عندما تترك أول شاحنة صادرات أمريكية من الغاز الطبيعى المسال ساحل الخليج الأمريكى أواخر العام الجاري، ستبدأ تجارة الغاز الطبيعى المسال فى السير فى طريقها نحو العالمية. ومن المتوقع أن تشحن محطة سايبن باس فى لويزيانا التابعة لشركة «تشينيرى للطاقة» أول شحنة لها من الغاز الطبيعى المسال فى ديسمبر، لتجلب بذلك الغاز الصخرى الأمريكى إلى السوق العالمى، فى الوقت الذى يزداد فيه تداول الوقود الصلب.
ويتوقع محللو جولدمان ساكس، أن يتجاوز الغاز الطبيعى المسال خام الحديد كثانى أكثر السلع قيمةً بعد البترول العام الجاري، كما توقعوا أن تفوق تجارة الغاز الطبيعى المسال 120 مليار دولار.
وحشد هذا الأمر متداولو السلع الذين يستعدون لزيادة النشاط التجارى، ويتجهون نحو شراء المزيد من عقود الغاز الطبيعى المسال القائمة على السعر الحالى للغاز، والتى تعرف بالسعر الفوري. وحتى الآن، تم تسعير عقود الغاز الطبيعى المسال بأسعار أعلى من عقود البترول الخام. وتعتزم شركة «تشينيرى للطاقة» أن تكون صيغة التسعير مرتبطة بالسعر القياسى للغاز الطبيعى فى مؤشر هنرى هاب فى أسواق الولايات المتحدة، وقلة من العقود ستكون لفترة طويلة من الزمن، لعقد أو أكثر، نظراً إلى زيادة الإمدادات وانفصال أسعار الغاز الطبيعى المسال عن البترول.
وقال دايفيد توماس، رئيس قسم التداول لدى «فيتول»، عدم ارتباط أسعار الغاز الطبيعى بأسعار البترول لن يحدث بين عشية وضحاها، ولكن حجم التداول سيزداد خلال السنوات القليلة المقبلة، كما أن توافر الصادرات الأمريكية سيؤثر فى نهاية المطاف على الأسعار حول العالم.
ويقول المحللون، إن الصفقات الفورية أو قصيرة الأجل تشكل بالفعل 30- %35من إجمالى السوق، رغم أن هذا يتضمن أى صفقات ذات مدة لا تقل عن أربع سنوات، وهو ما يوضح مدى تركيز سوق الغاز الطبيعى المسال على الصفقات طويلة الأجل خلال تاريخه البالغ 51 عاماً.
وعلى الرغم من أن المنتجين فى حاجة إلى الاستثمار فى العقود لتمويل إنشاء محطات تسييل الغاز الطبيعى المسال، فإن شهية المستهلكين تجاه عقود البترول تراجعت بعد انخفاض أسعار البترول الخام إلى ما يقرب من النصف منذ الصيف الماضي، وكانت أسعار الغاز الطبيعى فى الولايات المتحدة منخفضة منذ سنوات.
ويتوقع جولدمان ساكس، أن تتراجع أسعار الغاز الطبيعى المسال فى أسواق التسليم الفورى الآسيوية بنحو %40 خلال الربع الرابع من عام 2015، مقابل الفترة ذاتها العام الماضي.
ويقول المحللون، إن صادرات الولايات المتحدة المرتقبة وزيادة الإمدادات من أستراليا ستؤديان إلى ارتفاع الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعى المسال بنحو النصف خلال السنوات الأربع القادمة، لتبلغ 150 مليار متر مكعب، متجاوزاً تباطؤ نمو الطلب فى آسيا، ويزيد من الضغط على الأسعار.
وأوضحت صحيفة فاينانشيال تايمز، فى تقرير لها، أن تخمة الإمدادات فى سوق الغاز الطبيعى المسال تعنى أن بعض كبار اللاعبين فى السوق سيتعين عليهم زيادة تركيزهم على التداول للمساعدة على زيادة الربحية، فى حين سيشهد التجار المستقلون مزيداً من الفرص، فضلاً عن ذلك فإن صفقة استحواذ «شل» على «بى جي» مقابل 55 مليار دولار ستخلق أكبر قوة فى سوق الغاز الطبيعى المسال باعتبارهما مورداً ومتداولاً.
ووقعت شركة «ترافيجورا» السويسرية، أكبر تاجر مستقل للغاز الطبيعى المسال فى العالم، عدداً من الصفقات قصيرة الأجل مع مصر والأرجنتين العام الجاري، كما أن شركة «فيتول»، إحدى أكبر شركات الطاقة فى العالم، نشيطة جداً فى إمداد مصر بالغاز الطبيعي، وصدرت ما يزيد على مليون طن من الوقود العالمى العام الماضي.
ومن المتوقع أن يتضاءل الاختلاف فى أسعار الغاز الطبيعى المسال بين آسيا وأوروبا، نظراً إلى أن السوق أصبح أكثر عالمية، وقد دفع المستهلكون الآسيويون أقساطاً كبيرة لموردى الغاز الطبيعى المسال منذ ارتفاع الطلب فى اليابان بعد كارثة فوكوشيما النووية. ويقول التجار والمحللون إن القدرة على نقل المزيد من الشحنات الفورية إلى المنطقة من شأنه أن يسهم فى تضييق فجوة الأسعار، ومع ذلك، يحث بعض المتداولين على توخى الحذر، إذ أشاروا إلى أن سوق الغاز الطبيعى المسال ما زال غير ناضج نسبياً مع قلة عدد المشاركين فيه، كما أن صفقة «شل – بى جى» أبعدت أحد اللاعبين الرئيسيين عن السوق.