خلال الستة أشهر الأخيرة , كان من المهم لنا أن نعيد قراءة العديد من المؤشرات والمقارنات في الأسواق العالمية , هي حتماً غير كافية للحكم على الأداء الشامل ولكنها مهمة للغاية لتعطينا فكرة واضحة عن المعنويات الحالية في السوق وكيف يمكن أن تكون التوجهات خلال الأشهر القادمة .
لطالما كان ضعف اليورو وبقاء أسعار الفائدة الأوربية عند الصفر 0.0% حالياً في صالح بقاء شراء الأصول عالية المخاطر الأوربية ومنها مؤشرات الأسهم وفي مقدمتها الداكس الألماني . هكذا كانت القاعدة الى حد ما , ولكن خلال الستة أشهر الأخيرة , منذ شهر أيار الفائت 2018 الى الآن لا يبدو أن هذه المقارنة تجد مكاناً لها . خسر مؤشر داكس الألماني قرابة 1800 نقطة أي ما يعادل 13% خلال ستة أشهر , من مستويات قريبة عند 13000 نقطة الى 11190 نقطة حالياً , هذا ولا شك تراجع قاسي . في نفس الفترة خسر اليورو مستويات 1.19$ مقابل الدولار الأمريكي ليتداول حالياً عند مستويات 1.1430$ أي خسارة 500 نقطة كاملة وهذه أيضاً خسارة كبيرة خاصةً عندما تكون التقلبات اليومية ضعيفة . على الجانب الآخر من الأطلسي , وعلى الرغم من التراجع القاسي لمؤشرات الأسهم الأمريكية مع نهاية العام الفائت الا أن مؤشر داو جونز مثلاً بقي محافظاً على مستوياته التي كان عندها قبل ستة أشهر مرتفعاً قرابة 1% , كان في أيار 2018 قريباً من 24915 نقطة واليوم عند مستويات 25205 نقطة على الرغم من أن أسعار الفائدة ألأمريكية مرتفعة أكثر من الأوربية , حالياً عند 2.5% . من المهم حقيقةً التركيز على أن الأداء الحالي لليورو وللمؤشرات الأوربية التي تعكس حقيقتين :
أولاً , عدم الاستقرار السياسي الناتج عن المفاوضات الفاشلة الى الآن بشأن البريكزت وتبعاتها المستقبلية.
ثانياً , الأداء الضعيف للمنطقة الأوربية نسبياً والتي لن تجعل من رفع الفائدة عملاً سهلاً.
باعتقادنا أن هذا التراجع ليس سيئاً بالمطلق خاصةً اذا كان كنتيجة لتراجع حقيقي أو عوامل اقتصادية أساسية لأننا نراها فرصة ممتازة خلال الأشهر القادمة . من الأفضل أن يكون ارتفاع المؤشرات منطقياً مرتبطاً بسياسة نقدية وعوامل أساسية أكثر من كونه مرتبط بفائدة متدنية وسيولة رخيصة . ارتبط التراجع القاسي لمؤشرات الأسهم الأمريكية مع نهاية العام الفائت بارتفاع الفائدة وبداية انحسار مستويات السيولة بسبب التشديد النقدي , ولكننا نعتقد أنه من المبالغة بمكان الكلام عن انحسار لهذه المستويات خاصة أنه من المستبعد أن تستمر الفائدة الأمريكية بالارتفاع خلال العام الجاري .
لم ترتفع معدلات التضخم الأمريكي بقوة بل بقيت عند مستويات 1.9% وهذا بالمناسبة عامل ممتاز جداً للمستهلك الأمريكي حيث سوق العمل في أفضل أيامه منذ خمسين عاماً حتى لو كان تحسن الأجور بطيئاً. هذا الجانب بالذات سيكون لصالح إبقاء الفائدة الأمريكية كما هي دون تغيير ليس قبل ستة أشهر على أقل تقدير , وهذا يعني أن الإيجابية مع الصين سترفع المؤشرات مجدداً وستلحق المؤشرات الأوربية بها . لن يكون هناك من عوامل قاسية للمؤشرات الأوربية أكثر من السياسية , اذا استطاعت تجاوز تأثيرها سيكون شراؤها للمدى المتوسط خياراً جيداً .