هل سيتمكن النفط من الانتعاش (أو أن هذه المرة في الواقع مختلفة)؟

تم النشر 02/03/2016, 11:51
محدث 02/09/2020, 09:05
DX
-
CL
-

بقلم: كليمنت تيبو

أحد الأساليب الشهيرة لقياس توقيت السوق تشبه التالي: لا يجب عليك أبدا محاولة الامساك بسكين أثناء سقوطها. وحين يتعلق الأمر بسعر النفط،على أي حال، ربما ينبغي أن يكون هناك أساليب مختلفة للقياس. ماذا لو كنت تعرف بالفعل أن هناك نمط تاريخي: السكين يقع دائما، يرتطم بالأرض، ثم يقفز ليعود من جهة المقبض بدلا من جهة شفرة السكين؟ ماذا ستفعل بعد ذلك؟

سعر النفط ما زال سكينا، بالطبع، ولا زال خطراً، لكنه بعيد كل البعد عن فكرة أنه سكين ساقط. بأسعار اليوم، يظهر النفط كأنه ذلك السكين الملتزم. في الواقع، تاريخيا، عندما يهبط النفط الخام بشكل كبير، فإنه دائما يتمكن من النهوض من الرماد. وبالنسبة لأولئك الذين يملكون الشجاعة الكافية للشراء من القاع، فإن هناك أرباحاً كبيرة يمكن تحقيقها في نهاية المطاف.

وبالنظر إلى السنوات العشر الماضية، شهدنا بعض الصعود والهبوط في أسعار النفط. في حين أن أسعار اليوم تعتبر في أدنى مستوى لها خلال العقد الماضي، بانخفاض 75% منذ صيف عام 2014، فإن هذا الهبوط ليس الأكبر، للانخفاض غير المنقطع خلال هذا الإطار الزمني.

في الواقع، أن "شرف الهبوط الأكبر" تحمله تراجعات السلع على مدار ستة أشهر التي شهدناها بين يوليو 2008 ويناير 2009. حيث انخفضت أسعار النفط في تلك الفترة بنسبة تصل إلى 78%، من 147 دولار إلى 32 دولار للبرميل.

زمنيا، حدث أول انخفاض خطير للأسعار خلال العقد الماضي بين يوليو 2006 ويناير 2007. خلال صيف 2006، وكانت أسعار النفط قد وصلت إلى 78 دولار للبرميل بعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله على الحدود الشمالية لإسرائيل من بين مجموعة من الأحداث الأخرى.

ثم شرعت الأسعار بعد ذلك بالانخفاض، بشكل جزئي نتيجة موسم الأعاصير في خريف عام 2006 - عادة ما يتم إخلاء منصات النفط في تلك الأوقات حفاظاً على سلامة العاملين، وبالتالي يؤدي إلى تراجع العرض وارتفاع الأسعار - ولكن هذا الارتفاع كان معتدلاً نسبيا. ولذلك، استمر الانتاج دون انقطاع، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط، التي كانت قد تم استيعابها بالفعل في آثار موسم الأعاصير.

بحلول يناير 2007 كان يتم بيع برميل النفط بمبلغ 50 دولار فقط وهو ما يعتبر تراجعا كبيرا بنسبة 36.35%. قد يتذكر بعض القراء ما حدث بعد ذلك: بعد 6 أشهر من هذا الهبوط، خلال شهر يوليو عام 2007، عادت أسعار البترول إلى نفس أسعار العام السابق عند 78 دولار للبرميل. هذا الارتفاع جاء بدعم من الطلب القوي في آسيا، واستفاد المستثمرين من ذلك بعوائد تجاوزت 56% خلال عام ونصف العام.

حدث الانهيار الآخر في أسعار النفط لهذا العقد خلال النصف الثاني من عام 2008. الطلب الآسيوي القوي، وكذلك الأموال الجديدة من المستثمرين الذين يستكشفون قطاع السلع الأساسية، قفزت بالنفط إلى وجهة مجهولة، ليحقق أعلى سعر له تاريخيا عند 147 دولار للبرميل.

بعد ذلك بوقت قصير، دفعت الأزمة الاقتصادية المالية العالمية كل من العالم المالي والنفط إلى الركوع، حيث تراجعت أسعار النفط بقوة لتصل إلى 32 دولار للبرميل خلال شهر يناير 2009، ما يشكل تراجعا سلبيا بنسبة -78%. وتوقع المتشائمون نهاية العالم في ذلك الوقت، ولكن المكافأة كانت من نصيب المتفائلين الأذكياء.

وارتفعت أسعار النفط إلى 73 دولار في يونيو 2009، أو ما يعادل 126% أكثر مما كان سعره قبل 6 أشهر فقط. كثيرون في السوق يعتبرون هذا الارتفاع الغريب (وصعب التفسير) على أنه نتيجة مباشرة للتيسير الكمي الأول من الاحتياطي الفيدرالي.

Trading NRG :الرسم البياني

أدى الربيع العربي في عام 2010 والأزمة الليبية إلى ارتفاع أسعار النفط في في عام 2011 - ليصل إلى أعلى أسعاره عند 114 دولار في شهر مايو. وفي وقت لاحق، أثرت أزمة الديون اليونانية على كل من الأسهم والسلع، ونتيجة لذلك تراجعت الأسعار من مستوياتها القياسية السابقة.

وبالإضافة إلى ذلك، التراجع في الطلب المتوقع على الطاقة، فضلا عن المخاوف من ركود محتمل، دفع بالأسعار نحو مستوى 75 دولار في سبتمبر من ذلك العام، وليفقد بذلك ما نسبته 34% من قيمته. ثم تحول المشهد الجيوسياسي مرة أخرى.

إيران، مدفوعة بغضبها من العقوبات ضد طوحاتها النووية، أخافت المستثمرين الذين اعتقدوا أن النظام الفارسي قد يغلق مضيق هرمز، والذي من الممكن أن يتسبب في نقص عالمي للطاقة. قاد هذا الخوف إلى ارتفاع أسعار النفط، إلى 110 دولار للبرميل في مارس 2012 أو ما يصل إلى أكثر من 47% بالمقارنة مع أدنى مستوياته في سبتمبر.

وفي الآونة الأخيرة، وتحديداً قبل عام ونصف مضت، أدت زيادة الانتاج في الولايات المتحدة الأمريكية مصحوبة بانخفاض في الطلب العالمي إلى وجود الفائض في العرض الذي نعاني منه حالياً. وانخفض النفط من أعلى سعر له في 14 يوليو عند 106 دولار ليصل إلى 43 دولار للبرميل في 15 يناير.

لكن النفط كونه نفطاً، فإن التقلبات في الأسواق كانت مفيدة لأولئك الذين استعدوا لالتقاط السكين. قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعدم رفع أسعار الفائدة بسرعة كبيرة جدا، جنبا إلى جنب مع التباطؤ في الإنتاج من عمليات الحفر الصخري الأمريكية والعنف في اليمن، أدت إلى ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى، إلى 62 دولار في مايو 2015، بمكاسب بلغت 43% من أدنى نقطة وصلها أثناء المخاوف من الفائض في العرض.

الرسم البياني الشهري للنفط  2006 - 2016

ومن الواضح أن هناك اتجاها هنا. أولا، فإنه ينبغي الاعتراف بأن التغيرات المفاجئة في الظروف الجيوسياسية تؤثر على أسعار السلع الأساسية، ولكن رغم ذلك فإن السلع، في هذه الحالة النفط، لديه ميل واضح ومثبت للانتعاش.

منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن، فإنه كلما أغرقت المملكة العربية السعودية سوق النفط - الذي يشبه بشكل كبير ما يقومون به اليوم - فإنه في الوقت نفسه تخفض المملكة الصحراوية من انتاجها للنفط في الوقت الذي يساهم أعضاء أوبك ببعض الخفض في الانتاج كوسيلة لدفع الأسعار للارتفاع لإظهار سيطرتهم على أسواق النفط.

لكن المشهد الحالي في سوق النفط قد دفع أكبر مصدر للنفط في العالم إلى إبقاء نشاط الضخ عند مستوياته القياسية، من أجل طرد اللاعبين الصغار في السوق مثل التنقيب عن النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكي وكندا وفي الوقت نفسه انتزاع حصة سوقية إضافية.

ويبدو أن نوايا إيران مشابهة. بعد معاناة لعدة سنوات من العقوبات فإن ظهران حريصة على زيادة الانتاج حتى تعود مستويات صادراتها إلى مستويات قريبة من مستوياتها قبل فرض العقوبات. وهو ما يعني أن هناك مليون برميل يوميا أخرى من النفط الايراني ستغرق السوق الذي يمر بمرحلة الفائض في العرض فعليا.

يبدو كأن الأسعار في سباق نحو القاع بطريقة لم نشهدها من قبل، سباق يعتقد كل من السعوديون والأمريكيون والايرانيون بأنهم سيفوزون به. والسؤال إذن هو من سيكون الأول لكسر آلام انخفاض الأسعار؟

وبالنسبة للمستثمرين، قد يكون السؤال الأكثر أهمية. كم من الوقت سوف يمر حتى عكس الاتجاه، وحتى يبدأ النفط بالانتعاش؟

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.