Investing.com - شهدت أسعار الذهب في عام 2024 ارتفاعًا غير مسبوق بنسبة 28%، لتصل إلى مستوى قياسي جديد بلغ 2660 دولارًا للأونصة. هذا الأداء القوي يضع الذهب على المسار لتحقيق أفضل عائد سنوي منذ عام 1979، وهو العام الذي سجل فيه الذهب ارتفاعًا تاريخيًا بنسبة 126%.
وعلى الرغم من توقعات "الهبوط الناعم" من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يبدو أن الذهب يتداول كما لو كان العالم يمر بأزمة اقتصادية، مما يثير تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الصعود المستمر.
التوترات الجيوسياسية ليست العامل الوحيد
في الوقت الذي تشير فيه العناوين الرئيسية إلى أن التوترات الجيوسياسية حول العالم هي السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع، إلا أن هناك دلائل تشير إلى أن الأمر أعمق من ذلك. حتى مع تهدئة تلك التوترات، استمر الذهب في تسجيل مستويات قياسية جديدة، مما يلفت الانتباه إلى السياسات الاقتصادية والنقدية للولايات المتحدة.
السياسة النقدية الفيدرالية في قلب الحدث
كان لقرار الاحتياطي الفيدرالي المفاجئ بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس تأثير كبير على الأسواق المالية، بما في ذلك الذهب. التوقعات تشير إلى تخفيض آخر مماثل قبل نهاية العام، في وقت يسعى فيه البنك المركزي لتحقيق "هبوط ناعم" للاقتصاد الأمريكي، متجنبًا الركود مع معالجة التضخم.
ومع ذلك، يبدو أن هذه السياسة النقدية قد دفعت الذهب إلى مستويات عالية، إذ لا يتوافق تخفيض أسعار الفائدة مع الصورة العامة للاقتصاد. الفيدرالي يتحدث عن استقرار اقتصادي، بينما تخفيض أسعار الفائدة يعكس قلقًا عميقًا حول تباطؤ في النمو الاقتصادي.
الدين الفيدرالي الأمريكي يثير القلق
أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الارتفاع الحاد في الذهب هو الوضع المتفاقم للديون الفيدرالية الأمريكية. بلغت تكاليف الفائدة على الديون الفيدرالية مستوى قياسيًا يصل إلى 3 مليارات دولار يوميًا، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف ما كان يُدفع قبل 10 سنوات. إضافةً إلى ذلك، تجاوز الدين الفيدرالي الأمريكي حاجز 35 تريليون دولار لأول مرة في التاريخ.
منذ عام 2020، أضافت الولايات المتحدة حوالي 12 تريليون دولار إلى ديونها الفيدرالية، مما يعني أن البلاد أضافت في المتوسط 280 مليار دولار من الديون كل شهر خلال هذه الفترة. هذا الوضع الاقتصادي المقلق دفع بعض المستثمرين للجوء إلى الذهب كملاذ آمن.
ضعف الدولار يعزز الذهب
مع بدء تخفيض أسعار الفائدة، تعرض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) لضغوط كبيرة، مما جعل شراء الذهب أقل تكلفة للمستثمرين الأجانب. هذا الانخفاض في قيمة الدولار، جنبًا إلى جنب مع سياسة تخفيض أسعار الفائدة التي تشبه السياسات التي تبناها الفيدرالي في أزمة 2008، أدى إلى ارتفاع الذهب بشكل غير مسبوق.
الإنفاق الحكومي عند مستويات الأزمة المالية
وفي سياق آخر، سجلت نسبة الإنفاق الحكومي الأمريكي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 43%، وهو مستوى مشابه لما كان عليه خلال الأزمة المالية العالمية لعام 2008. ويشير هذا إلى أن الحكومة الأمريكية تنفق كما لو أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية كبرى، رغم تأكيدات المسؤولين بأن "الهبوط الناعم" هو السيناريو المتوقع.
في ظل هذه الظروف الاقتصادية غير المستقرة، يبدو أن الذهب يواصل رحلته نحو مستويات تاريخية جديدة، بينما تظل التساؤلات قائمة حول مدى فعالية السياسات النقدية والمالية في الولايات المتحدة، وما إذا كان "الهبوط الناعم" الذي يتحدث عنه المسؤولون الفيدراليون سيكون قابلاً للتحقيق.
(بمناسبة اليوم الوطني السعودي، يمكن للجميع الحصول على أداة InvestingPro بأقل سعر عند استخدام كود خصم PROKSA سارع واشتراك الآن من هنا)