من جوليا هارت وجوليا إدواردز وديفيد بيلي
مينيابوليس/ واشنطن (رويترز) - في ربيع عام 2014 ومع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات من الأرض في سوريا بدأت مجموعة من عشرة شبان صوماليين في مينيابوليس التخطيط فيما بين مباريات كرة السلة بمسجد الحي للمشاركة في المعركة.
هذا هو فحوى القرار الذي توصلت إليه هيئة محلفين يوم الجمعة.
فبمساعدة مرشد سري تتبع ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي المجموعة ووجه لها ممثلو الإدعاء اتهامات بمحاولة الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية أواخر العام الماضي وذلك في أكبر قضية من نوعها ترفعها وزارة العدل الأمريكية.
غير أن هذه القضية تترك شكوكا أكبر دون أن تعالجها حول مدى نجاح واحد من أهم برامج الحكومة الأمريكية للتصدي للتطرف الناشئ محليا في مدينة كان عدد المسلمين الكبير بين سكانها محورا للمخاوف من تحول الشباب إلى التطرف.
وتثير القضية تساؤلات عما إذا كانت الحكومة الأمريكية قد توصلت إلى وسيلة لإبعاد أغلب الشبان المسلمين عن التطرف الإسلامي والصورة التي يجب أن يكون عليها دور مسؤولي إنفاذ القانون في هذا الصدد.
وفي فبراير شباط 2015 وقبل القبض على أغلب أفراد المجموعة قررت إدارة الرئيس باراك أوباما جعل مينيابوليس - التي تعيش فيها أكبر جالية من المهاجرين الصوماليين في الولايات المتحدة - مختبرا للجهود التجريبية في مكافحة تجنيد الإرهابيين.
وجعل المدعي العام أندرو لوجر من التواصل مع الجالية الصومالية أولوية قصوى وساعد في ضمان تخصيص الأموال للبرامج التي تستهدف الشباب المعرضين لخطر الانضمام للجماعات المتطرفة وظهر في المدارس والمناسبات الاجتماعية لتوجيه مناشدات للآباء وأبنائهم.
وفي تجربة أخرى جرب القاضي الاتحادي برنامجا تم تطويره في ألمانيا الغرض منه المساعدة في إعادة تأهيل الشبان المسلمين الذين اعترفوا بأنهم دعموا الدولة الإسلامية.
لكن مسؤولين معنيين يقولون إن نجاح برنامج الإبعاد عن التطرف على المدى الطويل ما زال موضع شكوك. ويقول مسؤولون ونشطاء في الجالية إن ثمة توتر لا يمكن تحاشيه في جعل مسؤولي إنفاذ القانون يقومون بدور الشرطي والناصح في الوقت نفسه.
وأصدرت لجنة من مستشاري وزير الأمن الداخلي جيه جونسون تقريرا يوم الخميس يدعو الحكومة لعدم القيام بدور الرسول في جهودها لإبعاد الشباب عن مسار التطرف.
ورغم عدم وجود أدلة على أن المتهمين شاركوا في مثل هذه البرامج فإن بعض من لهم مآخذ عليها في الجالية الصومالية يرون أن جهود لوجر ما هي إلا وسيلة لإحكام تحقيقاته من أجل القبض على شبان جدد وهو اتهام نفاه لوجر نفسه ووزارة العدل بشدة.وقال كمال حسن مؤسس اللجنة الصومالية لحقوق الإنسان الذي كان يراقب المحاكمة من الصف الخلفي في قاعة المحكمة "الطريقة التي نرى بها ذلك في الأساس أنهم يستخدمونها كنشاط لجمع الاستخبارات."
* سلاح ذو حدين
وصدر قرار هيئة المحلفين يوم الجمعة بإدانة المتهمين الثلاثة باتهامات من بينها التآمر لارتكاب القتل خارج الولايات المتحدة وتقديم دعم مادي لجماعة إرهابية أجنبية. واعترف ستة آخرون بالذنب ونجح واحد في الوصول إلى سوريا.
وتوضح سجلات قضائية ومسؤولون عن إنفاذ القانون أن عددا آخر من الشباب الأمريكي من أصل صومالي من منطقة مدينتي مينيابوليس وسانت لويس نجح في السفر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية خلال العامين الأخيرين.
والشاب الذي قيل إنه زعيم هذه المجموعة من الصوماليين في قضية مينيابوليس هو عبد الرزاق وارسامي (20 عاما) الذي كان بين من أقروا بالذنب ويشارك في برنامج جلسات التوجيه قبل صدور الحكم.
وكان لأقارب وارسامي دور بارز في التعاون مع لوجر في تثبيط همم الشبان الصوماليين عن الانضمام لجماعات متطرفة. وتوضح سجلات المحكمة أنهم ظهروا في منتديات للجالية مع لوجر للدعوة إلى "بدائل للتطرف".
وقال محمود محمد (19 عاما) صديقه وزميله السابق في الدراسة "إذا استطاع النفاذ من الثغرات فمن غيره يستطيع ذلك؟"
وقد تعاون وارسامي مع المحققين الاتحاديين وأدلى بشهادته في المحاكمة كأحد شهود الحكومة.
وقال في الشهادة هو وآخرون إن الرجال العشرة شاهدوا أفلاما دعائية لجماعة الشباب الصومالية المتشددة وتنظيم الدولة الإسلامية.
وناقشت المجموعة أفضل السبل للسفر إلى سوريا بالتهرب من سلطات إنفاذ القانون وتقدموا بطلبات لاستعجال إصدار جوازات السفر واتصلوا بمتشددين نشطين من الدولة الإسلامية لمساعدتهم في الوصول إلى سوريا. وألقي القبض على تسعة من العشرة قبل أن يتمكنوا من السفر.
وأدت جهود لوجر للتواصل مع الجالية إلى بعض مشاعر الارتياب.
* رصد العلامات
وعندما وقف لوجر أمام طلبة أغلبهم من الصوماليين في أكاديمية هيريتج في مينيابوليس لمناشدتهم مقاومة محاولات تجنيدهم لحساب المتطرفين في العام الماضي بعد شهور قليلة من إلقاء القبض على أول مجموعة في قضية تنظيم الدولة الإسلامية انسحبت مجموعة من الطلبة احتجاجا على وجوده.
وقال لوجر لرويترز "أنا مدع عام. وبالإضافة إلى ذلك أنا انتمي لثقافة مختلفة. وأنا مختلف عنهم."
وقال جيلاني حسين الذي يرأس فرع مينيسوتا من مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية إن من الممكن أن تأتي برامج مثل برنامج لوجر بنتائج عكسية بأن تجعل الشبان الذين ينجذبون لجماعات أجنبية متشددة يلجأون لمزيد من السرية.
ومع ذلك فقد قال جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي للصحفيين في مايو أيار إن عدد الأمريكيين الساعين للانضمام لصفوف الدولة الإسلامية انخفض من نحو ثمانية إلى واحد كل شهر منذ أغسطس آب الماضي.
وقد انضم حوالي 250 أمريكيا لتنظيم الدولة الإسلامية أو حاولوا الانضمام إليه منذ تشكيله كما أن مكتب التحقيقات الاتحادي ما زال يحقق في أكثر من ألف حالة. وانضم آلاف الأوروبيين للدولة الإسلامية.
وسافر الباحث الألماني دانييل كوهلر إلى مينيابوليس في أبريل نيسان بناء على طلب القاضي الاتحادي في القضية وأجرى مقابلات مع وارسامي وأربعة آخرين في قضية مينيابوليس ممن أقروا بأنهم مذنبون.
كما درب كوهلر ضباط المتابعة على رصد أي علامات على الميول الجهادية وتقييم الخطر الذي يمثله كل منهم على المجتمع. وسيأخذ القاضي النتائج في اعتباره من هذا البرنامج التجريبي عندما يقرر ما سيحكم به على الخمسة.
ويحرص القضاة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة على معرفة نتيجة عمل كوهلر.
فقد أظهرت سجلات قضائية أن نيكولاس جروفيس القاضي الاتحادي في المحكمة الجزئية ببروكلين طلب من مدع اتحادي في أبريل نيسان إجراء بحوث عن برنامج كوهلر بهدف معالجة "هذه المسألة الصعبة جدا جدا باستخدام وسائل أخرى غير المحكمة".
ومن المحتمل أن تصدر على مجموعة الأمريكيين من أصل صومالي أحكام بالسجن عشرات السنين لكن لوجر قال إنه يأمل أن يحول برنامج كوهلر وارسامي والمشاركين فيه إلى أصوات مطالبة بمكافحة التطرف.
وقال لوجر "إذا صادفنا النجاح وأرادوا أن يقدموا المساعدة فما قلته علانية هو أنني أود أن يتمكن من يمرون بهذه العملية من الكلام. فمن الضروري أن يدخل شخص ما هذه المدارس ويتكلم."
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير ياسمين حسين)