من مايكل جورجي
الموصل (العراق) (رويترز) - بدأت قلة من السكان في الخروج من المنازل إذ شجعها إطلاق نيران البنادق الآلية على قناصة تنظيم الدولة الإسلامية على امتداد الخطوط الأمامية في الموصل في المناطق التي أخرجت القوات العراقية مقاتلي التنظيم المتشدد منها.
وفي الزهراء في شرق الموصل أزاح أصحاب المتاجر الزجاج المحطم من أمام متاجرهم وبدأت الحياة تعود للأحياء من جديد. وانطلق أرنبان يقفزان على تلة رملية عندما دوت أصوات إطلاق نار آتية من مكان قريب.
لكن مازال شعور بعدم التيقن يخيم على المكان في حين بدأت أجزاء من المدينة تعود ببطء للحياة مع تقدم القوات الخاصة العراقية في هجومها على أكبر معقل لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
ويخشى العديد من السكان من عودة التنظيم الأخطر على مستوى العالم لفرض تفسيره المتشدد للإسلام في يوم من الأيام حتى إذا تم تحرير المدينة بالكامل.
وقال عمر سيبويه صاحب ورشة حياكة في حين فتحت قوات خاصة على سطح منزل مجاور النار على مبان يتحصن بها المتشددون "نحتاج لأن تبقى قوات الجيش هنا لمدة عشر سنوات لحمايتنا... نخشى أن تكون لهم خلايا نائمة في الموصل."
واجتاح نحو 800 من مقاتلي التنظيم المتشدد مناطق في شمال العراق عام 2014 وسيطروا على الموصل وبلدات وقرى مجاورة.
وكانوا يمنعون التدخين وأي شخص يضبط وهو يدخن يجلد. وفرضوا على النساء تغطية أجسادهن من الرأس إلى القدم. ومن يشتبه أنهم مارسوا الزنا يرجمون بالحجارة حتى الموت.
واستعادت القوات العراقية عدة مناطق في شرق الموصل خلال الهجوم المتوقع أن يكون أكبر معركة يشهدها العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بحكم صدام حسين عام 2003.
وبعد منزل سيبويه مباشرة يوجد موقع من المواقع التي كان التنظيم يعدم فيها الناس بقطع رؤوسهم. وكان المتشددون يصرون على أن يحضر جميع سكان الحي -كبارهم وصغارهم- لمشاهدة تنفيذ الإعدام.
وقال في حين كان بعض من أبنائه الثمانية يلعبون وهم يسمعون أصوات نيران القناصة وقذائف المورتر "كانوا يقولون لنا وهم يقطعون الرؤوس حرروا أنفسكم من الكافرين."
* التنظيم يشكل خطرا مستمرا
تركت قوات الأمن العراقية سلاحها وفرت في مواجهة زحف تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014 لكنها أحرزت تقدما في مواجهة المتشددين هذا العام.
وبعد إخراج مقاتلي التنظيم من مدينتي الرمادي والفلوجة في الغرب تقدمت قوات الأمن إلى الموصل وسيطرت على بلدات مجاورة بمساعدة قوات البشمركة الكردية وقوات شيعية.
وقد تستمر المعركة لشهور. ومن المتوقع أن يشهد غرب الموصل حرب مدن أكثر ضراوة إذ تحول العديد من الشوارع الضيقة والحارات دون استخدام الدبابات والمركبات المدرعة التي يمكن أن تعطي القوات العراقية ميزة.
ومازالت العبوات الناسفة بدائية الصنع والقناصة والسيارات الملغومة تشكل خطرا مستمرا في الموصل.
وقال ضباط القوات العراقية الخاصة المتمركزون عند سوق مهجورة إن المتشددين يهاجمونهم بشكل دوري. وسقطت قنبلة يدوية في الفترة الأخيرة على سطح معدني فوقهم وأحدثت عشرات الفجوات.
وقال محمد عبد الرحمن "قبل بضعة أيام هاجمنا خمسة مهاجمين انتحاريين يحملون القنابل وبنادق الكلاشنيكوف .. قتلنا بالرصاص أربعة منهم والخامس فجر نفسه وأصاب واحدا منا. يضربوننا ونضربهم."
وتمددت جثة أحد المهاجمين الانتحاريين في الشارع تحت غطاء سميك على مسافة نحو 50 مترا من دبابة عراقية.
وقال أحد أفراد القوات الخاصة وهو يبتسم بفخر "قطعت رأسه". وأشار إلى الحزام الناسف الأخضر اللون الذي كان يرتديه المهاجم والموضوع الآن على طاولة قريبة.
وتمركز قناص من القوات الحكومية في مسجد قريب محدقا عبر جبهة القتال في حي آخر تعتقد القوات الخاصة أن تنظيم الدولة الإسلامية يحتجز فيه عراقيين كدروع بشرية.
وقال أحد الضباط "كل صباح يحاول أشخاص الهرب فيطلق قناصة داعش النار عليهم."
وكل نحو نصف ساعة يفتح قناص مختبئ من المتشددين النار مستحثا الطرف الآخر على الرد. وسقطت قذائف المورتر على أجزاء أخرى من المدينة.
ودمرت المعارك الأعمال والشركات في الموصل التي كانت ذات يوم مركزا مزدهرا للتجارة.
ويتساءل ريان هيثم ما إذا كان سيتمكن مرة أخرى من كسب عيشه.
ويقول "انفجرت سيارة ملغومة قرب مخبزي منذ أيام. ودمرته... نريد أن يبقى الجيش هنا ليحمينا حتى لا يعودون."
وبدأ سكان الموصل في محاولة إصلاح ما تحطم.
ويحاول رجل إصلاح ورشته لإصلاح السيارات التي تناثرت محتوياتها على الرمال. ودفعت جرافة تابعة للجيش بعض سيارات زبائنه إلى ما وراء تلة رملية لتحصين مواقعه الأمامية.
واعتاد الأطفال العنف.
فوقفت فتاة صغيرة تدعى عائشة تسلي نفسها بإلقاء مظاريف الرصاص الفارغة في الحارة. وبعد دقائق تجدد تبادل إطلاق النار.
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير منير البويطي)