ما الذي سيدفع الدولار الأميركي الى التحرّك في الأسبوع القادم؟ نحن غارقون في المحفزات الأساسية الرئيسية- تلك التي بمقدورها توليد اتّجاهات ملحوظة وليس فقط موجات قصيرة من التذبذبات. ووسط تراجع مقاييس المخاطر المعيارية كأس أند بي 500 والأسواق الناشئة وأزواج الين في الأسبوع السابق، سيقع التركيز بالتطلّع قدمًا على عافية ثقة المستثمر العالمي. كما سيصدر مجلس الاحتياطي الفدرالي قرار فائدته الذي يتزامن مع التوقعات المحدّثة وأوّل مؤتمر صحفي للرئيسة جانيت يلين منذ توليها سدّة الرئاسة.
على صعيد الحدث المحفوف بالمخاطر المرتقب، ثمّة تحيّز واضح نحو تأثير السوق الذي يصبّ لصالح الأخضر. إنّ أي مفاجأة على سبيل المثال تطرأ على المخاطر ستؤدّي الى انهيار الثقة- وتوفر الدعم للملاذات الآمنة كالدولار الأميركي. من جهة أخرى، إنّ الحفاظ على السياسة الراهنة هو بمثابة أمر اعتادت عليه العملة المعيارية في الآونة الأخيرة. من منظور التداول، يؤدّي ذلك الى تزايد مخاطر بروز التذبذبات وتسارع الدولار صعودًا عوضًا عن تراجعه.
بناء عليه، لا نزال نشهد هبوط مؤشر الدولار داو جونز أف أكس سي أم في خمسة أسابيع من أصل الستّة السابقة. يتمثّل السيناريو الذي لاقى استحسانًا في صفوف التّجار بتوجّه بعض اللاّعبين الاقتصاديين البارزين بعيدًا عن التعرّض لسندات الخزانة الأميركية والدولار. يوم الجمعة الفائت، أفيد عن هبوط الأوراق المالية التي أودعت في الحسابات الأجنبية بأكثر من 100 مليار دولار- وهو التراجع الأكبر تاريخيًا. يعتقد العديد أنّ ذلك يعزى الى ردود فعل روسيا أزاء الوضع في شبه جزيرة القرم. كما لعبت الصين دورًا كبيرًا في هذا التحرّك، مع الشهية المفترضة للتعرّض لمنطقة اليورو- وبالتالي قدرة اليورو على تحقيق مكاسب مستدامة.
الطريقة الأكثر فعالية لإيقاف هذا التنوّع خلال الأجل القريب هي اجتياح موجة من المخاوف الأسواق المالية العالمية. إنّ الخروج المبكر من بعض مواقع المضاربة والبحث عن السيولة سيدفعان المستثمرين للتهافت على الدولار. سواء ساد الهدوء في الأسواق الناشئة ومحيط منطقة اليورو أو برز هروب من أزمة ائتمانية، سيلتمس الدولار مساره من خلال الذعر. فالفتيل الذي من شأنه تأجيج المخاوف هو القلق الأساسي بالنسبة إلينا.
في الأسابيع الأخيرة، لاحظنا توافر دلائل تشير الى تواجد الأسواق على المحكّ وتمتّعها بحساسية أكبر أزاء التهافت نحو الأمان. إنّ أي أنباء محيطة بتباطؤ الاقتصاد الصيني أو التوترات في سوق الإقراض أو إدراك للمخاطر الكامنة ستؤدّي الى تغيير في المواقع المفتوحة. مع ذلك، هذا هو الوضع السائد منذ بعض الوقت. إنّ أي صدمة جديدة تطرأ على الأسواق الناشئة ستؤدّي الى زعزعة الإستقرار. وعقب تحرّك المخاطر المبنيّ على الوضع الهندي في العام السابق والمخاوف التركية في يناير، بات القلق الآن يتجسّد بالنزاع القائم بين روسيا والغرب حول شبه جزيرة القرم.
وفي حين تشكّل إعادة إحياء دور الدولار كملاذ آمن من خلال الحاجة الملحّة لذلك الطريقة الأكثر فعالية لكي تستعيد العملة قوّتها، من المحتمل أن يساهم قرار فائدة مجلس الاحتياطي الفدرالي المرتقب يوم الأربعاء في تأجيج الشهية. إنّ هذا الإجتماع هو واحد من الإجتماعات الفصلية التي يتمّ فيها نشر التوقعات المحدّثة للنمو واالتضخّم ومعدّلات الفائدة. علاوة على ذلك، ستكون هذه المرة الأولى التي تتحدّث فيها جانيت يلين منذ اعتلائها سدّة الرئاسة. تشير التوقعات الى استمرار تطبيق عملية التقليص- وهو أمر مرجّح ولن يسبّب أي صدمات. ستشمل التخمينات المحيطة بهذا الحدث بدء تقييم الإطار الزمني لأوّل زيادة في معدّلات الفائدة.