Investing.com - يتجه الذهب صوب انخفاض للأسبوع الثالث على التوالي، وما دفعه للانخفاض هذا الأسبوع ليس طريقة تعامل البنك المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) مع السياسة النقدية، مع استعداد الفيدرالي لترك التضخم يرتفع فوق الهدف المقرر له عند 2%.
قال جيروم باول، رئيس البنك المركزي الأمريكي، إن الفيدرالي سيسعى لجعل متوسط التضخم 2% على مدار الوقت، وتلك الخطوة تعني إطلاق الفيدرالي العنان للزيادات السعرية. وقال أيضًا: “لو استمر تراكم الضغوط التضخمية المبالغ فيها، أو ارتفعت توقعات التضخم فوق أهدافنا المُجمَع عليها،” لن يتردد البنك المركزي في اتخاذ قرار حاسم.
تذبذب سعر الذهب بعنف خلال يوم الخميس، مع متابعة المستثمرين للبث الحي لخطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ندوة، جاكسون هول، السنوية، التي تجمع محافظي البنوك المركزية، ووزراء المالية من حول العالم، في محاولة لاتخاذ إجراءات تخفف من التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.
تقبل الفيدرالي الارتفاع معدل التضخم، مصحوبًا بإبقاء المركزي الأمريكي معدل الفائدة عند مستويات قريبة من الصفر لفترة أطول، يجب أن يتسبب في دفع عوائد سندات الخزانة للهبوط على المدى المتوسط إلى الطويل، وهذا ما يدعم سعر الذهب، وفق فيفيك ضاهر، المحلل من بنك كومونويلث أوف أستراليا.
في الآن ذاته، أقر الفيدرالي أنه لن سيتدخل في حال ارتفعت الضغوط التضخمية، يزيد من حالة الشك حول مدى ارتفاع توقعات تضخم لـ 10 سنوات.
يستطرد: “التعافي القوي والسريع في توقعات التضخم الأمريكية لـ 10 سنوات منذ منتصف مارس تواجه الآن خطر التوقف المفاجئ.” ويشرح: “تلك الأنباء سيئة بالنسبة للذهب (الذي ينمو في بيئة يرتفع فيها التضخم وتنخفض فيها معدلات الفائدة)، ولهذا كانت تعليقات الفيدرالي بالسماح للتضخم بالارتفاع هزيلة مقابل وضع التضخم المتوقع الحقيقي. ولا يعتقد المشاركون في سوق الذهب بجاهزية الفيدرالي لتحمل ارتفاع التضخم.”
قبيل الجلسة الأوروبية ارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية لتسجل 1,947 دولار للأوقية. بعد انخفاضها 2.3% يوم الخميس مع حديث بأول.
وفكرة منح الفيدرالي إشارة السماح لارتفاع التضخم، وارتفاع التوظيف، وإبقاء معدل الفائدة منخفض، سيزيد من جاذبية الذهب على المدى الطويل.
بينما يقول إد مويا، من أوندا: “استمر الاقتصاد الأمريكي في أطول توسع له على الإطلاق، وفشل هذا في زيادة التضخم، لذا ينتاب الشك وول ستريت حول رؤية التضخم في أي وقت قريب، حتى بعد نهاية فيروس كورونا.”
لكن، لماذا يود الفيدرالي رفع التضخم؟
يضع البنك المركزي الأمريكي هدف معدل التضخم عند 2% منذ 2012، ولكن منذ ذلك الحين فشل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي في الوصول لهدف الفيدرالي، ليظل بمتوسط 1.4%.
ويود الفيدرالي رفع التضخم لأن: التضخم المنخفض يرغم معدلات الفائدة على البقاء منخفضة، بما يقلل من قدرة الفيدرالي على محاربة الانهيارات الاقتصادية، ويزيد من خطر تحول أي تراجع بسيط إلى تراجع عميق وطويل المدى.
يقول مويا: “يتعين على الفيدرالي زيادة المشتريات لدعم الاقتصاد، ولكنه لم يلمح بعد إلى هذا.” ويتابع مويا: “مسيرة الذهب نحو الأرقام القياسية ليست بعيدة المنال كلية، ولكن ربما يلزم بعض الوقت للوصول إلى هذه المستويات مرة أخرى.”
المعادلة المبسطة لسوق الذهب:
ارتفاع التضخم بجانب انخفاض معدل الفائدة يخلق بيئة غير مرحبة بالسندات، إذ يهددها هذا بتراجع عوائدها. وببقاء عوائد السندات في مخالب التقلب وتهديدات الهبوط يلجأ المستثمرون للذهب، والذي يرونه مخزنًا لقيمة أموالهم كما كان على مر العصور.
يعتمد مستثمرو السندات على عائد ثابت (فائدة ثابتة) لاستثماراتهم. ولا يتأثر هذا العائد تأثرًا مباشرًا بالتضخم. ولكن التأثر هنا هو أن التضخم يخفض من القدرة الشرائية لنفس المبلغ. فلو كان المستثمر في سوق السندات يحصل على (س) عائد يستطيع شراء 100 نوع من البضائع به، لو ارتفع التضخم ستقل قدرته على شراء 100، وربما يشتري 80 أو أقل، ولهذا يبغض مستثمرو السندات التضخم المرتفع. ويلجؤون للذهب معدوم العائد، ولكنه مخزن للقيمة.
ما حصل يوم أمس هو أن هناك مقاييس في السوق أشارت إلى أن التضخم لـ 10 سنوات (وهو نسبة يحسبها مستثمرو السندات) انخفض (أو على الأقل لن يرتفع)، ما أثر بالسلب على الذهب.
وخلال يوم الخميس قال الفيدرالي إنه سيسمح بارتفاع معدل التضخم، ولكنه سيتدخل لو بدا وكأن الأمور تخرج عن نطاق السيطرة.