بقلم: كيشور محبوبانى
منذ 41 عاماً فى مثل هذا الشهر، بدأ حظر البترول العربى إبان حرب 73، وتنتمى الدول التى فرضته إلى منظمة الدول المصدرة للبترول، الأوبك – واتحدت هذه الدول قبل ذلك بـ 13 عاماً لتعزيز قدرتها على التفاوض مع شركات البترول الدولية.
وأدى هذا الحظر إلى نقص كبير فى البترول فى الولايات المتحدة، وارتفاع أسعار الغاز، وإلى صفوف طويلة على محطات الوقود، وبقرب انتهاء هذا الحظر وصل سعر البرميل من 3 إلى 12 دولاراً.
وربما كان الأمر الأكثر أهمية من ارتفاع الأسعار هو النظام العالمى الجديد، فقد حفز الحظر «ظهور ظروف جيوسياسية مكنت الأوبك أخيرا من انتزاع السيطرة على إنتاج البترول والتسعير من الشركات الدولية العملاقة، مما بشر بعهد جديد من الأسعار الأعلى»، كما قال كلٌ من مايرز جاف وإد مورس فى مقال لهما فى مجلة «فورين بوليسى» العام الماضي.
وجاف ومورس خبيران فى أسواق الطاقة العالمية، وكان عنوان هذا المقال «نهاية الأوبك»، وذكرا فيه أنه إذا لعبت أمريكا بـأوراقها جيدا، فسوف تنتهى هيمنة الأوبك على سوق البترول، وأعتقد أن هذا اليوم قد وصل.
وأخبرنى مورس شخصياً أن الأوبك لن تصمد لأكثر من 50 عاماً، وربما حتى لن تكون على وجه الأرض بعد 10 سنوات من الآن، كما أصبح من الصعب عليها حالياً إبرام اتفاقات.
وعندما كتب مورس وجاف مقالهما العام الماضى، كان سعر البترول فوق 100 دولار للبرميل، أما سعره اليوم فقد انخفض لمنتصف الثمانين، أى انخفض بأكثر من %25 منذ يونيو الماضى، وكان هناك وقت كان سعر 80 دولاراً أكثر من مرضٍ للدول الأعضاء فى منظمة الأوبك، ولكن هذا كان منذ وقت طويل.
وحاليا تتطلب احتياجات الميزانية الفنزويلية أن تبيع بترولها بسعر أعلى من 100 دولار للبرميل، كما حرض الربيع العربى عدداً من الدول المهمة فى منظمة الأوبك على زيادة بند الإنفاق فى الموازنة لتضمن عدم ثورة شعبها.
ووفقاً لصندوق النقد الدولى، تحتاج الإمارات إلى أن يتخطى سعر البترول أكثر من 80 دولاراً لكى تفى بالتزامات الموازنة، بعدما كان السعر المطلوب لا يتعدى 25 دولاراً للبرميل فى 2008.
ومنذ فترة ليست ببعيدة، طالبت فنزويلا بعقد اجتماع طارئ لدول منظمة الأوبك لمناقشة تخفيض فى الإنتاج، بينما قالت إيران إن مثل هذا الاجتماع ليس ضرورياً، وفى نفس الوقت، أوضحت السعودية أنها تهتم بشكل رئيسى بعدم فقدان حصتها السوقية، لذا سوف تواصل ضخ البترول بغض النظر عن احتياجات الأعضاء الآخرين فى الأوبك، ومن المزمع انعقاد الاجتماع القادم للأوبك أواخر نوفمبر المقبل، ولكن احتمالية توافقهم منخفضة.
ولكن، لماذا وجدت الأوبك نفسها فى مثل هذه الفوضى؟ ببساطة لأن المعروض من البترول أكبر بكثير من الطلب، فقد فقدت المنظمة سيطرتها على المعروض، ويرجع ذلك جزئياً إلى تراجع الطلب العالمي، وتباطؤ النمو الصينى الذى أدى إلى تخفيف حدة شهيتها للبترول، كما تتجه اليابان حاليا إلى الغاز الطبيعى والطاقة النووية.
nأما السبب الأكبر، فيعود إلى أن ثورة الغاز الصخرى فى أمريكا الشمالية تغير ملامح العرض والطلب تماماً، ومنذ 2008، قال بيرنارد وينستين، خبير فى جامعة «ميثوديست»، إن إنتاج الولايات المتحدة ارتفع بنسبة %60، وهذا يعنى 3 ملايين برميل إضافية يومياً، وتوقع مورس أن تتجاوز أمريكا روسيا والسعودية خلال أعوام قليلة لتصبح أكبر منتج للبترول.
وعلاوة على ذلك، قال مورس فى مقال آخر له فى مجلة «فورين آفيرز»: «إن تكاليف اكتشاف واستخراج البترول من التربة الصخرية والتكوينات الصخرية الوعرة تتراجع باطراد وسوف تواصل الهبوط فى السنوات المقبلة»، بمعنى آخر سوف يستطيع قطاع الطاقة الأمريكى تحمل المزيد من التراجع فى أسعار البترول بسهولة أكبر من الدول الأعضاء فى الأوبك. وعندما تحدثت إلى جاف فى التليفون سألتها إذا ما كانت تعتقد أن الأوبك قد أصبحت قوة مستهلكة، فأجابت أنه لا يمكن قول ذلك، ولكنها طرحت مجموعة من السيناريوهات المأساوية تدور معظمها حول حقول البترول التى يتم قصفها أو مهاجمتها مما قد يجعل البترول نادرا مجددا، وعدا ذلك، فقد أصبحت الأوبك نمرا من ورق بفضل ثورة البترول الصخري.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: نيويورك تايمز