من مايكل جورجي
دهوك (العراق) (رويترز) - حين ترى ليث عباس الذي يضع خاتما من الخرز في إصبعه فإنه يعطيك انطباع بأنه مجرد مراهق عراقي يحاول أن يبدو هادئا لكن هذا الهدوء سرعان ما يختفي عندما يصف كيف كان يقف حاملا بندقية كلاشنيكوف في نقاط تفتيش بصحبة متشددين آخرين من تنظيم الدولة الإسلامية نشروا الرعب في الموصل.
عباس واحد من بين 54 مراهقا تحاول السلطات الكردية إبعادهم عن التشدد في مركز إصلاحي للشباب والنساء المشتبه بمساعدتهم تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة دهوك بشمال العراق.
والفكرة هي منع التنظيم المتشدد من بناء جيل جديد من المفجرين الانتحاريين والمقاتلين من تهديد استقرار العراق مرة أخرى بعد أن تنتهي الحملة العسكرية الحالية على معقله في الموصل.
وقال زكي صالح موسى رئيس المركز في مدينة دهوك إن المركز يشجع هؤلاء الشباب على أن يختاروا الحياة لا الموت.
وسمح لرويترز حصريا بزيارة المركز والحديث إلى عباس وصبي آخر في السابعة عشرة من العمر وامرأتين في وجود محققين.
ونفى السجناء الأربعة دعمهم المقاتلين بإرادتهم وقالوا إن تنظيم الدولة الإسلامية مارس ضغوطا عليهم للتعاون معه. وقال محقق إنه متشكك في هذه الروايات وإن المحكمة هي التي ستقرر مصير السجناء.
وقال عباس وهو يجلس في غرفة بها كتب عن الثقافة والفن الهدف منها فتح آفاق جديدة للمراهقين والنساء الذين تعرضوا للأفكار الجهادية إن عمه وابن عمه ضغطا عليه لينضم للمتشددين.
وقضى عباس 18 يوما في مركز تدريب تابع للدولة الإسلامية في الموصل مخصص للتعليم الديني. وحصل على بندقية هجومية وتم تكليفه بحراسة نقطة تفتيش حيث كان يتولى القبض على من يخالف القواعد الكثيرة التي وضعتها الجماعة المتشددة.
وقال عباس إن مقاتلي الدولة الإسلامية طلبوا منه تسجيل نفسه ليصبح مفجرا انتحاريا لكنه رفض. وأضاف أن شقيقته وشقيقيه مرضى فلم يستطع تركهم وانسحب بعد 15 يوما وقال إن المتشددين سجنوه ثلاثة أيام وعذبوه باستخدام عصا.
ويعترف الكثيرون من سكان الموصل بأنهم أيدوا تنظيم الدولة الإسلامية حين سيطر المتشددون على المدينة الرئيسية بشمال العراق في 2014. اعتبروا في البداية أن مقاتلي التنظيم -وهم مثلهم من السنة- سيحمونهم من الجيش الذي يهيمن عليه الشيعة.
وفي نهاية المطاف أثارت الدولة الإسلامية حالة من الرفض لها في الموصل بسبب ما قامت به من إعدامات لمعارضيها بقطع الرأس أو رميا بالرصاص والجلد علنا لأولئك الذين يمارسون متعا بسيطة مثل التدخين أو مشاهدة التلفزيون.
ومنذ أكتوبر تشرين الأول نجح الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والقوات الخاصة وفصائل شيعية في إخراج متشددي الدولة الإسلامية من النصف الشرقي من الموصل ومن بلدات وقرى حوله بدعم جوي وبري من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
والنصف الغربي من الموصل هو آخر معقل رئيسي للدولة الإسلامية. لكن السلطات العراقية تخشى أنه حين تسقط المدينة فستتجه الجماعة للعمل السري وتشن تمردا. وتعتبر برامج نبذ التشدد أداة لخفض التهديدات الأمنية.
دين سلام
بشرى عبد الله امرأة في الأربعين من عمرها خضعت لبرنامج نبذ التشدد في المركز الموجود في دهوك. تقول إن المتشددين جاءوا إلى منزل عائلتها واقتادوا ابنتها البالغة من العمر 14 عاما وزوجوها لمتشدد لمدة شهرين.
وأضافت أن المتشددين أعادوها قائلين إنهم لم يعودوا يحتاجونها.
وقال أحد المحققين إن بشرى متهمة بإيواء جهاديين. وهي تنفي ذلك.
يجري تقسيم المراهقين إلى مجموعات تضم كل منها نحو 20 في غرفة بها أسرة وأغطية. فوق أسرتهم صور لزعماء أكراد وهم أشخاص يصفهم مقاتلو الدولة الإسلامية بأنهم كفرة يستحقون الموت.
ويشرح لهم أخصائيون اجتماعيون أن الإسلام دين سلام.
يقول غيث رجب وهو صبي هادئ في السابعة عشر من العمر مخارج ألفاظه غير واضحة إنه شعر أن الانضمام للدولة الإسلامية هو الخيار الوحيد لأن المتشددين سجنوا المئات وأجبروا آخرين على الصلاة والاستماع إلى خطب نارية في المساجد تذم من لا ينتمون للطائفة السنية.
كان هو أيضا يحرس نقطة تفتيش حيث طلب منه أن يراقب بيقظة بحثا عن أي شخص يتواطأ ضد الدولة الإسلامية.
وقال رجب الذي انضم ابن عمه للمتشددين وانقطعت أخباره منذ ذلك الحين إنه لا أحد كان يستطيع أن يعصي أوامرهم.
ويحن رجب للأيام التي كان يدرس فيها ليصبح معلما ويلعب كرة القدم مع أصدقائه وهو نشاط آخر حظره تنظيم الدولة الإسلامية. لكن العودة إلى الموصل تتوقف على إقناع السلطات الكردية بالإفراج عنه.
وقال إنه يريد أن يعود للدراسة ورؤية العائلة لكنه لا يعلم ما إذا كان سيصدر عليه حكم من محكمة.
وعبَر موسى مدير المركز الإصلاحي عن تفاؤل حذر إزاء إمكانية أن يساعد برنامج إعادة التأهيل في منع الشباب والنساء من دعم الدولة الإسلامية في المستقبل.
وقال إن البرنامج حقق نتائج لكن المركز يحتاج لمزيد من الجهود لأن عدد من يأتون إليه يزداد يوما بعد يوم.
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير وجدي الالفي)