من نايجل هانت وجوناثان سول
لندن (رويترز) - اقترحت روسيا تجديد مبادرة مدعومة من الأمم المتحدة تسمح بتصدير الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود لمدة 60 يوما فقط.
وكان الاتفاق، الذي من المقرر أن ينتهي العمل به في وقت لاحق من هذا الشهر، قد جرى تجديده سابقا لمدة 120 يوما وهناك مخاوف من أن يؤدي تقليص مدة سريانه إلى مشكلات لوجستية.
وأتاح الاتفاق الذي أبرم في يوليو تموز من العام الماضي ممرا آمنا لعبور السفن المحمّلة بالحبوب بهدف الحد من النقص العالمي في إمدادات الغذاء من خلال السماح باستئناف الصادرات من ثلاثة موانئ في أوكرانيا، وهي منتج رئيسي للحبوب والبذور الزيتية.
فيما يلي بعض هذه المشكلات:
* ما المنتجات التي يجري تصديرها؟
بموجب الاتفاق الذي ينص على إنشاء ممر آمن لعبور السفن، جرى شحن نحو 24.6 مليون طن من المنتجات الزراعية، منها 12.2 مليون طن من الذرة.
وبلغت شحنات القمح نحو 6.7 مليون طن، فيما شملت السلع الأخرى بذور اللفت وزيت دوار الشمس وطحين دوار الشمس والشعير.
وتوجهت معظم هذه الشحنات إلى الصين (5.4 مليون طن) وإسبانيا (4.3 مليون طن) وتركيا (2.7 مليون طن).
* ما النقاط التي يمكن تغييرها في الاتفاق؟
التغيير الرئيسي المحتمل في الاتفاق هو تقليص مدة تجديده إلى 60 يوما بدلا من 120 يوما، وهو ما تدعمه روسيا ولكن تعارضه أوكرانيا.
ويكتسب تقليص المدة أهمية كبيرة إذ عادة ما تتأخر شحنات الحبوب في الفترة التي تسبق تاريخ التجديد بسبب المخاطر المحتملة من انهيار الاتفاق، والذي سيؤدي في حالة حدوثه إلى تقطع السبل بالعديد من السفن في المنطقة.
وقالت مصادر صناعية إن نحو 60 سفينة تجارية لا تزال عالقة حول الموانئ الأوكرانية مقارنة مع أكثر من 90 سفينة كانت عالقة في فبراير شباط 2022، عندما غزت روسيا أوكرانيا، وكان معظمها يحمل شحنات غذائية.
لذلك من المحتمل أن يؤدي تقليص مدة تجديد الاتفاق إلى انخفاض ملحوظ في حجم شحنات الحبوب والبذور الزيتية التي تخرج من أوكرانيا عبر الممر المائي بسبب قلق الشركات مما قد يحدث للشحنات.
وقالت مصادر تجارية إن شركات الشحن ترفض السماح لسفنها بالإبحار عبر الممر إلى حين معرفة نتيجة المحادثات الجارية بشأن الاتفاق.
وقالت أوكرانيا إنها تود تمديد الاتفاق لمدة عام على الأقل وإضافة ميناء ميكولايف إلى قائمة الموانئ المشمولة بالمبادرة.
والموانئ الثلاثة التي يشملها الاتفاق هي أوديسا وتشورنومورسك وبيفديني وتبلغ قدرتها الإجمالية للشحن نحو ثلاثة ملايين طن في الشهر.
وأظهرت بيانات الشحن لعام 2021 أن ميكولايف هو ثاني أكبر ميناء للحبوب في أوكرانيا، لذا فإن دخوله إلى الاتفاق سيسمح بشحن كمية أكبر من الحبوب والبذور الزيتية.
وتقول روسيا إنها ترفض تجديد الاتفاق لفترة أطول حتى يتم اتخاذ خطوات ملموسة لإلغاء الحظر المفروض على صادراتها الزراعية.
ولم تستهدف العقوبات الصادرات الزراعية لروسيا صراحة، لكن موسكو تقول إن الحظر المفروض على مدفوعاتها وخدماتها اللوجستية وشركات التأمين يمثل عائقا أمام تصدير الحبوب والأسمدة.
ويرى البعض أن روسيا ستطلب من الغرب أيضا تخفيف القيود المفروضة على بنك روسيلخززبانك الزراعي الحكومي، مما سيسهل الصادرات الروسية.
* هل نجح الاتفاق في تخفيف أزمة الغذاء؟
تسبب تقليل حجم الشحنات القادمة من أوكرانيا في أزمة عالمية فيما يتعلق بأسعار المواد الغذائية.
وتأثر الإنتاج الزراعي أيضا بعوامل أخرى، مثل جائحة كوفيد-19 والظروف المناخية مثل الجفاف في كل من الأرجنتين والولايات المتحدة.
وساهم الممر المائي في انتعاش جزئي بالنسبة للشحنات الغذائية التي تبحر من أوكرانيا، لكنها لا تزال أقل بكثير من مستويات ما قبل الغزو ومن الواضح أنها لن تتعافى كلية في المستقبل القريب.
ويعد نقل الحبوب من الموانئ الأوكرانية وإليها أمرا صعبا ومكلفا، مما دعا المزارعين الأوكرانيين إلى تقليل زراعة المحاصيل مثل القمح والذرة بعد أن اضطر كثيرون منهم إلى بيع محاصيل العام الماضي بخسارة نظرا لانخفاض الأسعار المحلية للغاية.
* هل ساعد الاتفاق على تخفيض أسعار القمح عالميا؟
ارتفعت أسعار القمح في مجلس شيكاجو للتجارة بشدة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير شباط 2022.
ووصلت أسعار القمح الآن لمستويات ما قبل الصراع إذ انخفضت الأسعار بسبب تصدير أوكرانيا ملايين الأطنان من القمح عبر الممر المائي.
ومن بين العوامل الأخرى التي أدت لتقليل الأسعار زيادة محصول روسيا من القمح العام الماضي وبلوغه مستويات قياسية، إلى جانب التوقعات المتشائمة للاقتصادات العالمية وارتفاع سعر الدولار.
ولا تزال أسعار المواد الغذائية الأساسية القائمة على القمح، مثل الخبز والمعكرونة، أعلى بكثير من مستويات ما قبل الغزو في العديد من البلدان النامية على الرغم من انخفاض العقود الآجلة في شيكاجو. وأدى ضعف العملات المحلية وارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة تكاليف النقل والتعبئة.
* ماذا عن التأمين؟
نشر مركز التنسيق المشترك ومقره إسطنبول، والذي يشرف على الاتفاق، في أغسطس آب الإجراءات المتعلقة بالقناة المائية المخصصة للشحن بهدف تهدئة مخاوف شركات التأمين ومالكي السفن. ويتألف هذا المركز من مسؤولين روس وأتراك وأوكرانيين، إلى جانب مسؤولين من الأمم المتحدة.
وقالت شركات التأمين في البداية إنها مستعدة لتوفير غطاء تأميني إذا كانت هناك ترتيبات لمرافقة السفن التي تمر عبر الممر، فضلا عن وجود استراتيجية واضحة للتعامل مع الألغام البحرية.
ومنذ ذلك الوقت، وضعت شركات التأمين شروطا لتوفير غطاء تأميني، بما في ذلك ضرورة بقاء السفن داخل الممر عند العبور، أو مواجهة خطر إلغاء اتفاقها.
وفي أعقاب الاتفاق المبرم في 22 يوليو تموز، أنشأت شركة أسكوت للتأمين التابعة لمجموعة لويدز أوف لندن وشركة مارش للوساطة التأمينية مرفقا للتأمين على الشحنات البحرية في حالة الحرب فيما يتعلق بالحبوب والمنتجات الغذائية التي تخرج من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود ووضعت تغطية تأمينية قدرها 50 مليون دولار للرحلة.
ولا تزال التكلفة الإجمالية للتأمين على السفن المبحرة إلى الموانئ الأوكرانية باهظة للغاية، إذ أنها تشمل شرائح تأمينية خاصة.
وقد زادت هذه التكلفة نظرا لتغطية شركات التأمين المزيد من المخاطر بعد أن استثنت شركات إعادة التأمين في بداية هذا العام روسيا البيضاء وروسيا وأوكرانيا، مما يزيد من الخطر على شركات التأمين ويقلل رغبتها في توفير تغطية تأمينية للشحنات.
ويطلب مالكو السفن دفع مبالغ تأمينية إضافية ضد مخاطر الحرب، والتي تتجدد كل سبعة أيام بتكلفة آلاف الدولارات، نظير إبحار السفن إلى أي من الموانئ الأوكرانية الثلاثة المشمولة في الاتفاق. وإذا اقتصر تجديد الاتفاق على 60 يوما، فقد يؤدي إلى عزوف المزيد من مالكي السفن عن تأجير سفنهم نظرا للتكاليف الباهظة التي سيتكبدونها واحتمال تقطع السبل بسفنهم وسط البحر.
(إعداد محمد عطية للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)