عمرو فهمي.
القاهرة، 23 يونيو/حزيران (إفي): ست سنوات مرت منذ قرار الاعتزال للأسطورة زين الدين زيدان أدركت فرنسا خلالها أن سفينتها لا تعرف الإبحار دون وجود ربان بارع يفتح أمام طموحها الآفاق مثلما فعل نابوليون بونابرت بحملاته العسكرية بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
وتأكدت هذه الحقيقة بخسارة مؤلمة أمام إسبانيا بهدفين في ربع نهائي "يورو 2012" مساء السبت، لتبقى الديوك عاجزة عن الصياح في ثالث بطولة كبرى منذ اعتزال "زيزو" بعد خروجين من الدور الأول في يورو 2008 وكأس العالم 2010.
وتشبه الفترة الراهنة للكرة الفرنسية ما عاناه الفريق الأزرق بعد اعتزال الأسطورة ميشيل بلاتيني صاحب إنجاز الفوز بلقب يورو 1984 والمربع الذهبي في مونديالي 1982 و1986 ليغيب الفريق بعدها عن المونديال مرتين متتاليتين ويفشل أوروبيا حتى يأتي زيزو ليصل ببلاده إلى نصف نهائي يورو 1996.
ويخشى الفرنسيون أن يكونوا في أواسط عشر سنوات أخرى كالتي فصلت بين أفول نجم بلاتيني وبزوغ زيدان يكون مقدرا للفريق فيها أن يبتعد عن المنافسة على الألقاب في ظل غيبة القائد الملهم أو الإمام الذي بإمكانه السير على خطى الأسطورتين السابقتين.
وعلى الرغم من حالة التفاؤل التي صاحبت ظهور مواهب فرنسية شابة مثل كريم بنزيمة وسمير نصري أو حتى حاتم بن عرفة فإن الفريق يظل مفتقدا لوجود لاعب بإمكانه صناعة الفارق في أية دقيقة من المباراة أو يقود المجموعة إلى الأمام دون انتظار معاونة من زملائه مثلما فعل زيزو في الطريق إلى نهائي مونديال 2006.
فعلى مدار مباريات يورو 2012 لم يسجل بنزيمة ولو هدفا واحدا وبدا معزولا في المقدمة مما اضطره إلى النزول لمساندة خط الوسط مثلما فعل في مباراة أوكرانيا حين تألق للمرة الأولى والأخيرة في البطولة.
وتذبذب أداء نصري بين تألق في المباراة الأولى أمام إنجلترا وابتعاد عن المستوى خاصة في لقاء السويد الذي انكشفت فيه عورات الدفاع الفرنسي البطيء وبدا وكأن الربط بين الخطوط حلم بعيد المنال للمدرب لوران بلان الذي زامل زيدان على المستطيل الأخضر ولعب تحت إمرة بلاتيني كمدرب.
أما بن عرفة فأثار ما يكفي من الجدل لإخراجه من الصورة تماما بطلبه الرحيل عن المعسكر، في حين اتسم أداء فرانك ريبيري بالفردية ليصبح بلان في حيرة من أمره أمام فريق بحجم إسبانيا بطلة العالم وأوروبا في الدور ربع النهائي.
ويزيد الطين بلة بالنسبة لبلان عدم وجود مواهب شابة قد يعقد عليها الأمل في خلافة بلاتيني وزيدان، وهو ما يعني أنه سيخوض بنفس الخامات تحديا جديدا أمام إسبانيا في تصفيات كأس العالم المقبلة دون ما يدعو للتفاؤل.
وإذا سلّم الفرنسيون بالحسابات وحاجتهم للانتظار فترة الغيبة كاملة المقدرة بعشر سنوات حتى ظهور الإمام المنتظر، فإن ذلك يعني عدم عقد الآمال على المونديال المقبل والانتظار حتى يورو 2016 التي ستقام على أرضهم بذكريات نسخة 1984 التي كشف فيها بلاتيني عن معجزاته. (إفي)