بعد يوم حافل شهدناه أمس وسط اصدار العديد من الشركات الأوروبية و العالمية بياناتها المالية و التي ساعدت في تحسين الصورة الحالة للأوضاع الاقتصادية نظراً لما اظهرته من نتائج مبهجة، و التي ساعدت في تحسين الشعور العام و شغلت اهتمام المستثمرين بعض الشيء، نترقب اليوم حفنة من بيانات الثقة الصادرة من منطقة اليورو على أمل ظهور بعض الاشارات الايجابية، هذا عدا طبعاً عن مجموعة الشركات التي ستقوم غداً باصدار نتائجها المالية.
تتسلط الأضواء في هذه الأوقات على نتائج أعمال الشركات التي تُظهر أرقاماً ممتازة و مبهجة حتى الآن لتلعب دور مهم جداً و رئيسي في تحسين الشهور العام و تشتيت تركيز المستثمرين و خوفهم الذي انصب مؤخراً على تكاليف الاقتراض التي لبثت بالصعود خصوصاً على الدولة المتعثرة لتُشكل سحابة سوداء تُغطي مستقبل تلك الدول و على رأسها اسبانيا.
و كما كان هو الحال أمس، نحن نعتقد استمرارية جلب نتائج أعمال الشركات اهتمام المستثمرين و تركيزهم المطلق على هذه النتائج، خاصة و شهدنا أمس خلو الأجندة الاقتصادية من البيانات خاصة من منطقة اليورو، و لكن أظهرت بريطانيا بيانات النمو لديها لتُثبت رسمياً دخولها في دائرة الركود الاقتصادي بعد تسجيلها انكماشاً في الربع الأول و الذي يُعتبر ثاني ربع على التوالي ينكمش به الاقتصاد الملكي.
و بتلك البيانات الاقتصادية على الاقتصاد الملكي أصبحت المهمة صعبة جداً على صناع القرار البريطانيين خاصة مع عودة اقتصادها للركود المزدوج على الرغم من ارتفاع أسهار المستهلكين لمستويات تفوق بكثير المستويات المقبولة للمركزي البريطاني، و الذي يجعل قرار تحفيز الاقتصاد بالمزيد من السيولة هو قرار مصير. و لكن ننوه هنا عزيزي القارئ إلى أنه على الرغم من جهود المركزي البريطاني برفع برنامج شراء الأصول و تحفيز الاقتصاد إلا أن هذا لم يحد من الانحدار الذي يتجهه الاقتصاد الملكي.
و لكن على الرغم من هذه البيانات المحبطة، إلا ان المستثمرين و الأسواق المالية قد تتبعوا نتائج الأعمال كما أشرنا و استمدوا منها بعض التفاؤل لنشهد موجة تفاؤل رفعت من الاسواق المالية الأوروبية سواء مؤشرات الأسهم الرئيسية أم العملات الأوروبية التي استطاعت أمس التغلب على نظراؤها.
و اليوم، سيبقى تركيز المستثمرين الأكبر على نتائج الشركات المالية خاصة و ان كبرى الشركات الأوروبية و العالمية على موعد غداَ لاصدار نتائجها، مع توقعات مختلطة اغلبها قد يحقق أرباحاً تفوق التوقعات كنتائج الشركات السابقة، و لكن هذا لا يمنع خوض المستثمرين بمسألمة الثقة في منطقة اليورو التي سيتم اصدار بياناتها غداً مع احتمالية نتائج مختلطة.
فمن المتوقع أن تتحسن الثقة في قطاع الصناعة لشهر نيسان و لكنها قد تتراجع من ناحية اخرى في قطاعات الخدمات و بالاقتصاد بشكل عام، و ذلك وسط أزمة الديون السيادية التي أثقلت كاهل اقتصاد المنطقة و ضربت بمطرقة من حديد مستويات الثقة في المنطقة، لنشهد حالة توتر و خوف مستمر يتحلّى بها رجال الأعمال الأوروبيين، فبعد أن تلاشت هذه المخاوف بعض الشيء، شهدنا عودتها للساحة بعد ارتفاع تكاليف الاقتراض بشكل كبير على الدول المتعثرة على رأسها اسبانيا و من ثم ايطاليا.
و سنشهد غداً مدى ثقة المستثمرين بايطاليا بعد ان شهدنا عدم ثقتهم باسبانيا و مستقبلها بعد الارتفاع الكبير التي شهدته مستويات الاقراض الاسبانية، و ستعقد ايطالياً غداً مزاد لبيع السندات قصيرة الأمدى التي تستحق بعد ستة أشهر، و لكنه لا يعتبر اختبار حقيق لمستوى الثقة لمستقبل الاقتصاد الايطالي كونها سندات قصيرة الأمد، و لكنها ستقوم في اليوم الذي يلي غداً مزاد يشمل سندات طويلة و قصيرة الأمد و الذي يعكس مدى ثقة الأسواق بقدرتها على الصمود على المدى الطويل.
و بشكل عام، سيبقى تركيز المستثمرين الأكبر على نتائج الشركات المالية مع حفنة من الشركات الأوروبية الهامة ستقوم اليوم بالافصاح عن نتائجها للربع الأول من العام الجاري، لتستمر موجة التحرير أو التعافي الطفيفة بدعم الأسواق المالية، خاصة بعد تعليقات الفيدرالي أمس بأنه سيُثبت على سياسته المالية الميسرة إلى فترة طويلة في سبيل دعم مسيرة التعافي الهشة نوعاً ما في الاقتصاد الأكبر عالمياً.