EUR/USD: بلغت النبرة الحذرة التي يعتمدها البنك المركزي الأوروبي الذروة هذا الأسبوع، إذ واصل الساسة التصرّف بعكس الطبيعة المتفائلة التي اتّسم بها اجتماع سياسة شهر مارس. فقد علّق العديد من الساسة الأوروبيين على الوضع المتعثّر للإئتمان في منطقة اليورو، وتأثيرات ارتفاع معدّلات صرف اليورو على التضخّم، الى جانب آفاق اعتماد المزيد من التيسير غير المعياري خلال الأشهر القادمة. في هذا الصدد، سيعقد البنك المركزي الأوروبي اجتماعًا جديدًا هذا الخميس القادم.
مع ذلك، وفي الأسبوعين الأخيرين، كان من الواضح أنّ ساسة البنك المركزي الأوروبي يعتبرون أنّ الخطوات التي تمّ إقرارها في اجتماع مارس هي متفائلة للغاية. رأينا تراجع ملحوظ عن ذلك الموقف من قبل مسؤولي البنك المركزي الأوروبي، بما فيهم الرئيس ماريو دراغي ورئيس البنك المركزي الألماني جينس وايدمان. إنّ لجوء عضوين من أكثر الأعضاء صبرًا وتأييدًا للسياسة المحافظة الى التخفيف من حدّة نبرتهما هو دليل على أنّ المركزي الأوروبي يشعر وكأنّه أرسل إشارة خاطئة الى السوق.
لطالما أوردنا أنّ البنك المركزي الأوروبي سيتجاهل دعوات توسيع دائرة التيسير بما أنّ أوضاع الأزمة لا تزال غائبة وسط استمرار تحسّن البيانات الاقتصادية. هذا ولا تزال العائدات السيادية عند قيع أعوام عدّة أو على مقربة منها في القارّة- ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال- ولكن في الوقت الراهن ثمّة دلائل على إمكانية تنامي حدّة الضغوطات التمويلية. كما هوت السيولة الفائضة في منطقة اليورو الى 104 مليار يورو، وهو المستوى الأدنى منذ أن أدرج البنك المركزي الأوروبي أوّل عملية لإعادة التمويل البعيد الأجل في ديسمبر 2011، الأمر الذي بدأ بتعزيز الضغوطات على معدّلات الإقراض ما بين البنوك.
إنّ إلقاء نظرة على معدّلات EONIA يظهر أنّ الأوضاع باتت متشدّدة أكثر في الأسبوع السابق. بلغ معدّل ما بين البنوك 0.174% يوم الجمعة، مباشرة فوق متوسطّ معدّل EONIA لعشرين يوم القائم عند 0.170%؛ مرتفعًا من 0.157% منذ شهر (28 فبراير) ومن 0.155% منذ ثلاثة أشهر (27 ديسمبر). نشير الى مراجعة نوعية الأصول التابعة للبنك المركزي الأوروبي كمصدر للقلق- من غير المنطقي التعرّض لمخاطر أكبر في ظلّ أوّل اختبارات تحمّل يجريها البنك المركزي الأوروبي.
الفرق بين ما نحن عليه اليوم والوضع الذي كان سائدًا عشيّة اجتماع البنك المركزي الأوروبي لشهر مارس هو أنّ مناخ البيانات الاقتصادية بات أكثر سوءًا بشكل ملحوظ، ما يطيح بالمصدر الحقيقي الوحيد لإستقرار سياسة البنك المركزي الأوروبي. في نهاية الأسبوع، صدرت قراءات مفاجئة لتدنّي التضخّم في أوسع اقتصادات منطقة اليورو (ألمانيا وأسبانيا)، ومن المحتمل للغاية أن تظهر التقديرات الأوّلية للتضخّم في منطقة اليورو يوم الإثنين هبوط التضخّم الى +0.5% على أساس سنوي أو الى +0.6%، وهي معدّلات متدنّية قياسية تمّ بلوغها في أعقاب أزمة العام 2008.
هوى مقياس سيتي للمفاجآت الاقتصادية الى قاع جديد للعام 2014 هذا الأسبوع وبلغ -7.4 يوم الأربعاء و-3.8 يوم الجمعة، وهو أدنى إقفال أسبوعي له منذ 1 نوفمبر 2013 (-3.8)- قلّص البنك المركزي الأوروبي معدّل إعادة التمويل الرئيسي بعد ستّة أياّم فقط في اجتماع سياسته لشهر نوفمبر. إنّ التأرجح الهبوطي المفاجىء الذي طرأ على زخم النمو بالتزامن مع مناخ تدنّي التضخّم عزّزا فرضيّة اتّخاذ المركزي الأوروبي خطوات حذرة هذا الأسبوع. من الممكن أن يكون موعد بدء المركزي الأوروبي بالتحرّك وشيكًا- تراجعت عقود شراء اليورو بنسبة -25.6% هذا الأسبوع بحسب تقرير التزامات التّجار الصادر عن هيئة تداول عقود السلع الآجلة. في المقابل، إنّ أي افتقار للتدابير الملموسة من شأنه دفع اليورو من جديد بإتّجاه ذرواته السنوية.