من الواضح أن السوق ترى أن شيئًا ما قد تغير تغيرًا جوهريا؛ فمعدلات التضخم تتراجع وتتراجع معها توقعات التضخم وأسعار الفائدة. ويذكر أن معدل التضخم المحقق للتعادل لأجل 5 سنوات قد انخفض منذ بداية شهر أغسطس بمقدار 40 نقطة أساس في الولايات المتحدة، و 18 نقطة أساس في منطقة اليورو و 29 نقطة أساس في المملكة المتحدة. (وقد ارتفع المعدل في اليابان، ولكن يبدو ذلك بسبب تغيير السندات التي يتم الحساب منها). كما أن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد عادت إلى المستويات التي كانت عليها قبل الحديث عن قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتقليص مشترياته الشهرية من السندات. ويبدو أن الأمر لا يقتصر على أن المشاركين في السوق يشعرون بالقلق بشأن توقعات التضخم وإنما يشعرون بالقلق أيضا بشأن قدرة البنوك المركزية على فعل أي شيء حيال ذلك. وربما كان هذا هو أكبر مصدر للقلق. ومنذ أن كان آلان غرينسبان رئيسًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، كان من المفترض دائما أنه إذا تعرض العالم للمشاكل فإن البنوك المركزية ستهب لإنقاذه. أما الآن فإن الأسواق تتساءل إذا كان هذا ممكنا بالفعل. وفي ظل أن أسعار الفائدة تستقر بالفعل عند مستوى الصفر وتراجع الثقة في فعالية التيسير الكمي، فإن المستثمرين يتساءلون ما هو نوع المواد - إن وجدت – التي نسجت منها شبكة الأمان العالمي. وقد باتت قدرة البنوك المركزية موضع شك..
ومع ذلك، يظهر نشاط السوق أن المستثمرين لم يستسلموا بعد؛ فحقيقة أن الكرونة السويدية والدولار الأسترالي والدولار النيوزلندي، وهي عملات شديدة التأثر بالنمو، كانت أفضل عملات مجموعة العشر أداء خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية يظهر ثقة ملحوظة في النمو العالمي في وقت شهدت فيه أسواق الأسهم انخفاضًا كبيرًا. (لاحظ أن السوق الأسترالي كان مرتفعًا مساء أمس على الرغم من انخفاض السوق النيوزيلندي). أما الكرونة السويدية فقد ارتفعت توقعًا لارتفاع معدل التضخم اليوم (انظر السطور التالية). كما حصل الدولار الأسترالي والدولار النيوزلندي على دفعة بعد قيان البنك المركزي الصيني بخفض سعر فائدة إعادة الشراء (الريبو) للمرة الثانية في أقل من شهر. وفي حين أن السوق قد تأمل أن يقوم البنك المركزي الصيني بمزيد من التيسير نقلت مؤسسة ماركت نيوز إنترناشونال عن "مصدر مقرب من البنك المركزي الصيني" قوله إن هذا الإجراء لم يكن جزءا من تدابير "التيسير المستهدف" التي تقوم بها بكين ولكنه مجرد محاولة لتخفيف العبء على المشاريع الصغيرة. وبناء على ذلك فإنني أتوقع أن يكون لتراجع سوق الأسهم العالمية تأثير أقوى على الدولار الاسترالي والدولار النيوزيلندي كما أرى أن هناك احتمال قوي بأن تشهد العملتين الانخفاض مرة أخرى.