خلال هذا الأسبوع تتصدر قرارات البنوك المركزية الكبرى في المنطقة الأوروبية الأجندة الاقتصادية، هذا بجانب الإعلان عن بيانات القطاعات الرئيسية في كلا من منطقة اليورو و الاقتصاد البريطاني الذي حقق نموً فاق التوقعات ليحد قليلا من المخاوف المتعلقة بشأن وتيرة عملية التعافي.
بدءاً بالاقتصاد البريطاني فإنه يقف على أحد أهم المحاور الرئيسية التي يجب أن يتم التعامل معها بحذر شديد خاصة مع إتجاه الحكومة إلى خفض الإنفاق العام لأكبر مستوى منذ النصف قرن و ما لذلك من تداعيات على عملية التعافي.
لذا فإنه حتى الآن بات البنك المركزي الأوروبي أكثر حذرا و تركيزا على النمو بدلا من الإهتمام بالتضخم الذي لايزال فوق الحد الأعلى للمستوى الآمن لاستقرار الأسعار بنسبة 3% منذ فبراير/شباط و إن كان قد تراجع قليلا في شهر يونيو/حزيران إلى 3.2% من 3.4% للقراءة السابقة ، التصريحات الأخيرة التي صدرت عن رئيس البنك السيد ميرفن كينج تشير إلى إتجاه البنك نحو الإحتفاظ بسياسته النقدية التي تهدف إلى توفير السيولة في الأسواق.
ووفقا لتصريحات كينج فإن البنك أمامه المزيد من الوقت حتى يعود بأسعار الفائدة إلى المستويات العادية التي كانت عليها قبل الأزمة، ولن يتم تقييد السياسة المالية إلا عندما يحين الوقت لذلك، وهذه التصريحات بمثابة إشارة إلى إستمرار البنك في الإبقاء على السياسة المالية الحالية.
على الرغم من أن الاقتصاد البريطاني قد حقق نمو بنسبة 1.1% في الربع الثاني وهو أفضل أداء منذ أربعة أعوام من نمو بنسبة 0.3% للربع الأول وفقا للبيانات الأولية عن الناتج المحلي إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن الاقتصاد البريطاني قد وصل إلى مرحلة الأمان، لكن تأثير هذه القراءة جاءت مهدئة لحالة القلق بشأن مدى ضعف الاقتصاد البريطاني.
في نفس الوقت فإن السيد كينج أشار إلى أنه يجب اتخاذ الحذر بشأن بيانات النمو التي صدرت مؤخراً، في ظل ما تواجهه الاقتصاديات العالمية من تباطؤ اقتصادي وأيضا وجود ضعف في مستويات الطلب و ضعف سوق العمل و كذا ضعف الطاقة الإنتاجية.
جدير بالذكر أن هنالك مطالبة من أحد أعضاء لجنة السياسة النقدية برفع سعر الفائدة لتصل إلى 0.75% و البدء في السحب التدريجي لبرنامج شراء الأصول البالغ قيمته 200 بليون جنيه إسترليني و الذي تم تطبيقه في مارس/آذار من العام السابق، إذ يركز السيد أندرو سناتنس على الضغوط التصاعدية التي تدفع بالمستوى العام للاسعار نحو الارتفاع.
التوقعات الخاصة بقرار سعر الفائدة المنتظر أن يصدر خلال هذا الأسبوع تشير إلى إستمرار ابقاء البنك على سعر الفائدة عند أدنى مستوياته منذ تأسيس البنك عند نسبة 0.50% و كذا الإبقاء على برنامج شراء الأصول دون تغير ليظل عند 200 بليون جنيه إسترليني.
بالنسبة للبيانات الأخرى المنتظر صدورها إذ من المقرر أن يتم الإعلان عن أداء القطاعات الرئيسية في المحركة للنمو في الأراضي الملكية، بالنسبة لقطاع الخدمات الذي يساهم بنحو 75% من الناتج المحلي الإجمالي فإنه يتوقع أن يشهد تحسنا طفيفا في أغسطس/آب ليسجل مؤشر مدراء المشتريات قيمة 54.5 من 54.4 للقراءة السابقة.
أما بالنسبة للقطاع الصناعي الذي يساهم بنحو 18% من الناتج المحلي و الذي استفاد بشكل كبير من ضعف قيمة الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسية الأخرى بفعل دعم الصادرات، فقد يشهد تراجعا لوتيرة النمو في أغسطس/آب ليسجل قيمة 57.0 من 57.5 للقراءة السابقة. وفيما يتعلق بقطاع البناء فإن التوقعات تشير إلى تراجع وتيرة نمو ذلك القطاع أيضا الذي يساهم بنحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي ليسجل قيمة 58 من 58.4 للقراءة السابقة ليتراجع بذلك من عند أفضل أداء له منذ الأربعون عام.
انتقالا إلى منطقة اليورو فإن أبرز ما سيتم الإعلان عنه أيضا هو قرار سعر الفائدة للبنك المركزي الأوروبي و الذي يتوقع أن يستمر البنك في الابقاء على نفس السياسة النقدية المتبعة عند سعر فائدة بنسبة 1% وهو الأدنى منذ أن تم تأسيس البنك.
تركيز البنك في الآونة الأخيرة ينصب على دفع عجلة تعافي اقتصاديات المنطقة بجانب المساهمة في حل أزمة الديون السيادية التي تواجه بعض من الدول الأعضاء في منطقة اليورو التي تضم 16 دولة ضمن أعضائها.
تصريحات السيد تريشيه في المؤتمر الصحفي السابق كانت تتسم الهدوء و الاتزان خاصة أن الأسواق كان ينصب جل إهتمامها بنتائج إختبار تحمل البنوك الذي صدر يوم الجمعة السابق و أظهر قوة القطاع المصرفي في الاتحاد الأوروبي بعد فشل 7 بنوك فقط من أصل 91 بنك.
الأوضاع في اقتصاديات منطقة اليورو تتباين بين دولة و أخرى، فالبيانات التي تصدر عن الاقتصاد الألماني الذي يساهم بنسبة 20% من نمو المنطقة باتت تظهر فيه البيانات تحسنا خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بالقطاعات الرئيسية و سوق العمل، وفي المقابل لايزال سوق العمل الأسباني يعد الأسوأ بين الدول الأعضاء هذا بخلاف تردي الوضع المالي للحكومة و إن كانت قد نجحت في الحصول على تمويل من الأسواق بعد طرح سندات و أذون خزانة حكومية.
خلال هذا الأسبوع من المنتظر أن تصدر القراءة النهائية لأداء القطاعات الرئيسية التي شهدت نمو في الشهر السابق، ويتوقع أن تأتي القراءة النهائية لمؤشر مدراء المشتريات للخدمات ليسجل قيمة 56 في شهر يوليو/تموز و دون تغير عن القراءة التمهيدية السابقة، على الجانب الآخر يواصل يتوقع أن يسجل المؤشر بالنسبة للقطاع الصناعي قيمة 56.5 وهو القطاع الذي استفاد بشدة من تراجع قيمة اليورو و التي دعمت من صادرات المنطقة.
أخيرا فإن البيانات التي صدرت مؤخرا تظهر تحسن تعافي منطقة اليورو بشكل نسبي، فيما ارتفعت مستويات الثقة إلى أعلى مستوياتها منذ العامين تقريبا لتؤكد بذلك على تعافي المنطقة في النصف الأول من العام الحالي.
وفي تقرير البنك لشهر يونيو/حزيران التأكيد بأن عملية تعافي اقتصاديات المنطقة سوف تكون بإعتدال لكن في حالة غير ثابتة في ظل توقعات يهمين عليها حالة عدم التأكد. حيث خفض توقعاته بشأن النمو للعام الحالي لتصل إلى نسبة 1% لعام 2010 و بنسبة 1.2% في 2011 هذا مقارنة بالتوقعات السابقة التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 0.8% للعام الحالي و بنسبة 1.5% لعام 2011.وبرر السيد تريشه أن تراجع النمو خلال العام القادم يرجع إلى تراجع مستويات الطلب المحلي.
آخر التوقعات التي صدرت عن صندوق النقد الدولي أشارت إلى إمكانية تحقيق منطقة اليورو لنمو بنسبة 1% في نهاية العام الحالي، هذا ويتوقف النمو على مدى قوة تعافي الاقتصاد العالمي ومن ثم دعمه لمستويات الطلب على السلع الأوروبية.