من أحمد أبو العينين
جنوب غربي الموصل (العراق) (رويترز) - أدخل مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية مجموعة من المدنيين إلى منزل بمدينة الموصل وحبسوهم في الداخل مع تقدم القوات العراقية. وبعد ذلك بلحظات دخل المتشددون عبر نافذة ورقدوا على الأرض لدقائق ثم أطلقوا نيران أسلحتهم.
وكانت الخطة بسيطة. يجذب المتشددون الانتباه للمنزل بإطلاق النار من النوافذ ثم ينتقلون إلى مبنى مجاور عبر فتحة في الحائط أملا في دفع طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة إلى قصف المنزل.
وما لم يدركه المتشددون هو أن مستشارين أمريكيين يتعاونون مع القوات العراقية كانوا يتابعون كل ما حدث بفضل معلومات تنقلها طائرة بدون طيار. ولم تصدر أوامر بتنفيذ ضربة ولم يستفد التنظيم المتشدد من الدعاية التي كان يريد جني ثمارها جراء مقتل أبرياء.
وقال ضابط بالجيش الأمريكي برتبة لفتنانت كولونيل يدعى جيمس براونينج "علمنا فورا ما يحاولون فعله. كانوا يحاولون استدراجنا لتدمير هذا المبنى. هذه هي اللعبة التي نلعبها وهذا هو التحدي الذي نواجهه كل يوم".
ويكبر التحدي مع تضييق القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة الخناق على المتشددين في منطقة آخذة في الانكماش بالموصل إذ أصبحوا الآن محاصرين مع مئات آلاف من المدنيين.
وقال براونينج "لا مكان للفرار... أرض المعركة أكثر تعقيدا بكثير في ظل عدد المدنيين الذين يتحركون".
والمخاطر كثيرة ففي ضربة واحدة نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في مارس آذار لقي أكثر من 100 مدني حتفهم بطريق الخطأ.
* المرحلة الأخيرة
وبعد فتح جبهة جديدة في شمال غرب الموصل الأسبوع الماضي بهدف إنهاك دفاعات المتشددين تقول القوات العراقية إن معركة الموصل في مرحلتها الأخيرة.
ويشاهد عسكريون أمريكيون قرب الخطوط الأمامية يسدون النصائح للعراقيين مع تقدمهم صوب حفنة المناطق الأخيرة التي لا تزال تحت سيطرة الدولة الإسلامية في مواجهة غطاء من السيارات الملغومة ونيران القناصة.
وبراونينج قائد إحدى كتائب الفرقة الثانية والثمانين المحمولة جوا وهو من بين أكثر من خمسة آلاف عسكري أمريكي يخدمون حاليا في العراق "لنصح ومساعدة" قوات الأمن التي انهارت عندما اجتاح التنظيم المتشدد الموصل قبل نحو ثلاثة أعوام.
لكن الانتشار الأمريكي هذه المرة أقل بكثير مما كان عليه في أوج الاحتلال الذي استمر تسع سنوات بعد الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003 إذ أرسلت واشنطن حينئذ 170 ألف جندي للعراق وقتل خلال هذه الفترة أكثر من أربعة آلاف جندي أمريكي.
ويبغض البيت الأبيض الدخول مجددا في صراع مكلف لن يحظى بشعبية بين الأمريكيين بعد أن سحب القوات الأمريكية من العراق عام 2011.
لكن بالنسبة لبراونينج الذي أُرسل للعراق عام 2008 فإن طبيعة الدور الأمريكي مختلفة بوضوح.
وقال "كان الوضع في السابق أنني أقود القتال وأطلب من شركائي العراقيين المجيء معي لكنهم الآن يقودون القتال وأنا أتبعهم".
ومنذ بدء عملية الموصل في أكتوبر تشرين الأول تحول الدور الأمريكي فأصبحت الشراكة بين القوات الأمريكية والقوات العراقية عند مستوى أقل مما يعني تقليل الوقت الذي تستغرقه للرد على الدولة الإسلامية.
ويعني هذا أن القادة تحت إمرة براونينج شركاء أيضا لقادة الألوية تحت إمرة نظيره العراقي الفريق قاسم المالكي.
ويجري القادة مناقشات يومية حول العمليات ويبحثون ما يمكن للقوات الأمريكية فعله للمساعدة مما قد يشمل تقديم صور أو معلومات مخابرات أو شن ضربات جوية أو إطلاق نيران أرضية.
ويقدم العراقيون أيضا معلومات مخابرات من مصادر بشرية تعمل القوات الأمريكية على تأكيدها في سبيل تحديد الأهداف وأفضل السبل لمهاجمتها.
ويعيش براونينج في نفس القاعدة مع المالكي قائد الفرقة التاسعة العراقية مما يجعل من الأسهل تعديل خطط القتال.
وقال "كل ما أحاول فعله هو تهيئة أرض معركة له".
(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير أحمد صبحي خليفة)