بيروت/جنيف (رويترز) - طلبت الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية من الأمم المتحدة تأجيل محادثات السلام يوم الاثنين وشنت الجماعات المسلحة هجوما جديدا على القوات الحكومية متهمة المنظمة الدولية بالانحياز للرئيس بشار الأسد.
وقال منسق المعارضة في محادثات جنيف رياض حجاب في وقت سابق إن من غير المقبول أن تستمر المفاوضات إذا واصلت الحكومة وحلفاؤها حصار وقصف المناطق المدنية مكررا انتقادات وجهت في الآونة الأخيرة لحملات الحكومة في مناطق أخرى.
ولم يجتمع سوى ثلاثة ممثلين للمعارضة مع مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا في محادثات يوم الاثنين بدلا من العدد المعتاد وهو 15 بعد أن قال خطاب موقع من "فصائل الثورة السورية" إن دي ميستورا والحكومة يحاولان طرح أنصاف حلول.
وقال محمد العبود عضو فريق التفاوض لرويترز "طلبنا تأجيل المفاوضات فقط تأجيلها حتى تتحسن الظروف و تصبح ملائمة للتفاوض."
وأكدت الهيئة العليا للمفاوضات فيما بعد القرار في بيان قائلة إن التوقف سيكون فرصة للتعامل مع القضية الرئيسية وهي تشكيل هيئة حكم لا يكون للأسد دور فيها.
وقالت الهيئة إنها لا تنسحب من المحادثات وهي المحاولة الأولى للتفاوض من أجل إنهاء الصراع في عامين وقال دبلوماسي إنها تريد من الأمم المتحدة انتقاد الحكومة علنا.
وقال دبلوماسي غربي "يجب أن يطمئن دي ميستورا المعارضة... يجب أن يدلي بتصريح علني يضع ضغطا على الحكومة. من مصلحته أن تظل المحادثات مستمرة. هو بحاجة لأن يقول إن النظام لا ينصت."
وكان الهدف من اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي أبرم في 27 فبراير شباط إتاحة الفرصة للمحادثات لإنهاء الحرب من خلال إنشاء سلطة انتقالية وإجراء انتخابات. لكن الحكومة المدعومة من روسيا وإيران تقول إنه يجب أن يبقى الأسد لحين إجراء انتخابات عامة.
وتبادل الجانبان الاتهامات بانتهاك اتفاق الهدنة الذي لا يشمل تنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة وبدأ يتداعي مع تصعيد القتال قرب حلب ثاني أكبر مدن سوريا هذا الشهر.
وشن مقاتلو المعارضة السورية هجوما عنيفا يوم الاثنين على القوات الحكومية السورية في محافظة اللاذقية التي تقع على ساحل البحر المتوسط وحققوا مكاسب منفصلة إلى الشرق في حماة بينما نفذت القوات الحكومية ضربات جوية مكثفة في محافظة حمص إلى الجنوب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الهجمات في اللاذقية وحماة جزء من معركة جديدة أعلنتها جماعات معارضة في وقت مبكر يوم الاثنين. وأكد مصدر عسكري سوري اندلاع اشتباكات عنيفة بالمنطقة.
وأضاف أن المسلحين شنوا عدة هجمات يوم الاثنين في عدة مناطق بريف اللاذقية الشمالي بعدة مناطق في انتهاك لاتفاق وقف الأعمال القتالية وأيضا في ريف حماة بالشمال الغربي.
وقال المرصد إن في شمال محافظة حماة قتلت غارات جوية عنيفة للقوات الحكومية أربعة أشخاص وأضاف أن من المتوقع ارتفاع عدد القتلى في ظل سقوط عدد أكبر من المصابين.
وقال محمد الشمسي وهو طبيب بمنطقة حمص لرويترز إن عشر غارات جوية على الأقل نفذت منذ الصباح الباكر على الرستن ودير فول والحولة. وتم إخلاء المدارس وإغلاق المستشفيات.
وقالت جماعات يقاتل بعضها تحت لواء الجيش السوري الحر وجماعة أحرار الشام عند إعلان خوض المعركة إنها سترد بقوة على أي قوات حكومية تطلق النار على المدنيين.
وأعلنت تشكيل غرفة عمليات مشتركة لبدء المعركة ردا على انتهاكات الجيش.
وتهدف محادثات جنيف إلى إنهاء الحرب التي قتلت أكثر من 250 ألف شخص وسببت أسوأ أزمة لاجئين على مستوى العالم وسمحت بصعود تنظيم الدولة الإسلامية. ونتيجة لتدخل روسيا تحولت دفة الصراع لصالح الأسد.
وقال خطاب موجه للمفاوضين ويحمل توقيع "فصائل الثورة السورية" إنه لم يتم الوفاء بالتعهدات الدولية بتقديم المساعدات ووقف قصف المناطق السكنية وإطلاق سراح المعتقلين.
وحث الخطاب الهيئة العليا للمفاوضات على "اتخاذ موقف حاسم" إزاء ما وصفه بأنصاف الحلول التي يروج لها حلفاء النظام ودي ميستورا.
وتابع أن "الشعب السوري ومن خلفه فصائله الثورية يراقبون منذ بداية هذه المفاوضات ما يعتبرونه انحيازا من قبل المبعوث الأممي (دي ميستورا) لتحقيق مطالب نظام الأسد والاستجابة لضغوطه ومناوراته التي تطيل أمد معاناة شعبنا وتسمح له بارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات الإنسانية بحق شعبنا."
دور الأسد
وفي اجتماع مع الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة يوم الجمعة طرح دي ميستورا فكرة بقاء الأسد في السلطة بصورة رمزية مقابل أن ترشح المعارضة ثلاثة نواب للرئيس السوري.
وسعى دبلوماسيون ومسؤولون من المعارضة للتهوين من شأن هذا التعليق وقالوا إنها لم تكن فكرة دي ميستورا وإنما هي واحدة من عدة أفكار طرحها خبراء لم يذكروا أسماءهم ولم تتم دراستها بجدية. ورفضت المعارضة الأمر على الفور.
لكن الإشارة إلى بقاء الأسد في السلطة أبعدت المحادثات عن صلبها.
ومع تبادل الجانبين الاتهامات في جنيف وتصاعد القتال مجددا في سوريا يتجه التركيز على ما يبدو إلى مجرد الإبقاء على المعارضة على مائدة التفاوض وليس خوض نقاش موضوعي عن الانتقال السياسي.
وقال دبلوماسي غربي كبير "نقول لهم إنهم يجب ألا يسقطوا في فخ الحكومة لأنهم إذا انسحبوا فسيعتبرون مسؤولين وسيكون من الصعب العودة قريبا."
وتقول المعارضة إنه يجب أن يرحل الأسد ولا يمكن أن يكون جزءا من فترة انتقالية.
ورفض الأسد فكرة إنشاء هيئة حكم انتقالية قائلا إنه يمكن أن يوسع الحكومة لتشمل ما وصفها بشخصيات معارضة ومستقلة.
وقال رئيس وفد الحكومة في المحادثات بشار الجعفري للصحفيين يوم الاثنين إنه تبادل الأفكار مع دي ميستورا بشأن القضايا المهمة لكنه لم يتلق أسئلة أو يتطرق للانتقال السياسي.
وقال المبعوث الصيني الخاص شي شياو يان للصحفيين "سيكون (الاتفاق على) الحكومة الانتقالية مهمة صعبة على كل من الحكومة وأطراف المعارضة."
وأضاف "لكن ذلك لا يعني أنهم يجب... أن يتركوا المناقشات ويعودوا إلى ميدان القتال."
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)