يوم اخر ملئ بالاحداث الاقتصادية حيث لا يزال المستثمرون متأثرين بالتقارير الاقتصادية التي صدرت بالامس من اوروبا و الولايات المتحدة الامريكية متمثلة في قطاع المنازل و قرار الفائدة للبنك الفدرالي الامريكي.
بقيت الاسواق عموما هادئة و مفعمة بالتفاؤل وذلك بعد اعلان كل من ايرلندا و اسبانيا عن بيع ما يقارب 1.5 مليار يورو للسندات الاجلة لثمانية اعوام و ثلاثة اعوام في حين استطاعت اسبانيا بيع ما يقارب 7.0 مليار يورو من السندات ذات الاجل 12 و 18 و بالتالي استطاعت كل من الدولتين الوصول الى الاهداف الموضوعة من بيع السندات الحكومية.
هذه الاخبار دعمت الاسواق بالتفاؤل و التي تأتي لتهدئة المخاوف التي بدأت بالظهور مجددا من قوة الاقتصاد الاوروبي و قدرة منطقة اليورو من اكمال مسيرة التعافي دون الوقوع ضحية لركود اخر بسبب ارتفاع الدين العام للدول الاوروبية.
استمر التفاؤل بفعل قطاع المنازل الامريكي و الذي عمل على تخفيض المخاوف من مستقبل الاقتصاد الامريكي و عملية التعافي التي يمر بها حيث استمر الدولار بالتراجع امام العملات الرئيسية و ارتفع اليورو مقابل الدولار و اختتمت تداولات اسواق الاسهم الاوروبية تداولاتها على اللون الاحمر.
اما بخصوص قرار الفائدة للبنك الفدرالي الامريكي فقد اظهر القرار ثبات معدلات الفائدة المركزية عند مستوياتها المتدنية ما بين 0.0 بالمئة و 0.25 بالمئة, حيث أشارت اللجنة بأن مرحلة تعافي الاقتصاد الأمريكي فقدت بعضا من بريقها خلال الأشهر القليلة الماضية, في حين تطرّف البنك الفدرالي إلى أن الاستثمارات في الانشاءات الغير سكنية لا تزال ضعيفة، مشيرا البنك إلى أنه على الرغم من تحسن الأنشطة في قطاع العمالة إلا أن أرباب العمل لا يزالون حذرون في توظيف أعداد جديدة.
أشار الفدرالي إلى أنه سيعتزم إعادة إحياء بعض برامجه التحفيزية السابقة، مشيرا إلى أنه سيغلق مراكز سندات الخزينة وإعادة فتحها مجددا، وبالإضافة إلى أنه سيعيد استثمار الأموال المحصلة من برنامج شراء السندات المدعومة بالرهونات العقارية في شراء السندات طويلة الأمد, ويجب أن لا نغفل هنا بأن عضو اللجنة الفدرالية توماس هوينج - الذي عودنا بمداخلاته في قرارات اللجنة الفدرالية المفتوحة - تحفّظ كعادته على جملة "أسعار فائدة متدنية لفترة ممتدة من الوقت"، مشيرا إلى أن سياسة البنك الفدرالي بخصوص أسعار الفائدة قد تفقد مرونة رفع أسعار الفائدة مستقبلا، وبالإضافة إلى ذلك فقد أشار إلى أن مرحلة تعافي الاقتصاد الأمريكي تعد "معتدلة" ولا حاجة لإعادة إحياء البرامج التحفيزية.
و لكن في المقابل لم تتمتع المملكة المتحدة بالاخبار الاقتصادية الجيدة حيث اظهر تقرير الامس للتمويلات العامة ارتفاع العجز خلال شهر اب منذ عام 1993 حيث ارتفعت تكلفة الاقتراض. و بلغت التمويلات العامة في بريطانيا خلال الشهر المنصرم 15.3 مليار جنيه استرليني مما يضيف المزيد من الضغوط التنازلية على الاقتصاد البريطاني مع ارتفاع الدين العام للمملكة المتحدة.
لا يزال الاقتصاد البريطاني يقبع تحت وطأة الضغوط التضخمية و ارتفاع معدلات البطالة مما يعمل على اضعاف عملية التعافي في البلاد, بالاضافة الى تأثير اكبر خطة لتخفيض الانفاق الحكومي و التي تعد الاكبر منذ الحرب العالمية الثانية لتضيف بذلك المزيد من الضغوط على عملية تعافي الاقتصاد.
و عدل الاقتصاد البريطاني من تقديراته للنمو خلال العام الحالي لتصل الى 3.0 بالمئة بالمقارنة مع القيمة المتوقعة السابقة و التي بلغت 3.6 بالمئة.
لا يزال الانفاق ضعيف و الطلب الخارجي على البضائع الاوروبية ضعيف و مع ارتفاع معدلات البطالة في بريطانيا و المصحوبة بأوضاع التشديد الائتماني ستعمل على اضعاف النمو, ولكن عضو البنك المركزي البريطاني "اندرو سينتانس" يرى بان معدلات التضخم تهدد العملية الاقتصادية و بالتالي ينادي برفع معدلات الفائدة الى 0.75 بالمئة بالمقارنة مع القيمة الحالية عند 0.50 بالمئة.
و من المتوقع ان يظهر محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني و الذي سيصدر اليوم في تمام الساعة 08:30 بتوقيت غرينتش, انقسام اخر بين صناع القرار اذ تشير التوقعات الى ان العضو "سنتانس" سينادي للمرة الثالثة على التوالي لرفع قيمة الفائدة المركزية و سحب اموال الخطط التحفيزية من الاسواق.
فشلت معدلات التضخم بالتراجع خلال الشهر المنصرم و لا تزال تحوم فوق المستويات العليا المحددة من قبل الحكومة البريطانية عند 3.0 بالمئة اذ ارتفع مؤشر اسعار المستهلكين الى 3.1 بالمئة خلال اب.
ولكن اعضاء البنك المركزي البريطاني يتجاهلون مطالبات العضو "سنتانس" برفعمعدلات الفائدة بحجة ان الاوضاع الاقتصادية الضعيفة ستجبر معدلات التضخم بالتراجع خلال الفترة المقبلة و لا توجد حاجة لرفع معدلات الفائدة المركزية.
تشير التوقعات الى ان نمو الاقتصاد البريطاني قد وصل ذروته خلال الربع الثاني من العام الحالي اذ بلغ 1.2 بالمئة و الذي فاق وقتها التوقعات, ولكن القراءة النهائية للناتج المحلي الاجمالي ستصدر الاسبوع المقبل في الثامن و العشرين من شهر ايلول.
من المتوقع ان يتخبط الجنيه الاسترليني خلال تداولات البوم و بقائه تحت الضغوطات قبيل اعلان تقرير الموازنة العامة لبريطانيا و الذي سيصدر في العشرين من تشرين الاول حيث من المتوقع ان يعلن وزير الخزينة اوزبون المزيد من عمليات تخفيض الانفاق في محاولة لتقليض العجز الكبير في الميزانية التي بلغت 11.1 بالمئة من النمو في عام 2009.