك مقاعدهم للزوجتين.
انحشرت الزوجتان في المكان الضيق ونامتا حتى وصلنا إلى الحدود.
أدركت ونحن مسافرون في العربات المكدسة بالمسافرين أننا فقدنا مجموعة هي أسرة مالك الذي جاء من مدينة الحسكة الكردية في شمال شرق سوريا ولم يستطع اللحاق بالقطار.
وكان انفصال آخر ينتظرنا عند الحدود الصربية عندما اضطررت
لترك ايهاب وهيثم لعبور الحدود عبورا قانونيا.
نزلنا من القطار في محطة حجرية تلفها البرودة وكانت الساعة السادسة صباحا واندفع الجميع إلى الشوارع لتسلم الملابس الدافئة التي عرضتها منظمة محلية.
وأخذت أسرة إيهاب سيارة أجرة إلى محطة أخرى لمواصلة الرحلة إلى بلجراد بالقطار وندم ايهاب على هذا القرار فيما بعد. فقد استغرق القطار عشر ساعات للوصول إلى العاصمة الصربية بينما وصل آخرون بالحافلات في أربع ساعات فقط ليوفروا وقتا ثمينا في السباق للوصول إلى المجر قبل إغلاق الحدود يوم الثلاثاء.
وقال ايهاب لي هاتفيا من بلجراد "نحتاج للوصول للحدود المجرية بأسرع ما يمكن."
ويعد العبور إلى المجر عضو الاتحاد الاوروبي من أهم الخطوات في الرحلة الطويلة صوب ألمانيا وغيرها من دول الاتحاد الاوروبي الغنية.
وقد شبهه هيثم بعبور البحر من تركيا إلى اليونان بما اكتنفه من أخطار في بداية الرحلة.
وقال وهو يجلس في محطة القطار في بلجراد "عندنا خوفان. الخوف من عبور البحر في مركب من مراكب الموت. والثاني عبور الحدود المجرية."
تكلمت مرة ثانية هاتفيا مع إيهاب عند وصول أسرته إلى الحدود المجرية. واتفقنا على ترتيبات اللقاء لكنهم كانوا في عجلة من أمرهم لعبور الحدود وفقدنا الاتصال.
شعرت وكأنني فقدت أسرتي.