كما هو متوقع بشكل كبير، رفعت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة معدلات الفائدة بـ25 نقطة أساس حيث زادت النطاق المستهدف للأموال الفيدرالية إلى 0.50% - 0.75%. وبعد تعرض الدولار الأمريكي لضعف كبير قبيل القرار، ارتفع أداؤه مقابل معظم نظرائه حيث كشفت جانيت يلين رئيسة الفيدرالي تحولاً متفائلاً في توقعات أعضاء الفيدرالي. وفي الواقع، أمام السوق متسع من الوقت لاحتساب رفع معدلات الفائدة مرة ثانية بعد عام بالضبط من بدء الفيدرالي لعملية التطبيع. إلا أن السوق كانت تبحث عن رفع معدلات الفائدة مرتين فقط خلال عام 2017 بينما أظهرت التوقعات بشأن الاقتصاد ومعدل الفائدة على الأموال الفيدرالية توقع اللجنة حركة تشديد ثالثة.
وبالنظر إلى التصريح، قامت اللجنة ببعض التغييرات معظمها تغييرات متشددة حيث أنها أقرت التحسن الأخير لظروف سوق العمل والتضخم التي تحققت والمتوقعة. فلقد تراجعت معدلات البطالة إلى 4.6% في تشرين الثاني ووصلت إلى ما يسميه الفيدرالي بمعدلات البطالة "الهيكلية". هذا بالإضافة إلى أن التوقعات المستقبلية لمعدلات التضخم قد تحسنت بشكل كبير (حتى قبل انتخاب دونالد ترامب) مع استمرار مقياس الانفاق الاستهلاكي الشخصي في الارتفاع (1.7% على أساس سنوي في تشرين الأول) بينما ارتفع المقياس الرئيسي ارتفاعاً حاداً وسط نعافي أسعار السلع.
وعلى الرغم من التحول المتفائل في المسار المتوقع لسياسة الفيدرالي في 2017 - 2019، نعتقد أنه من المفيد أن نتذكر أن الأمر سيكون أشبه بهذا العام أي أن مسار السياسة سيتحدد بالبيانات. ووفقاً للبيانات التاريخية، كان الفيدرالي غير دقيق في معظم الأوقات التي حاول فيها التنبؤ بمسار سياسته النقدية. فهل تتذكرون أن أعضاء الفيدرالي توقعوا رفع معدلات الفائدة أربع مرات خلال هذا العام؟ وبالتالي، نعتقد أن السوق قد سبقت الأحداث بفضل ترامب الذي دعم توقعات السوق بخطته للتحفيز المالي والتي لا يعرف أحد تفاصيلها أو جدواها، كما أصبحت السوق متفائلة بشأن التوقعات المستقبلية للولايات المتحدة على خلفية البيانات الاقتصادية المتباينة والتوقعات المستقبلية السياسية غير الواضحة.
وفي الوقاع، كانت البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخراً مخيبة للآمال وفشلت في تأكيد البيانات الإيجابية الصادرة في تشرين الأول. وفي تشرين الثاني، كان تحسن معدلات البطالة نتيجةً لتراجع معدلات المشاركة التي عادت إلى 62.7%. وانكمش متوسط الدخل في الساعة بـ0.1% على أساس سنوي بينما تراجع المقياس إلى 2.5% من 2.8% على أساس سنوي في الشهر السابق. وخالفت مبيعات التجزئة التوقعات وارتفعت بـ0.1% على أساس شهري مقابل توقعات بـ0.3%، بينما ارتفع المقياس الذي يستثني السيارات والغاز بـ0.2% على أساس شهري مقابل توقعات بـ0.4%. وأخيراً انكمش الإنتاج الصناعي بـ0.4% في تشرين الثاني مما أدى إلى اقتراب متوسط الستة أشهر من المنطقة السلبية مما يشير إلى أن هناك تباطؤ كبير في القطاع.