من وارن ستروبل
واشنطن (رويترز) - من المرجح أن تواصل الولايات المتحدة وايران اتصالاتهما الدبلوماسية الحذرة في أعقاب الاتفاق النووي التاريخي الذي تم التوصل إليه يوم الثلاثاء.
لكن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين يقولون إن ازدهار العلاقات على غرار ما دبره الرئيس باراك أوباما من تحسين العلاقات مع كوبا مازال أمامه سنوات كي يتحقق.
ورغم اختلاف مواقف البلدين في قضايا من اسرائيل إلى شرعية الرئيس السوري بشار الأسد فإنهما يشتركان في بعض المخاوف ومنها التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية المتشدد.
وحتى قبل الحوار المباشر الذي لم يسبق له مثيل والمستمر منذ عامين حول البرنامج النووي الايراني كانت لواشنطن وطهران اتصالات دبلوماسية عندما كان ذلك في مصلحتهما. ففي أواخر عام 2001 عمل مبعوثون أمريكيون وايرانيون معا لتشكيل أول حكومة في أفغانستان بعد سقوط حركة طالبان.
لكن المسؤولين الحاليين والسابقين قالوا إن الحواجز التي تعترض سبيل تكرار هذه النجاحات أصبحت عالية وتنبأ البعض بأن العلاقات الامريكية الايرانية قد تزداد توترا في أعقاب الاتفاق النووي بين ايران والقوى العالمية الست.
ويبدو أن ثمة انقسامات عميقة داخل الدوائر الحاكمة في كل من الولايات المتحدة وايران عن تعاون كل جانب مع الجانب الآخر. وتتباين رؤى واشنطن وطهران بشدة فيما يتعلق بمستقبل الشرق الأوسط. كما أن الشك يهيمن على الطرفين بعد 36 عاما من قيام الثورة الإسلامية في ايران.
ويوم الاربعاء قال الرئيس باراك أوباما - الذي يتعين عليه الان اقناع الكونجرس المتشكك بالاتفاق النووي المعقد - إن العلاقات ستشهد المزيد من الاتصالات الدبلوماسية مع ايران لكنه كان متحفظا في توقعاته.
وقال في مؤتمر صحفي "أملي أن نتمكن بالاستفادة من هذا الاتفاق من مواصلة المناقشات مع ايران بما يحفزها على التصرف بشكل مختلف في المنطقة وأن تكون أقل عدوانية وأقل عداء وأكثر تعاونا. لكننا لا نعول على ذلك."
ومن جديد أكد الزعيم الأعلى الايراني علي خامنئي الذي له القول الفصل في القضايا الأمنية الخط المتشدد الذي ينتهجه إزاء واشنطن مع دخول المحادثات النووية أيامها الأخيرة في فيينا.
وأظهرت تصريحات منشورة على موقعه على الانترنت أنه قال "استعدوا لمواصلة حربكم على الاستكبار العالمي."
وقال الدبلوماسي الأمريكي المخضرم دينيس روس الذي عمل ضمن كبار المستشارين لاوباما إن من المرجح أن يعوض خامنئي ماليا جماعات مثل الحرس الثوري.
ومن المعتقد أن قادة الحرس الثوري يتشككون في الاتفاق النووي كما أن واشنطن تتهم قوة القدس التابعة للحرس بإذكاء العنف في لبنان واليمن وسوريا والعراق.
وقال روس الذي يعمل الآن في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى "في الأجل القريب لا أعتقد أنك ستشهد أي تحسن فمن المرجح أن تصبح الأمور أكثر تعقيدا في المنطقة."
وثمة انقسامات في واشنطن أيضا فيما يتعلق بالسياسات.
فقد قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن إدارة أوباما منقسمة بشأن تعميق التعاون مع ايران.
ويقال أن وزير الخارجية جون كيري يرى فرصا للحوار في حين مازالت الذكريات حديثة في أذهان العسكريين الامريكيين عن تعرض جنود للقتل والتشويه في العراق على أيدي ميليشيات شيعية تدعمها ايران.
* لحظة لم يسبق لها مثيل؟
ومع ذلك قال كريم سجاد بور من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي "نحن حقا في لحظة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات الأمريكية الايرانية المعاصرة."
ومن مجالات التعاون المحتملة الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية الذي أعلن قيام دولة خلافة في مناطق شاسعة من العراق وسوريا.
وتتعاون واشنطن وايران تعاونا محرجا في العراق وتدعمان حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي لكنهما تقفان على طرفي نقيض في سوريا حيث تدعم ايران وقوى تعمل لحسابها الرئيس الأسد.
وسلم أوباما يوم الاربعاء بأن ايران ستلعب دورا في أي تسوية سياسية في سوريا.
وتقول الولايات المتحدة إنها تريد أن ترى انتقالا سياسيا في سوريا يؤدي إلى رحيل الأسد عن السلطة وقيام حكومة جديدة تمثل كل فئات الشعب السوري.
ومع ذلك فالألغام الجيوسياسية كثيرة. فحتى قبل اكتمال الاتفاق النووي وعد أوباما دول الخليج العربية بأنه سيتخذ خطوات أكثر جرأة للتصدي للسياسات الايرانية التوسعية في العالم العربي. وهذا قد يؤدي إلى رد معاكس في طهران.
وقال راي تقية الزميل بمجلس العلاقات الخارجية إن التقارب الامريكي مع ايران ذات الغالبية الشيعية لن يفعل شيئا يذكر لتهدئة مخاوف السنة التي ساعدت في تعزيز الجماعات الجهادية مثل تنظيم الدولة الاسلامية.
كما أن ايران لم تبد أي بادرة على التخلي عن دعمها للاسد.
وقال هشام الهاشمي المحلل الأمني العراقي "الاتفاق النووي الايراني لن يفيد في الساحة العراقية أو في سوريا."
وأضاف "السعودية لا تريد تقديم تنازلات فيما يتعلق بالأسد" وتصر على رحيله. "وايران تقول لا. لا بد من بقاء الأسد. وتلك هي المشكلة في سوريا."