(رويترز) - شن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين حملة تجريح لم يسبق لها مثيل لوسائل الإعلام الإسرائيلية واتهم إعلامية لامعة بقناة تلفزيونية بالمشاركة في مؤامرة لإسقاط حكومته اليمينية.
ورفض نتنياهو أن تجري الصحفية إيلانا دايان بالقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي حديثا معه في إطار برنامج استقصائي تعده عن أسلوب عمل إدارته والدور الذي تلعبه زوجته في تعيين المسؤولين. وبعد ذلك أرسل مكتب نتنياهو للإعلامية بيانا مكتوبا.
وقرأت دايان البيان الطويل الذي انهال عليها بالتقريع على الهواء بالكامل وهي واقفة أمام مكتب نتنياهو واستغرقت في قراءته ست دقائق.
وجاء في البيان "حان الوقت لنزع القناع عن وجه إيلانا دايان التي أثبتت مرة أخرى أنها لا تتمتع بالنزاهة المهنية."
وقال "إيلانا دايان واحدة من قيادات الهجوم المنسق على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقصد الإطاحة بالحكومة اليمينية وإقامة حكومة يسارية."
وأشار البيان إلى جفوة بين الشعب ووسائل الإعلام في إشارة إلى استطلاع أجري العام الماضي وأظهر أن ثلثي الإسرائيليين يعتقدون أن وسائل الإعلام لها ميول يسارية. وأكد البيان ضرورة إجراء إصلاحات بهيئة الإذاعة الوطنية.
وأضاف أن الجمهور فقد الثقة في المؤسسات الإعلامية الرئيسية التي قال إنها تخلت عن كل صور ضبط النفس في دعايتها المضادة لنتنياهو وحكومته التي شكلها حزب الليكود.
وقال إن "برنامج دايان ... يبين على نحو مثالي سبب احتياج صناعة الإعلام للإصلاح. ورئيس الوزراء عازم على فتح السوق أمام المنافسة لإتاحة المزيد من تنوع الآراء بالإضافة إلى إيجاد هيئة إذاعة وطنية تتسم بالكفاءة."
وأدهش هذا الهجوم الشديد المعلقين. فرغم أنه من المعروف أن علاقة نتنياهو بوسائل الإعلام تتصف بالمشاكسة فلم يكن أحد تقريبا يتوقع مثل هذا الهجوم الشخصي الغاضب.
يأتي الهجوم أيضا في وقت يواجه فيه نتنياهو ورفاقه في حزب الليكود انتقادات بشأن مساعيهم لإغلاق المحطة الإعلامية الرسمية وإقامة بديل لها.
وكثرت التغطية الإخبارية لمزاعم موظفين وعمال منزليين ضد زوجة نتنياهو التي توصف كثيرا بأنها تكثر من توجيه الأوامر.
وعقد ذلك العداء بين نتنياهو وصحيفة يديعوت أحرونوت واسعة الانتشار التي وقفت ضده قبل إعادة انتخابه في العام الماضي.
وتجنب نتنياهو إلى حد بعيد إجراء مقابلات مسجلة مع الصحافة الإسرائيلية وبات يفضل نشر بياناته الصحفية على يوتيوب وفيسبوك وتويتر.
ويخشى منتقدون الآن أن يلاحق وسائل الإعلام.
وقال إيلاد مان المستشار القانوني لمؤسسة )سيفنث آي) المعنية بمراقبة الإعلام "ما نراه هو محاولة شاملة من نتنياهو وحكومته للسيطرة على كل أشكال الإعلام."
*فوضى إعلامية
في 2014 وافق نتنياهو على إقامة شبكة إعلامية عامة جديدة وأعلن أنها ستكون جاهزة للانطلاق في يناير كانون الثاني. واستعانت المؤسسة الجديدة بالفعل بخمسمائة موظف وتخطط لضم 150 آخرين.
لكن نتنياهو يرغب الآن في وقف العملية. ولم يعلن السبب لكن حلفاءه تحدثوا عن ارتفاع التكاليف بينما قال رئيس ائتلافه ديفيد بيتان في أكتوبر تشرين الأول إن السبب هو تحيزها ضد نتنياهو.
وقال بيتان للقناة الثانية وهي واحدة من أبرز القنوات التجارية في إسرائيل "خطف أناس لهم أجندة يسارية ومناهضة للحكومة المؤسسة."
ولم يرد مكتب نتنياهو على طلبات للتعليق.
ويسبب تحول نتنياهو عن الشبكة مشاكل داخل ائتلافه الحاكم. ويقول وزير المالية إن إغلاق الشبكة سيكلف أكثر من بقائها وهدد بسحب تأييده.
واتفق الوزير مع نتنياهو على تشكيل لجنة لمعالجة القضية تضم مسؤولين من وزارتي المالية والاتصالات ومكتب رئيس الوزراء.
وشارك نتنياهو في الاجتماع الأول وقال مصدر إنه أبلغهم بأنه "لا يطيق" المؤسسة الإعلامية الجديدة ونقل آخر عنه القول "إنني مستعد للدعوة لانتخابات لهذا السبب."
وأثار الخلاف مخاوف بشأن حرية الإعلام في إسرائيل.
وأوسع الصحف انتشارا في إسرائيل هي إسرائيل توداي المجانية المملوكة لملياردير أندية القمار الأمريكي شيلدون أدلسون وهي مؤيدة بشدة لنتنياهو. ويشغل نتنياهو أيضا منصب وزير الاتصالات وهو ما يمنحه سلطات تنظيمية على القطاع.
كانت منظمة فريدم هاوس المعنية بحرية الإعلام خفضت هذا العام تصنيف إسرائيل إلى "حرة جزئيا". وشبه بعض المعلقين إسرائيل بتركيا وحذروا من حملة أوسع.
وتبدو هذه الاحتمالات بعيدة. لكن الرئيس ريئوفين ريفلين قال للبرلمان في تصريحات اعتبرت انتقادا لنتنياهو إن أي شخص يؤيد الإذاعة العامة لا يمكن أن يحولها إلى ناطق بلسان الحزب الحاكم.
واعتبر يوسي فيرتر المحلل السياسي في صحيفة هاآرتس ذات التوجهات اليسارية أن تحركات نتنياهو وبيتمان لها أصداء خطيرة.
وكتب فيرتر الأسبوع الماضي قائلا "مبعوث نتنياهو في مهمة قتل لتدمير ما تبقى من الإعلام الإسرائيلي."
(إعداد منير البويطي ومعاذ عبدالعزيز للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)