منذ 41 عاماً لم نرَ أسعار المستهلكين الامريكية بهذا السوء ( التضخم ) حيث تحوم اعلى مستويات 8.5%
سعر لتر البنزين الآن في كاليفورنيا حيث نكتب المقال قرب مستويات 6.5 دولارًا، والسولار أغلى، والغاز ينتقم.
عزيزي القارئ إن ارتفاع أسعار الوقود دائماً ما يتبعه ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات لأن نمط الحياة الحديث يعتمد بشكل كلي على الذهب الأسود ومشتقاته.
لكن ومن ناحية أخرى هناك 9.7 تريليون دولار تمت طباعتهم منذ 2020 حتى الآن، وهو تقريبًا نصف الناتج القومي الأمريكي في عام واحد ، تلك الكمية المذهلة من الأموال لم يقابلها إنتاج موازي من السلع والخدمات.
عزيزي القارئ إن كنت تعتقد أن التضخم الآن بلغ ذروته ، احب ان انبهك ان التضخم في الولايات المتحدة لم يرتفع بعد.
لجأ الفيدرالي في الشهرين الاخيرين الى ورقة رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم ، بل ورأينا تطرفاً في رفع الأسعار والوتيرة التي يعد بها الفيدرالي ، واللعبة هنا ان كنت تنظر إلى البيانات فقط ليست لعبة تضخم وفائدة .
اللعبة هي كيف تصنع قيمة لما ليس له قيمة.
كما تشاهد اسعار جميع العملات في العالم تقريبا عدا الروبل الروسي تنهار وبقوة مقابل الدولار ، كذلك الذهب الذي يقف مكتوف اليدين تعجزه بيانات الفيدرالي بمرونته وجرأته على رفع أسعار الفائدة ، ولكن الدنيا ليست وردية والحلول ليست سهلة ، قليل من يعلم ذلك وخصوصا اعضاء الفيدرالي.
في المقابل يجب ان تراقب عوائد جميع السندات الامريكية والتي تقل عن 3% والتي تشهد طفرة سعرية تلك الأيام بسبب وعود الفيدرالي برفع الفائدة وخفض التضخم، لكن العائق أن مدة تلك السندات الأشهر هي 10 سنوات.
تدفع الآن لتحصل على فائدة 3% سنوياً بينما تخسر تضخم 8.6% سنوياً، أي أنك ستخسر سنوياً 5.6% هذا إذا استطاعوا تثبيت التضخم على الأسعار الحالية . وهذا ما يعني انك بعد العشر سنوات وعند استحقاق أموالك، ستجد أنك خسرت أكثر من 90% من قيمتها الشرائية ، وتلك هي المعضلة المرعبة والتي لا يراها إلا القليل، أن السندات الامريكية الان قد تصبح عديمة الجدوى، وفاقدة للبريق وقد لا تجد مشتري، وبالتالي ستخسر الخزانة الامريكية عوائد هائلة من بيع تلك السندات، لذا نرى الفيدرالي يقوم بنفسه بشراء السندات التي يطرحها كي لا تنهار قيمتها وتضيع.
الأزمة الأخرى والتي يعيها الفيدرالي هي المشاكل في سلاسل الإمداد. تخيل معي عزيزي القارئ تضخم كبير ومنتجات أقل، لذلك نشهد تلك الأيام تخفيض التعريفات الجمركية على الصين وغيرها لجلب بضائع لسد فجوة الأسواق، لكن الصين تعي ذلك ولذلك تلعب على وتر تايوان.
معطيات كثيرة لا اريد ان أزحم عقلك بها ولكن اختصارًا فالوضع الحالي، هو أن الفيدرالي أدرك انه أخطأ حينما طبع هذا الكم الهائل من الأموال، ولم يعمل حساب أي توترات جيوسياسية قد تزيد من ارتفاع الأسعار فحدثت الحرب الروسية الأوكرانية لتطير باسعار النفط والغاز والحبوب لمستويات قياسية ، ليزيد التضخم قوة وشراسة.
والآن سأسافر الى المستقبل وانقل لك بعض الاحداث:
1- الفيدرالي سيستمر في رفع الفائدة وبقوة
2- التضخم لن يستجيب لرفع الفائدة وسيزداد ارتفاعاً
3- ستزداد المشاكل في سلاسل الإمداد بسبب التقارب الروسي الصيني
4- سيعاود الدولار الانخفاض إلى أسعار لم يشاهدها المتداولون الحاليون منذ عشرين عاماً
5- الذهب سيتجاوز عتبة الـ 2500 دولارًا للأوقية
6- أسواق الأسهم الأمريكية ستخسر نصف قيمتها
7- سيتجاوز مستوى البطالة الامريكية مستويات الـ 7%
8- شركات أمريكية كبرى وصغرى ستبدأ في تسريح العمال
9- الركود الأمريكي سيكون طويل الأجل ولن يقل عن عقد كامل
10- سيتم تغيير كل نظم السياسة النقدية الأمريكية
لم أسافر كثيرا، كل هذه الأحداث سنشهدها من نهاية هذا العام، وحتى مطلع 2024
ارجو مراجعة مقالنا يوم 5 يناير مطلع هذا العام بعنوان ( اقفزوا من تلك السفينة )
ارجو كذلك القراءة عن ملامح بداية الكساد الكبير في الربع الأول من القرن الماضي
كريم راغب .. محلل فني