لندن (رويترز) - نشر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سجلاته الضريبية يوم الأحد في محاولة لوضع حد للتساؤلات عن دخله الشخصي والتي أثارها ذكر اسم والده الراحل في أوراق بنما لإنشائه صندوقا للمعاملات الخارجية.
وأدى تردد كاميرون في بادئ الأمر في الاعتراف بأنه استفاد من هذه الأموال إلى ظهور حالة من السخط. وهذا ما يضاعف مشاكله حينما يواجه معركة سياسية هائلة هدفها إقناع الناخبين بالتصويت بالبقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المزمع في 23 يونيو حزيران.
وأدت المسألة المتعلقة بالبقاء داخل الاتحاد الأوروبي إلى حدوث انقسام في صفوف حزب المحافظين بينما تشهد حكومته أزمة أيضا بسبب استقالة وزير كبير وبسبب العودة عن خفض لنفقات الرعاية الاجتماعية واتهامات للحكومة بالتقاعس عن حماية صناعة الصلب في بريطانيا.
وبعدما قال كاميرون يوم السبت إنه كان بمقدوره التعامل مع أزمة أوراق بنما بصورة أفضل فقد أصدر ملخصا لسجلاته الضريبية عن الأعوام الستة الماضية.
ولكن أي أمل في أن يحسم ذلك الخلاف الناشب هو أمل ضعيف حيث أن الصحف الرئيسية الصادرة يوم الأحد تحدثت عن هدية بقيمة 200 ألف جنيه استرليني (282500 دولار) تلقاها كاميرون من والدته عام 2011. وهو ما يشير إلى أنها ربما كانت وسيلة لتجنب دفع ضريبة الميراث.
وقال مصدر في مكتب رئيس الوزراء البريطاني إن تلك التفسيرات غير دقيقة حيث إنه تم الإعلان عن الهدية وإن الأمر لا يعدو كونها أما تعطي هدية لابنها بنفس الوسيلة القانونية التي تمارسها مئات الآلاف من البريطانيات كل عام.
وسيدلي كاميرون ببيان بشأن سجله الضريبي أمام البرلمان يوم الاثنين ولكن من المرجح أن يواجه بسيل من الأسئلة من جانب الأعضاء المعارضين بشأن موارده المالية الشخصية.
ووجه جيريمي كوربين زعيم حزب العمال المعارض اتهاما لكاميرون بأنه يضلل الناس من خلال إصدار ما وصفه كوربين بأنها أربعة بيانات "مراوغة" خلال أربعة أيام قبل أن يقر أخيرا بأنه استفاد من الصندوق الخاص بوالده.
وتوجد مخاوف عند بعض الساسة الذين يدعون إلى أن تصوت بريطانيا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المزمع في يونيو حزيران من أن يؤدي الضرر الواقع على كاميرون إلى الإضرار بموقفهم لأنه اعتبر في السابق أفضل داعية للبقاء في الاتحاد.
وقال الزعيم السابق للحزب الوطني الاسكتلندي جوردون ويلسون في بيان يوم الأحد "إن الفضيحة الخاصة بأموال ديفيد كاميرون.. ربما ترجح الكفة في القرار لصالح المغادرة."
* "خطأ أخلاقي"
كاميرون غير متهم بارتكاب أي مخالفات. وكونه رجلا ثريا هو أمر ليس بالجديد.
ولكن الأيام الماضية جلبت ضررا عليه بسبب إصداره بيانات مقلة للغاية ومكتوبة بصياغة حريصة قبل أن يؤدي الإفصاح الكامل عن المعلومات إلى خلق انطباع بأنه ربما يكون لدى كاميرون ما يخفيه.
وقال دومينيك راب الوزير المنتمي لحزب المحافظين لمحطة تلفزيون سكاي نيوز "إنه لم يسلك سلوكا غير ملائم بأي شكل من الأشكال ولقد فعل ما لم يفعله أي رئيس للوزراء من قبل بنشره إقرارات الضرائب هذه." واتهم راب المنتقدين من حزب العمال بشن هجمات شخصية "تافهة" مشبها إياهم بالضباع.
وقال كاميرون يوم الخميس إنه كان يملك حصة في صندوق والده للمعاملات الخارجية وقد حقق ربحا منه.
وأضاف أن هذا الصندوق الاستثماري لم يتم إنشاؤه للتهرب من الضرائب ولكن لاستثمار أسهم مقومة بالدولار وأنه دفع كل الضرائب المستحقة على استثماراته الخاصة التي كانت تساوي "شيئا من قبيل 30 ألف جنيه" عندما قام بتصفيتها في يناير كانون الثاني 2010 قبل أن يصبح رئيسا للوزراء.
وتُظهر الوثائق من مؤسسة (أر.ان.اس تشارتيد للمحاسبة) والتي تغطي ست سنوات أن كاميرون دفع ضرائب بلغت 75898 جنيها استرلينيا (107198 دولارا) على دخل بلغ 200307 جنيهات في السنة المالية 2014-2015.
ووفقا للسجل فقد تألف دخله من مرتب بلغ 140522 جنيها ومصاريف تستحق ضرائب عليها بلغت 9834 جنيها و46899 جنيها من نصف نصيب إيجار من منزل أسرته في لندن و3052 جنيها في شكل فوائد على مدخرات.
(إعداد سيف الدين حمدان للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)