Investing.com - شهدت أسعار الذهب في عام 2024 ارتفاعًا قياسيًا بلغ حاجز المقاومة عند 2791 دولارًا للأوقية، ولكن بعد ذلك تراجعت نحو 2540 دولارًا للأوقية. ومع أن البعض حذر من احتمال فترة طويلة من التماسك السعري، يرى أحد المحللين أن المعدن الأصفر قد يسجل أعلى مستوياته على الإطلاق فوق 2800 دولار في نهاية العام الحالي.
وقال ماثيو جونز، محلل المعادن الثمينة في شركة "سولومون جلوبال": "الحرب... ماذا تفيد؟ لا شيء سوى رفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية". وأضاف: "في المناخ الحالي، بلوغ سعر 2800 دولار في نهاية العام ليس أمرًا مستبعدًا."
التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الذهب
أوضح جونز أن "الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا أصبح أحد أهم المواجهات التي أشعلت التوتر الجيوسياسي في القرن الحادي والعشرين." وأشار إلى أن "الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، قدمت مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا."
تشمل هذه المساعدات صواريخ طويلة المدى مثل ATACMS وStorm Shadow لاستهداف مواقع استراتيجية داخل روسيا، بالإضافة إلى توفير الألغام الأرضية. وبينما يعزز ذلك قدرة أوكرانيا على تعطيل اللوجستيات الروسية، فإنه "يرفع من حدة المخاطر للصراع بشكل أوسع"، بحسب جونز.
وأكد أن روسيا "حذرت مرارًا من أن الهجمات على أراضيها قد تؤدي إلى ردود قاسية، بما في ذلك استهداف طرق الإمداد أو البنية التحتية في دول الناتو." وأشار إلى أن مثل هذا الرد قد يؤدي إلى "مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا، مما يصعد النزاع إلى ما وراء حدود أوكرانيا."
تأثير حرب عالمية محتملة على أسعار الذهب
وفقًا لجونز، فإن "حربًا عالمية تشمل روسيا والولايات المتحدة وحلف الناتو قد تدفع بأسعار الذهب إلى مستويات قياسية، نتيجة عوامل اقتصادية وجيوسياسية مترابطة."
وأوضح أن الذهب يُعتبر "ملاذًا آمنًا" في أوقات عدم الاستقرار الجيوسياسي أو الاقتصادي. وأضاف:
"يتجه المستثمرون عادة نحو الذهب لحماية ثرواتهم، مما يزيد من الطلب ويرفع الأسعار."
"الصراعات العالمية تؤدي عادة إلى زعزعة استقرار الأسواق المالية، مما يدفع المستثمرين إلى بيع الأسهم والأصول ذات المخاطر العالية، مما يعزز التدفقات نحو الذهب."
وأشار أيضًا إلى أن الأزمات المرتبطة بالصراعات، مثل تعطيل سلاسل التوريد وأزمات الطاقة والعقوبات الاقتصادية، قد تكون عوامل إيجابية تاريخيًا لأسعار الذهب. وأكد أن مثل هذه الأزمات "تعزز التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، مما يرفع الطلب على الذهب كتحوط ضد التضخم."
دور العملات الورقية والطاقة في تعزيز الذهب
أوضح جونز أن الحكومات التي تشارك في الحروب تميل إلى زيادة الإنفاق العسكري، مما يؤدي إلى ارتفاع الديون الوطنية وطباعة المزيد من الأموال. وهذا يؤدي إلى "إضعاف العملات الورقية مثل الدولار الأمريكي أو اليورو، مما يجعل الذهب خيارًا أكثر جاذبية كمخزن للقيمة."
وأضاف أن الصراع بين روسيا والناتو قد يؤدي إلى "زيادة أسعار السلع الأساسية، خاصة النفط والغاز الطبيعي." وأشار إلى أن روسيا ودول الناتو تلعبان دورًا رئيسيًا في أسواق الطاقة العالمية، مما قد يؤدي إلى "زيادة أسعار الطاقة وبالتالي تعزيز التضخم، وهو ما يدعم أسعار الذهب كتحوط ضد التضخم."
كما حذر من أن "الحرب العالمية قد تؤدي إلى تفكك أنظمة التجارة العالمية، مما يقلل الثقة في الأنظمة المالية الدولية." وفي مثل هذا السيناريو، قد تلجأ البنوك المركزية والمستثمرون إلى الذهب باعتباره "أصلًا ماديًا معترفًا به عالميًا."
تأثير الصراعات التاريخية على الذهب
أشار جونز إلى أن أحد التطورات الشائعة في أوقات عدم الاستقرار الجيوسياسي هو زيادة البنوك المركزية لاحتياطياتها من الذهب، بهدف "تنويع محافظها وتقليل التعرض للعملات الأجنبية المتقلبة." وأضاف: "زيادة الطلب من البنوك المركزية ستسهم في ارتفاع أسعار الذهب."
ذكر جونز أن أسعار الذهب "تميل إلى الارتفاع خلال الصراعات الماضية، مثل الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة وحرب الخليج." وأكد أن الصراعات الحديثة "تؤثر بشكل أوسع على الاقتصاد بسبب الترابط الكبير في الأسواق العالمية، مما يزيد من الطلب على الذهب."
اختتم جونز حديثه بالقول إن "حربًا عالمية قد تخلق عاصفة مثالية لارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية." وأضاف أن ذلك سيكون مدفوعًا "بمخاوف المستثمرين، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وانهيار الثقة في الأنظمة المالية التقليدية."