من أليستير مكدونالد وروبن إيموت
بروكسل (رويترز) - نالت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجون يوم الأربعاء قدرا من "التعاطف" خلال جلسة حضرتها في بروكسل عرضت خلالها قضيتها الخاصة ببقاء اسكتلندا ضمن الاتحاد الأوروبي بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأسبوع الماضي.
ولكنها وجدت صدا من إسبانيا وردودا متباينة من مسؤولين أوروبيين.
واجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى من دون بريطانيا. فرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عاد جوا إلى بلاده بعدما ألقى كلمة أمام نظرائه من 27 دولة مساء يوم الثلاثاء أطلعهم فيها على هزيمة معسكر تأييد البقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي جرى قبل أيام.
وقالت ستيرجون التي تؤيد الاستقلال إن اسكتلندا التي أيد ناخبوها البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي بنسبة تقترب من 2 إلى 1 لا ينبغي إجبارها على الخروج من الاتحاد الأوروبي ضد إرادتها.
وتابعت أنها تريد التفاوض مباشرة مع بروكسل لحماية حقوق الاسكتلنديين في عضويتهم ولتقول إنها منفتحة على إجراء استفتاء جديد على الاستقلال إذا كان ذلك هو الحل الوحيد لبقاء الاسكتلنديين ضمن الكتلة الأوروبية.
ولكن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي الذي يبذل جهدا كبيرا لمنع منطقة قطالونيا التي تتمتع بحكم ذاتي من الانفصال إن مدريد ستعارض أي مفاوضات بين اسكتلندا والاتحاد الأوروبي.
وأشارت ستيرجون إلى راخوي بوصفه "قائما بأعمال" رئيس الوزراء في أعقاب النتائج غير الواضحة للانتخابات الإسبانية التي جرت يوم الأحد. وقالت إنها ليست مندهشة على الإطلاق لسماع مثل "هذه المواقف الجديدة" من جانب مدريد وإنها مدركة لكل الصعوبات.
وأضافت في مؤتمر صحفي "نحن بدأنا بصورة مبكرة للغاية في هذه العملية" مشددة على أن الأولوية بالنسبة لها هو إسماع صوت الاسكتلنديين. وتابعت "أنا متأثرة اليوم لمعرفة أن هناك رغبة في الاستماع."
وشدد متحدث باسم جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية الذي أثار استياء بعض الدبلوماسيين الأوروبيين بلقائه مع ستيرجون في مثل هذا التوقيت الحرج في علاقات الاتحاد الأوروبي مع لندن- على أن يونكر استمع ولكنه لن يتدخل في السياسات الداخلية البريطانية.
* أوروبا مقابل لندن
ووجه قادة دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 رسالة حازمة إلى لندن بأنه "لن تكون هناك مفاوضات من أي نوع" بشأن مستقبل العلاقات التجارية إلى أن تفّعل المملكة المتحدة رسميا فقرة المغادرة وفقا لمعاهدة الاتحاد الأوروبي.
وأضافوا في بيان مشترك "ينبغي أن يحدث ذلك بأسرع ما يمكن."
وفي تحذير واضح للمروجين لمغادرة بريطانيا جرت إضافته في الدقيقة الأخيرة قالت دول الاتحاد الأوروبي أيضا إن الوصول إلى السوق الموحدة الخاصة بأوروبا "يستلزم قبولا للحريات الأربع": حرية تنقل البضائع ورأس المال والأشخاص والخدمات.
وكان مؤيدون لمغادرة بريطانيا مثل رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون المرشح الأقوى لخلافة كاميرون على رأس حزب المحافظين ورئاسة الوزراء قد قالوا إنهم يريدون حرية الوصول إلى السوق المشتركة الخاصة بالاتحاد الأوروبي ولكنهم سيحتفظون بالحق في السيطرة على دخول اللاجئين.
وقال كاميرون الذي دعا للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي ولكن أعلن أنه سيتنحى في أكتوبر تشرين الأول بعد أن خسر الاستفتاء يوم الثلاثاء إن مستقبل علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي سيكون مرتبطا باستعداده لإعادة التفكير في حرية تنقل العمال والتي قال إنها السبب في نتيجة الاستفتاء.
* التعاطف مع اسكتلندا
ويوجد تصاعد في التعاطف في كثير من أجزاء أوروبا مع الاسكتلنديين البالغ عددهم 5.5 مليون نسمة الذين لم يفلح تأييدهم الكبير للبقاء في الاتحاد الأوروبي في التغلب على الإنجليز الذين يفوقونهم عددا. وجاءت نتيجة التصويت في بريطانيا ككل برغبة 52 في المئة في الانفصال عن الاتحاد الأوروبي مقابل 48 في المئة.
ولكن دولا كإسبانيا -التي تعاملت مع حركة انفصالية إقليمية- تعارض بشدة أي محادثات مباشرة بين الاتحاد الأوروبي مع اسكتلندا. وفي لندن قال كاميرون للبرلمان إن المفاوضات كان ينبغي أن تجريها المملكة المتحدة ككل.
ورفض دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي ورئيس قمة قادة الاتحاد الأوروبي طلب ستيرجون بعقد اجتماع.
ووصف مسؤولون من بعض دول الاتحاد الأوروبي قرار يونكر بالاجتماع بستيرجون بأنه استفزاز هدفه زيادة الضغط على لندن كي تقدم اشعارا رسميا بمغادرة الاتحاد الأوروبي ولكنه رفض هذه الاتهامات.
وقال في مؤتمر صحفي "اسكتلندا فازت بالحق في أن يسمع صوتها في بروكسل." وبعد اجتماع يونكر وستيرجون قال متحدث إنه استمع إليها ولكنه شدد على أنه ينبغي التعامل مع القضية في سياق الشؤون الدستورية للمملكة المتحدة.
وقال مسؤولون جرى إطلاعهم على محادثات ستيرجون مع شخصيات رفيعة في البرلمان الأوروبي إنها بحثت ما إذا كانت هناك أي وسيلة قانونية يمكن أن تظل بها اسكتلندا المنشقة عن بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي بمجرد استكمال المملكة المتحدة ما يسمى "الخروج البريطاني".
وشدد مسؤولو الاتحاد الأوروبي- مثلما فعلوا في الماضي قبل أن يصوت الاسكتلنديون ضد الانفصال عن بريطانيا عام 2014- على أنه ليس بمقدور اسكتلندا التقدم بطلب الانضمام للاتحاد الأوروبي قبل أن تصير دولة ذات سيادة.
ونفى مسؤولون كبار مبدأ أن يكون بمقدور اسكتلندا احتلال مقعد بريطانيا الخالي على طاولة المجلس الأوروبي.
وأثارت ستيرجون احتمال أن يحاول البرلمان الاسكتلندي أن يمنع التشريع الخاص بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لإبقاء المملكة المتحدة برمتها ضمن الاتحاد الأوروبي ولكنها قالت أيضا إنها تعتقد أنه صار من المرجح جدا الآن إجراء استفتاء جديد على استقلال اسكتلندا عن بريطانيا.
(إعداد سيف الدين حمدان للنشرة العربية- تحرير حسن عمار)