القاهرة (رويترز) - تتجاوز رؤية التشكيلية المصرية سماء يحيى للثقافة والفنون تلك النظرة التقليدية التي يصفها البعض بالاستشراقية السياحية ويعتبرونها ترسيخا لصورة ذهنية عن مصر تتلخص في الهرم وتمثال أبو الهول والرقص الشعبي.
وبعد مشاركتها في معرض إكسبو ميلانو 2015 المقام في العاصمة التجارية لإيطاليا ترى أن الجمهور الإيطالي يعرف عن حضارة مصر "ربما أكثر من بعض المسؤولين المصريين" وأن بجامعة ميلانو قسما خاصا ومكتبة متخصصة في علوم المصريات وتنظم أنشطة ثقافية متنوعة آخرها معرض (مصر من السماء) الذي افتتح قبل بدء الإكسبو بأيام وتضمن صورا فوتوغرافية للأهرام والمعابد والمعالم المصرية التي صورها من الجو تيودور كوفلر عام 1914 وتعرض للمرة الأولى.
وقالت لرويترز في مقابلة إن معرض (مصر من السماء) تزامن مع افتتاح متحف تورينو للمصريات في ابريل نيسان الماضي "وهو ثاني أكبر متحف للمصريات على مستوى العالم بعد المتحف المصري" المطل على ميدان التحرير بوسط القاهرة.
وتضيف أن "الآخر يقدر حضارتنا ويستفيد منها بل يسوقها إلى العالم أفضل منا" مستشهدة بمعرض فوتوغرافي عنوانه (عمر الشريف فرعون السينما العالمية) افتتح في الجناح المصري بالإكسبو يوم 23 يوليو تموز الجاري تكريما للنجم المصري عمر الشريف الذي توفي بالقاهرة في العاشر من الشهر الجاري.
والإكسبو الذي يقام كل خمس سنوات معرض عالمي عريق للثقافة والتكنولوجيا وأقيمت دورته الأولى في لندن عام 1851 أما دورته الحالية في مدينة ميلانو فبدأت أول مايو أيار الماضي وتستمر ستة أشهر بمشاركة أكثر من مئة وستين دولة وتحمل دورته الجديدة شعار (إطعام العالم-طاقة للحياة) ويتوقع أن يتوافد عليه نحو 20 مليون زائر.
ومثل مصر في المعرض التشكيليان جمال مليكة ويحيى بدعوة من منظمة (فن بلا حدود) وهي شريك رسمي ينظم المعارض التشكيلية الرسمية في الإكسبو بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. وشارك الفنانان المصريان مع 120 فنانا ونحاتا وشاعرا في عروض منها الرسم المباشر بهدف توفير مساحة من التفاعل والمعرفة الجمالية ومد الجسور بين الثقافات من خلال زيارات للمعرض وأنشطة أدائية للجمهور العادي ولطلبة المدارس والجامعات.
ويحيى باحثة وتشكيلية شاركت في مهرجانات بمصر وخارجها وأقيمت لها معارض في مصر وإيطاليا والسعودية ونالت عدة جوائز وحصلت على الدكتوراه من جامعة حلوان بالقاهرة عن دراسة عنوانها (فلسفة الحضارة الهندوسية في التصوير الشعبي الجنوب اسيوي كمدخل لإنتاج أعمال تصويرية معاصرة).
وتقول يحيى إن مصر التي شاركت في معرض الإكسبو منذ عام 1867 بباريس بجناح ضخم مساحته ستة آلاف متر مربع وبحضور الخديو إسماعيل شاركت في إكسبو ميلانو "بتمثيل متواضع... مقارنة بتمثيل (مصر) 2010 في (إكسبو) شنغهاي بجناح صممته (المعمارية العراقية) زها حديد."
وترى أن معرض عمر الشريف الذي أقيم بجناح مصر اقتصر على صور فوتوغرافية لأبرز محطاته الفنية في حين "أقام الإيطاليون احتفالات تحتفي به وتتضمن أفلاما تسجيلية عنه لأن شعبيته هناك فوق العادة."
وتقول إن الجناح المصري "امتلأ بأعمدة جبسية بدائية الصنع وجداريات تفتقد لأي معيار فني... ولم يظهر أثر للحضارة المصرية القديمة (الفرعونية) إلا مستنسخات رخيصة مقارنة بأجنحة عربية" ومنها الكويت التي مثلت جناحها سفينة ضخمة هي أحد مكونات شعار الدولة وتضمن شرحا "لأكبر محطة تحلية مياه في العالم" ومشاريع أخرى لاستغلال الصحراء.
وتضيف أن دار الأوبرا في سلطنة عمان قدمت عرضا عنوانه (ابن بطوطة) بخبرات فنانين مصريين مثل عبد الرحمن أبو زهرة "وهكذا لا يكون قصور الجناح المصري نقصا في المبدعين المصريين وإنما في المنظومة الإدارية."
وتصف جناح دولة الإمارات بأنه بدا كواحة تكنولوجية "واستحقت أن تفوز باستضافة الإكسبو القادم (دبي 2020) كأول بلد عربي يحظى بتنظيمه."
وقالت يحيى "المشكلة في وجود مفهوم مغلوط لدى المسؤول المصري أن كل ما يهم الآخر في أوروبا وأمريكا هو الهرم والمعابد والرقص الشرقي والجمال ولا يهمه أن يعرف عن ثقافة مصر الآن شيئا."
وأضافت أن الجمهور في إيطاليا والغرب عموما متعطش لمعرفة التنوع الثقافي والفني في مصر حيث "التجاوب مع أعمالي وأعمال جمال مليكة كان أكثر من رائع. أثيرت أسئلة منها.. هل يحرم الإسلام التصوير والنحت؟ ما حجم الحركة التشكيلية في مصر؟ هل لديكم تاريخ حديث في النحت والتصوير والعمارة ومن أبرز رواده وكيف نستطيع التعرف على هذه الأعمال؟."