Investing.com - بعد شهرين من الغزو الروسي لأوكرانيا، كان تأثير الصراع كبيرًا على أسواق الطاقة العالمية، التي كانت تشعر بالفعل بضغط أزمة سلاسل التوريد التي أعقبت وباء كوفيد- 19، والتغييرات التي حدثت في السياسات البيئية استجابة للحاجة إلى معالجة تغير المناخ.
سارعت الدول الغربية إلى فرض عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا، لكن أوروبا، وألمانيا على وجه الخصوص، اضطرت إلى التعامل بحذر في ظل اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي وعدم القدرة على اللجوء إلى الموردين الآخرين بسرعة. لكن التغييرات بدأت تحدث بالفعل.
أضاف الاتحاد الأوروبي بالفعل الطاقة النووية والغاز الطبيعي إلى معايير التمويل الأخضر، على الرغم من اعتراضات العديد من الدول الأعضاء. وهذا يعني أن الطاقة النووية والغاز الطبيعي يعتبران الآن مصادر طاقة "مفضلة"، إلى جانب طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وسارعت ألمانيا إلى توقيع عقود طويلة الأجل لتوريد الغاز مع قطر، وفي المملكة المتحدة، تدرس الحكومة تحسين إمدادات الطاقة النووية وإعادة فحص التكسير الهيدروليكي للنفط والغاز.
مع ارتفاع أسعار الطاقة، سيكون هناك دافع للمضي قدمًا في الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، ولكن من المحتمل أيضًا أن يزداد الاعتماد على الفحم على المدى القصير، حيث يمكن للعديد من البلدان الوصول إلى الإمدادات المحلية: تعمل الصين على زيادة انتاج الفحم بشكل كبير.
في النقاط التالية يحلل روبرت مينتر، مدير الاستثمار في أبردن، السيناريو الجديد وتطور أسواق الطاقة العالمية:
إعادة التفكير في الطاقة النووية
ليس هناك شك في أن الدول بدأت تنظر مرة أخرى إلى قدراتها النووية باعتبارها وسيلة لتأمين الطاقة المحلية. أجلت بلجيكا خروجها من الطاقة النووية لمدة عشر سنوات بسبب الصراع في أوكرانيا، وتقترح الآن التخلص التدريجي منها في عام 2035. وفي كوريا، دعت الحكومة إلى بناء أربع محطات للطاقة النووية. ومع ذلك، تخطط ألمانيا لمواصلة إيقاف المحطات النووية على الرغم من كونها الدولة الأكثر اعتمادًا على الغاز الروسي.
إذا استغنى الغرب عن صادرات روسيا البالغة 7 ملايين برميل يوميًا، أي 7٪ من الإمدادات العالمية، فقد يرتفع السعر إلى 180 دولارًا، لكن هذا سيتطلب فترة انتقالية، مثل شهرين أو ثلاثة أشهر قبل انعدام وجود نفط روسي في السوق.
حاليًا، تشير التقديرات إلى أن ما بين 2 و 4.5 مليون برميل يوميًا من النفط الروسي لا يصل إلى السوق. لذلك، تشير التقديرات إلى أن الأمر سيستغرق خمس سنوات لاستبدال الطاقة الروسية في السوق العالمية، الأمر الذي يتطلب جهدًا كبيرًا للعثور على احتياطيات جديدة وتطويرها وإضافة سعات جديدة إلى خطوط الأنابيب (TADAWUL:2360) ومحطات الغاز الطبيعي المسال. إن استبدال الطاقة الروسية يعني أيضًا استخدام الفحم والمحطات النووية وزيادة إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
إذا استمر الصراع، فمن المحتمل أن يظل سعر نفط غرب تكساس الوسيط (WTI) حول مستوى 110-140 دولارًا. إذا تم تطبيق جميع العقوبات، فقد يرتفع السعر إلى 180 دولارًا. ويمكن لصفقة مع إيران تسمح بزيادة قدرها مليون برميل يوميا أن تدفع الأسعار للهبوط بنحو 10 دولارات للبرميل. إذا تم حل الصراع بالكامل، وربما حتى الإطاحة ببوتين من السلطة، فسيظل النفط في نطاق 80-100 دولار، حيث من المرجح أن يستمر نقص إمدادات النفط العالمية في النصف الثاني من عام 2022.
إمدادات النفط سوف تنخفض
لم يعد المعروض من النفط قادراً على مواكبة الطلب المتزايد نتيجة نقص الاستثمار في الإنتاج الذي استمر لسنوات. وتراجعت مخزونات النفط بمقدار 2 مليون برميل يوميا العام الماضي ومليوني برميل يوميا منذ بداية العم وحتى الآن. وقد وصلت لمستويات منخفضة للغاية وانخفضت الاحتياطيات . في غضون ذلك، ارتفع الطلب ووصل إلى: 99 مليون برميل يوميًا العام الماضي ومن المتوقع أن يصل إلى 103.5 مليون برميل يوميًا بنهاية عام 2022. وفي الولايات المتحدة وحدها، ارتفع إجمالي الطلب على النفط ومشتقاته بنسبة 9٪ مقارنة بالعام الماضي: ارتفع البنزين بنسبة 6٪. على أساس سنوي وزاد وقود الطائرات بنسبة 43٪. ومع نقص الإمدادات الحالي بمقدار 1 مليون برميل في اليوم، بالإضافة إلى 4.5 مليون برميل في اليوم من نمو الطلب هذا العام، يحتاج السوق إلى 5.5 مليون برميل في اليوم من الإمدادات الإضافية.
حتى الآن، لم يتم تطبيق العقوبات بشكل كامل على النفط والغاز الروسي. سيكون من المستحيل عمليا إزالة النفط الروسي، الذي يمثل 7٪ من الإمدادات العالمية، من النظام العالمي دون التسبب في تأثير على العرض وحدوث تباطؤ قريب من ذلك الذي حدث مع الحصار العالميل كوفبد، مما قلل الطلب على النفط بنسبة 10٪.
من سيشتري النفط الروسي؟
إذا أصبحت العقوبات الغربية ضد روسيا أكثر صرامة فيما يتعلق بالنفط والغاز، فمن المرجح أن تقوم روسيا بتصدير مواردها إلى أماكن أخرى. اشترت الصين النفط الإيراني والفنزويلي عندما تم فرض عقوبات على هذين البلدين. وكانت الولايات المتحدة تعلم أن هذا كان يحدث، ولكن كان من مصلحتها أن تغض الطرف والسماح بدخول المزيد من النفط إلى السوق لإبقاء الأسعار منخفضة. وستكون الهند سعيدة أيضًا بشراء النفط الروسي الذي يُباع بخصم 20 دولارًا للبرميل مقارنة بأسعار السوق العالمية بسبب العقوبات.