تباطؤ الصين لن يقضي على تعطشها للبترول الأجنبي

تم النشر 31/10/2022, 16:56
© REUTERS تباطؤ الصين لن يقضي على تعطشها للبترول الأجنبي
LCO
-
CL
-

بينما تتبنى الصين فكرة معدل نمو اقتصادي أبطأ مما كان عليه الحال بالنسبة للعملاق الآسيوي منذ مطلع القرن، بدأت شهيتها النهمة على البترول، وهو المحرك الرئيسي لنمو الطلب العالمي، في التراجع، مما يوفر راحة أكثر لعالم يكافح الآن تضخم أسعار السلع الأساسية والرياح المعاكسة للركود.

لكن يمكن أن يكون هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة في سوق الطاقة التي تتأرجح بسبب دورات الازدهار والكساد المتكررة.

إذا قرر منتجو البترول القلائل، الذين ما زالوا يستثمرون في تعزيز القدرات، كبح جهودهم بسبب الشكوك حول الطلب الصيني في المستقبل، فإن ذلك قد يوجه ضربة قوية لوضع إمدادات الطاقة المتهالك بالفعل.

تلفت الإشارات المرسلة من مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الذي اختتم أعماله مؤخراً، إلى أن الأمين العام شي جين بينج، الذي حصل على فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة في المنصب، سيعزز التركيز على “التنمية عالية الجودة” بدلاً من التوسع الاقتصادي السريع في العام الماضي.

لا شك أن سياسة “صفر كوفيد” الصارمة ستستمر في عرقلة النشاط الاقتصادي في الصين على المدى القصير.

في خطابه الافتتاحي أمام مؤتمر الحزب الذي يعقد مرتين في العقد، أوضح شي أن نهج عدم التسامح المطلق مع “كوفيد” في البلاد لن يتغير.

بالنظر إلى ما وراء كوفيد، من المتوقع أن يؤدي التحول في محركات النمو من التصنيع منخفض التكلفة والصادرات إلى الاستهلاك المحلي وزيادة الإنتاج ذي القيمة المضافة إلى فترة توسع أبطأ نسبياً، وإن كان أكثر استدامة، في الصين، حسبما ذكرت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.

إضافة إلى حملة الحكومة المستمرة لخفض كثافة الطاقة في الناتج المحلي الإجمالي للصين وكذلك زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة وغيرها من مصادر الطاقة الأكثر اخضراراً في مزيج استهلاكها، فإن معدلات النمو السنوية المركبة التي تتراوح بين 5% إلى 7% المسجلة خلال العقدين الماضيين أصبحت ثابتة في التاريخ.

بنهاية عام 2022، يُتوقع انخفاض الطلب الصيني على البترول بمقدار 613 ألف برميل يومياً، أو نحو 4%، من مستويات 2021 إلى حوالي 14.81 مليون برميل يومياً، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

هذا الانكماش سيكون أول انكماش سنوي منذ عام 1990 وتحولاً مذهلاً في بلد سجل نمواً متواضعاً في الطلب على البترول حتى في عام 2020، وهو العام الذي قضى فيه فيروس كورونا على نحو 10% من الاستهلاك العالمي، وكذلك طوال الأزمة المالية العالمية.

كانت واردات البترول الخام من قبل شركات التكرير الصينية أقل بنسبة 4.3% عما كانت عليه قبل عام خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، بفضل عمليات الإغلاق المستمرة للسيطرة على كوفيد والقيود المفروضة على التنقل عبر مساحات شاسعة من البلاد.

لكن الصين غامضة، ومن الصعب التنبؤ بسياساتها، وسيكون خطيراً الخلط بين التباطؤ الحاد في الطلب على البترول في البلاد لهذا العام وتحولها التدريجي بعيداً عن النشاط الاقتصادي المستهلك للطاقة بكثافة لاستنتاج أن الاستهلاك لن يتجه سوى نحو الانخفاض.

يأتي معدل الاستهلاك للعام الحالي من قاعدة عالية بشكل استثنائي، إذ تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب الصيني على البترول قفز بمقدار 1.22 مليون برميل يومياً، أو 8.6%، في عام 2021.

وما يزال الطلب المتوقع لهذا العام أعلى بكثير من عام 2020 أو 2019، كما يُتوقع ارتفاع الاستهلاك الصيني بنحو 813 ألف برميل يومياً في العام المقبل.

يتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني فاتراً بنسبة 3.2% خلال العام الحالي، لكنه سيتسارع إلى 4.4% في عام 2023.

حتى لو تراجعت حدة سياسات احتواء كوفيد الصارمة والرياح الاقتصادية المعاكسة العالمية من تعافي الاقتصاد والطلب على البترول في الصين في العام المقبل، يمكن للمرء أن يتوقع انتعاشاً في عام 2024.

وحتى مع استقرار الصين في مرحلة نمو الطلب الأكثر فتوراً، فإن زيادة صغيرة على قاعدة معدل الاستهلاك الكبيرة بنحو 15 مليون برميل يومياً، أو 15% من الاستهلاك العالمي، لا تزال تشكل رقماً كبيراً من حيث القيمة المطلقة.

بالرغم من أن الهند تحتل المرتبة الثالثة في استخدام البترول، بعد الولايات المتحدة والصين، فإن اقتصاد البلاد، وكذلك استهلاك البترول، يستعيدان الزخم بشكل جيد.

تستعد الاقتصادات الناشئة الرئيسية الأخرى في جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لقيادة الطلب على البترول في الأعوام المقبلة مع تسارع معدلات التحضر وتنامي الطبقة الوسطى، حتى مع نفاد عوائد الصين الديمغرافية.

هنا تكمن رسالة مهمة لمنتجي البترول القلائل في الشرق الأوسط الذين ما زالوا يبنون قدراتهم في مجال التنقيب والذين يراقبون عن كثب آسيا، وخاصة الصين والهند، أثناء وضع خططهم طويلة الأجل، وهي يجب ألا يتراجعوا.

تعتزم السعودية، التي تدعي حالياً أن طاقتها الإنتاجية القصوى تبلغ 12 مليون برميل يومياً، إضافة مليون برميل بحلول عام 2027 لكنها قالت إنها لن تذهب إلى أبعد من ذلك.

كما تستهدف الإمارات زيادة الإنتاج من 4 ملايين برميل يومياً إلى 5 ملايين بحلول عام 2025 لكنها لم تعلن عن أي خطط تتجاوز ذلك.

يأتي البلدان ضمن قلة من الدول التي تتمتع باحتياطيات وفيرة في الأرض وخطة تقودها الحكومة لتعزيز السعة، لكنهما الوحيدان اللذان يمكنهما تحقيق ذلك بشكل موثوق.

يذكر أن السعودية والإمارات تعتبران الصين أكبر سوق للبترول الخام وستراقبان بلا شك التحولات الاقتصادية للبلاد عن كثب، لكن كلتيهما يجب أن تلتزما بخطط توسيع طاقتيهما رغم ضعف الطلب الصيني على بترولهن على المدى القصير.

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.