أصبحت العملة الرقمية “بتكوين” تمثل تحولا تكنولوجيا في التداول المالي و أساليبه في أنحاء العالم. متجاوزة كل النظم المالية والنقدية التقليدية في العالم، فلا مصرف مركزيًّا و لا طباعة نقد و لا حكومة تُخضِعها باسعار الفائدة. لتتغلب هذه العملة الرقمية على كل العملات الصعبة و بأشواط وتجاوزت الذهب و بأشواط أيضا.
يعود أصل “البتكوين” العملة الرقمية الأقوى من بين العملات الرقمية في العالم، والتي نالت شهرة واسعة، إلى عام 2008 حين ابتكرها شخص أطلق على نفسه “ساتوشي ناكاموتو”، ووصفها بأنها نظام نقدي إلكتروني يعتمد في التعاملات المالية على مبدأ الند للند، وهو اصطلاح تقني يعني التعامل المباشر بين مستخدم وآخر دون وجود وسيط، وتعتبر ألمانيا من أوائل الدول التي اعترفت رسميا به.
من الناحية الاقتصادية، شهدت انطلاقة “البتكوين” بسعر لا يتعدى عن 1155 دولار للبيتكوين الواحد سنة 2013، وذلك بسبب الطلب المتزايد عليها. وبعد ارتداد السعر الى 653 دولار شهدت عملة “البيتكوين” بدءًا من سنة 2017 ارتفاعات كبيرة إلى ان وصل حاليا سعر الوحدة الواحدة 18000 دولار
إذا ما حاولنا البحث عن أسباب ارتفاع سعر البيتكوين والحقائق بخصوص نجاحها المذهل، فإننا نجد أن أهم عوامل نجاح هذه العملة هو اعتمادها الرسمي في سنة 2017 من قبل اليابان كعملة قانونية للشراء والبيع، وأيضا اعتمادها من قبل بعض شركات الطيران لشراء التذاكر بشكل رسمي. وهو ما أدى إلى زيادة الإقبال عليها بشكل لافت.
قفزت القيمة الإجمالية لعملة "بيتكوين" إلى أكثر من 203 مليارات دولار لتصل بذلك إلى ضعف القيمة الإجمالية لبنك "غولدمان ساكس" أحد أكبر البنوك الدولية.وتلقت "بيتكوين" دعما بعد إعلان الجهة الرئيسية المنظمة لسوق المشتقات في الولايات المتحدة يوم الجمعة، أنها ستسمح لمجموعة "سي.إم.إي"، و"سي.بي.أو.إي غلوبال ماركتس" بإدراج عقود بيتكوين آجلة.
أعلنت بورصة شيكاغو إحدى أكبر الشركات القابضة للبورصات في العالم، وأكبر بورصة لعقود الخيارات، أنها ستسمح لعملائها بالتداول على العقود المستقبلية للعملة الرقمية اعتباراً من مساء يوم الأحد القادم.
اذًا نحن فعليا بصدد تحول اقتصادي كبير بالنسبة للسوق حيث الموجة الراكبة الآن هي موجة العملات الرقمية، ولا نتحدث هنا فقط عن بيتكوين وإنما عن اكثر من 170 عملة رقمية أخرى منها 6 عملات الأكثر انتشارا.
هذه العملة بدأت تشق طريقها إلى دول عربية عدة، واصبحت العديد من مراكز البيع بها تعتمده بشكل رسمي. وأهم ما يُفسِّر اهتمام الاسواق الكبير بهذه العملة الرقمية الغير ملموسة هو التغيرات والتقلبات الكثير بالسوق، بحيث أصبحت ملاذا آمنا للكثير من الناس للتحوط من تقلبات الأسواق. لكن من ناحية اخرى، بالرغم من المكاسب الكبيرة التي تحرزها هذه العملة مع تنامي الاقتصاد الرقمي، فإنها شهدت ارتدادًا باسعارها أكثر من مرة خلال السنوات السابقة! وذلك بسبب وجود سقف سعري لهذه العملة.
هل البتكوين مصدر في المستقبل الي التمويل الجماعي ؟
التمويل الجماعي هو أسلوب جديد في الحصول على التمويل وذلك بالتوجه المباشر إلى جموع الناس Crowd حول العالم عبر الانترنت وطلب التمويل منهم لخدمة مبادرة ما. أصبح هذا الأسلوب بديلا عن أساليب التمويل التقليدية التي تعتمد على المؤسسات كالبنوك والحكومات والشركات الاستثمارية.
يمكننا من خلال التمويل الجماعي الاستغناء عن تمويل المؤسسات بالتوجه المباشر إلى جموع الناس، وهذا بحد ذاته يحل مشاكل كثيرة في حياتنا. يحتاج الحصول على التمويل من المؤسسات إلى تلبية شروط معقدة وصعبة بشكل عام، وبسبب هذه الشروط وتعقيداتها تموت الكثير من أفكار المشاريع والمبادرات الرائعة التي لو أتيح لها فرصة التمويل لكانت أثرت حياتنا وغيرتها نحو الأفضل.
بدأ أسلوب التمويل الجماعي بالظهور والانتشار في بدايات عام 2010 وذلك بسبب انتشار الانترنت، وظهور منصات متخصصة بالتمويل الجماعي Crowdfunding Platforms، وتطور وسائل الدفع الالكتروني عبر الانترنت ووصولها إلى متناول الناس جميعاً، بالإضافة إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها المتزايد في حشد الناس لدعم المبادرات وتشكيل المجموعات.
أدت كل هذه الأسباب متجمعة إلى ثورة في انتشار التمويل الجماعي كان لها الكثير من التغييرات الايجابية من حولنا.
نشر البنك الدولي دراسة عن هذه الثورة والفرص التي تصنعها للعالم النامي في عام 2013. تشير تقديرات الدراسة إلى حجم فرص عالمي يمكن أن يصل إلى 96 مليار دولار تقريباً. تبلغ حصة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منها 5.5 مليار دولار تقريباً.
بمعنى آخر، نستطيع بهذا الأسلوب أن نؤمن تمويلاً في منطقتنا العربية يمكن توظيفه لأهداف مختلفة إن أحسنّا التصرف واستغلال هذه الطريقة.
ونحن لانعتقد ان التمويل الجماعي سوف يعتمد علي البتكوين في سريعا فهو سوف يحتاج بعض السنوات من اجل كسب الثقة مع جميع الممولين .