من ليلى بسام
بيروت (رويترز) - شيع لبنان يوم الخميس سبعة أفراد من عائلة لبنانية لقوا حتفهم الأسبوع الماضي عندما كانوا يحاولون الوصول إلى اليونان على متن قارب في رحلة قال أحد الناجين إنهم كانوا يشاهدون فيها أحباءهم يموتون أمام أعينهم.
وقال أقارب لعائلة صفوان إن 12 من أفراد العائلة -وبينهم امرأة حامل وطفلان- غادروا لبنان بعد أن استبد بهم اليأس من مستقبل حياتهم إذا بقوا في بلادهم وانطلقوا في الرحلة من تركيا إلى اليونان ساعين إلى حياة أفضل في أوروبا.
ولكن القارب الذي كان يقلهم والمصنوع من الفيبرجلاس غرق في البحر المتوسط بعد مغادرته من تركيا إلى اليونان. ووصلت جثث الضحايا في التوابيت في وقت متأخر من يوم الأربعاء إلى مطار بيروت.
وقال موسى صفوان وعمره 24 عاما الذي توفيت زوجته الحامل "غادرنا البلاد وقلنا في أنفسنا أننا قد نستطيع أن نبني مستقبلا أفضل. لقد رأينا أن مستقبل لبنان يتدمر شيئا فشيئا."أضاف قوله في باحة منزله حيث تجمع الأقارب والأصدقاء لتقديم واجب العزاء ان زوجته "ماتت بين يدي بسبب البرد الشديد."
وأشار الى أنه بقي في المياه ثلاثة أيام يشرب من البحر "في اليوم الثالث نمت في المياه. لم استطع أن أبقى يقظا. حلمت بأبي وهو يقول لي اذهب انجو بنفسك وانتبه لاخواتك. رأيته وكأنه حقيقة يتحدث معي. كنت أرى البر من بعيد. كنت أرى الجبل وكأنه خيال." وقد وصل أكثر من نصف مليون لاجئ ومهاجر إلى اليونان هذا العام عن طريق البحر كثير منهم فروا من العنف في سوريا أو العراق أو أفغانستان.
وعلى الرغم من أن لبنان الذي يستضيف اكثر من مليون لاجىء سوري لا يشهد حربا فإنه لا يزال يتعافى من الحرب الاهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 وجعلت أكثر من ربع اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر مع تفشي البطالة بين الشباب.
وقال المتحدث باسم العائلة يوسف صفوان وهو ابن عم الضحية مايز صفوان "ليس هناك من مواطن لبناني إلا ويعرف الأوضاع والظروف التي آلت إليها البلاد والتي دفعت بالمواطنين إلى المخاطرة بحياتهم والهجرة كما حصل مع عائلة آل صفوان."
وخيم الحزن على وجوه المشيعين واتشحت النسوة بالسواد وعلا الصراخ فور وصول الجثامين إلى حي الأوزاعي الفقير وأطلق البعض الرصاص في الهواء ونثر البعض الآخر الارز على الجثامين التي حملت كل واحدة صورة صاحبها.
وكان الضحايا السبعة قد غادروا لبنان إلى تركيا مع خمسة افراد آخرين من الأسرة في محاولة للعبور إلى اليونان. وتمكن ثلاثة من النجاة وما زال اثنان في عداد المفقودين.
وقال أحد الناجين ان العائلة دفعت عشرة آلاف دولار لمهرب تركي للعبور بقاربه معربا عن اعتقاده بأنه قد تمكن من النجاة.
وقال ماهر صفوان البالغ من العمر 16 عاما " بعد أقل من ساعتين في المسير في المياه بدأت المياه تتسرب إلى القارب وامتلأت حقائبنا بالمياه وأصبح وزنها ثقيل واضطررنا إلى رميها في المياه وصرنا نزيل المياه من القارب ونرميها في البحر. بسبب الخوف أصبح قائد القارب يسير بسرعة...ما أدى إلى الاصطدام بالأمواج."
أضاف أن العائلة كانت تعتزم في نهاية المطاف الوصول إلى المانيا.
وكانت العائلة قد غادرت منزلها في البقاع القريب من الحدود مع سوريا حيث تشتعل حرب أهلية منذ أكثر من أربع سنوات إلى منطقة الأوزاعي إحدى ضواحي بيروت.
وقد اختار بعض الأشخاص الذين يغادرون لبنان المراكب والسفن والقوارب غير الشراعية للانتقال من مدينة طرابلس بشمال لبنان. وغادر حوالي 28 ألف راكب سوري ميناء طرابلس في اغسطس اب عن طريق العبارات مقارنة مع 16 ألفا في الشهر نفسه من العام الماضي وفقا للسلطات في الميناء.وقال الجيش اللبناني يوم الأربعاء ان دورية من قواته البحرية اوقفت مركبا لبنانيا قدرته التحميلية لا تتعدى 15 شخصا وكان على متنه 53 شخصا في محاولة لتهريبهم إلى خارج لبنان بطريقة غير شرعية عبر مدينة طرابلس الساحلية.
وقال الجيش في بيان انه اعاد الركاب ومن بينهم ثمانية لبنانيين وو28 فلسطينيا و14 سوريا.
وقالت زينب مايز صفوان التي لم تكن معهم في رحلة الموت وهي تندب على عائلتها "لا أعرف كيف سأكمل حياتي. هي صعبة. كانت صدمة قوية والآن لا نصدق كيف حصل هذا."