أوفى البنك الإحتياطي الفيدرالي برفع تكاليف الإقتراض أربع مرات في 2018 على خلفية النمو الإقتصادي
القوي وسوق العمل القوية, وبذلك تجاهل عمليات البيع في سوق الأسهم وتحدى أيضاً الضغط من الرئيس دونالد ترامب. في حين كان يراجع توقعات أسعار الفائدة والنمو الإقتصادي في عام 2019.
ففي إجتماعه بنهاية العام الجاري 2018 يوم أمس الأربعار رفع الإحتياطي الفيدرالي النطاق المستهدف لمعدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من 2.25% إلى 2.5% خلال إجتماع ديسمبر, وخفض التوقعات لرفع أسعار الفائدة في عام 2019 وسط التقلبات الأخيرة في الأسواق المالية والتوقعات بتباطؤ النمو العالمي.
كما ترى اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أن بعض الزيادات التدريجية الإضافية في النطاق المستهدف لمعدل الأموال الفيدرالية ستكون متسقة مع التوسع المستمر في النشاط الإقتصادي, وظروف سوق العمل القوية والتضخم بالقرب من هدف اللجنة المتمثل في 2% على المدى المتوسط.
إلا أن البنك الفيدرالي خفض تقديراته نحو رفع مرتين من معدل ثلاث مرات توقعها بالسابق. بينما كان لدى المستثمرين نظرة تشاؤمية أكثر من البنك الفيدرالي حيث توقعوا زيادة واحدة على الأكثر في عام 2019 وفقاً لأسعار العقود الآجلة بأسعار الفائدة. هنا نشير لنقطة محورية إن الإنخفاض في مخطط النقاط وسط أسس إقتصادية قوية وفشل البنك الإحتياطي الفدرالي في تقلبات السوق الأخيرة يعني أن توقعات التضخم ستحدد مسار السياسة في العام المقبل.
أما ما يخص التوقعات الإقتصادية فلم يتغير متوسط توقعات عام 2020 و 2021 لنمو الناتج المحلي الإجمالي عند 2% و 1.8% على التوالي, ولكن على المدى الطويل تم رفعه إلى 1.9% من 1.8%. بينما لم يتغير متوسط معدل البطالة لعام 2019 عند 3.5% في حين إرتفع التقدير لعام 2020 إلى 3.6% من 3.5%, وإنخفض التقدير على المدى الطويل إلى 4.4% من 4.5%.
فقد خفض مؤشر نفقات الإستهلاك الشخصي الرئيسي والأساسي بمقدار 0.1% في عام 2019 إلى 1.9% و 2% على التوالي, وهو المؤشر المفضل لدى الفيدرالي لمقياس التضخم. فعلى الرغم من خفض التوقعات إذا كانت الضغوط التضخمية المدفوعة بالأجور تتحقق بطريقة أكثر وضوحاً في التضخم الأساسي للمستهلك فلن يتردد البنك الفيدرالي في رفع سعر الفائدة الثالث.
ردة فعل الأسواق
كان المستثمرون يأملون في إتباع نهج أقل تشديدي بعد أن تراجعت الأسهم الأمريكية إلى تصحيح قوي وسط القلق من تباطؤ النمو العالمي, وتجاهل البنك الفيدرالي دعوات متكررة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع تكاليف الإقتراض مرة أخرى وسط تقلبات الأسواق المالية.
حيث إنخفضت الأسهم الأمريكية بعد أن فشل جيروم باول في جبح مخاوف السوق من أن مسار تشديد البنك الفيدرالي قد يكون عدوانياً للغاية في ضوء عمليات البيع الأخيرة, وإنخفض مؤشر ستاندارد آند بورز 500 عند أدنى مستوى له خلال 15. هذا عمق الخسائر لكلاً من مؤشر داو جونز وناسدك 100 لتسجل تراجعات أسبوعية بأكثر من 6%.
ووضع جيروم باول الإحتياطي الفيدرالي سياسة الميزانية العمومية على نظام الطيار الآلي الذي يميل إلى المبالغة في تأثير السوق على أي تغيير في توقعات سعر الفائدة.
كما تراجعت الأسهم في آسيا وأوروبا وإنحدرت الأسهم إلى سوق هابطة بعد أن أعرب المستثمرون عن قلقهم إزاء تشديد السياسة النقدية للبنك الفيدرالي, وهذا في ظل التحديات التي تواجه بعد البنوك المركزية الأخرى بسبب إطرابات جيوسياسة تجعلها بموقف المشاهد.
في حين أن البنك المركزي الأمريكي يواجه بيئة أكثر تحدياً إلا أنه في وضع أقل تعقيداً بكثير من نظرائه المهمين في النظام, وخاصة البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا وبنك اليابان. مع ذلك, تم تقيم الأسهم العالمية لأسوأ ربع سنوي منذ عام 2011, ولكن باول في مؤتمره الصحفي قال نحن لا ننظر إلى أي سوق واحدة وأنه في القليل من التقلبات.
بشكل عام,,
ستؤدي الإرتفاعات السابقة والدولار القوي إلى لدغ الإقتصاد تدريجياً مع تلاشي التحفيز المالي والإقتصاد الخارجي من الصين إلى أوروبا. في الوقت نفسه يمثل النزاع التجاري المستمر مع الصين والمخرج الفوضوي المحتمل للمملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي مخاطر إضافية كبيرة.
كانت الأسواق المالية مضطربة لأسابيع مع تراجع الأسهم الأمريكية, وكانت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية متذبذبة حيث إرتفعت العوائد على سندات الخزانة لأجل عامين 2.66% مقابل 2.65% سابقاً.
في حين أن العوائد على السندات لأجل عشر سنوات إنخفضت إلى 2.75% مقابل 2.83% سابقاً بعد أن سجلت أعلى مستوى لها في سبع سنوات عند 3.26% في أكتوبر, وهذا يشير إلى أن الأسواق تعتقد أن البنك الإحتياطي الفيدرالي قد يتجه نحو خطأ في السياسة.
لكن خفض التقييم الإقتصادي المحدّث للإحتياطي الفيدرالي يتضمن هبوط طفيف في الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل, ولذلك يبدو أن صانعي السياسة أقل قلقاً من الأسواق حيال تداعيات الإستهلاك المحلي والإستثمار من الضعف في بقية العالم وأسعار الأصول الحساسة من الناحية الفنية.
ولا يزال صنّاع السياسة مرتاحين لفكرة أنهم قد يتجاوزون بشكل طفيف تقديرات المعدل المحايد في عام 2020 على الرغم من أن هذه التوقعات توصف بأنها مرتفعة للغاية.
فيما يخص تحركات الدولار يمكنك الإطلاع على مستويات الدعم والمقاومة للمؤشر من خلال مقالتنا السابقة (الدولار يعود للقمة! فماذا ينتظره بنهاية 2018).
أما ما وراء الإحتياطي الفيدرالي تبقى التجارة والسياسة موضوعات مهيمنة حيث مرر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون صندوق مؤقت لتفادي الإغلاق الفيدرالي الجزئي والحفاظ على تمويل الحكومة حتى 8 فبراير. في هذه الأثناء قال وزير الخزينة ستيفن منوشين إن أمريكا والصين تخططان لعقد إجتماعات في يناير للتفاوض على هدنة تجارية أوسع.
تويتر:
Abdelhamid_TnT@