من محمد عبد اللاه وأمينة إسماعيل
القاهرة (رويترز) - أقرت الحكومة المصرية يوم الخميس اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية وأحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها واتخاذ قرار بشأنها وذلك بعد نحو ثمانية أشهر من توقيع الاتفاقية في القاهرة.
وتنقل الاتفاقية التي قوبلت بمعارضة شديدة من مصريين تبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر إلى السعودية.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن إقرار الاتفاقية وإحالتها إلى مجلس النواب تم "طبقا للإجراءات الدستورية المعمول بها في هذا الشأن".
كان ألوف المصريين قد شاركوا في مظاهرات في القاهرة والجيزة في أبريل نيسان احتجاجا على توقيع الاتفاقية وألقي القبض على مئات منهم وأحيلوا للمحاكمة لكن أفرج عن معظمهم بقرارات محاكم استئناف ألغت أحكام حبس صدرت ضدهم ودفع بعضهم غرامات.
وفي يونيو حزيران قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ببطلان الاتفاقية التي قال معارضون إن مصر توصلت إليها مع السعودية لتستمر مساعدات مالية ونفطية كبيرة كانت المملكة تقدمها لمصر منذ عزل الرئيس السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في منتصف 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
وتضمن حكم محكمة القضاء الإداري "استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وضعهما بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى."
واستأنفت الحكومة الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي حجزت الاستئناف للحكم في جلسة 16 يناير كانون الثاني المقبل.
وقال المحامي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي الذي أقام الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري إن إقرار الاتفاقية وإحالتها إلى البرلمان استباقا لحكم المحكمة الإدارية العليا "انهيار للدولة القانونية والدستورية" في مصر.
وأضاف لرويترز "هذا العرض (على البرلمان) باطل وهذا الإقرار (من الحكومة) باطل.. وعلى الشعب أن يدافع عن أرضه بكل الطرق المشروعة ضد هذه السلطة المستبدة التي لا تحترم القانون ولا القضاء."
وقال أستاذ القانون محمد نور فرحات "هذه الحكومة لا تحترم الدستور الذي ينص في المادة 151 منه على عدم جواز إبرام اتفاقات يترتب عليها التنازل عن جزء من إقليم الدولة.
"هذه الحكومة لا تحترم مبدأ الفصل بين السلطات ... هذه الاتفاقية منعدمة بحكم محكمة القضاء الإداري.. وما يعرض بشأنها على مجلس النواب هو والعدم سواء."
وأضاف "من شأن سلوكهم (الحكومة ومجلس النواب) أن يؤدي إلى تصادم بين سلطات الدولة."
لكن نبيل الجمل وكيل اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب قال لرويترز إن إحالة الاتفاقية إلى مجلس النواب لا يتعارض قانونيا مع عرض الاتفاقية على القضاء.
وقال "لا يوجد تعارض إطلاقا... أتوقع ألا يصوت البرلمان على الاتفاقية سواء بالموافقة عليها أو رفضها قبل أن يقول القضاء كلمته حتى لا يكون هناك تعارض بينهما."
وتنظر المحكمة الدستورية العليا دعوى مقامة من الحكومة تطالب بعدم أحقية القضاء الإداري في نظر الاتفاقية باعتبارها من أعمال السيادة.
ولم يتسن لرويترز على الفور الحصول على تعليق من وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب مجدي العجاتي.
ووقع الاتفاقية عن مصر رئيس الوزراء شريف إسماعيل وعن السعودية الأمير محمد بن سلمان ولي ولي عهد السعودية ووزير دفاعها خلال زيارة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر.
ودافعت الحكومة المصرية عن الاتفاقية قائلة إن الجزيرتين الواقعتين عند مدخل خليج العقبة كانتا تخضعان للحماية المصرية منذ عام 1950 بناء على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية بعد نحو عامين من قيام إسرائيل.
وقالت الحكومة أيضا إن توقيع الاتفاقية إنجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما في خليج العقبة بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما.
كان مجلس الشورى السعودي قد أقر الاتفاقية بالإجماع يوم 25 أبريل نيسان.
وقال مراقبون إن حكم محكمة القضاء الإداري كان ضربة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي طالب المصريين في أحد خطاباته بعد توقيع الاتفاقية بالكف عن الحديث عن مسألة الجزيرتين.
(شارك في التغطية الصحفية للنشرة العربية أحمد طلبة - تحرير مصطفى صالح)