“فاينانشيال تايمز”: “نيودلهى” بحاجة لموازنة طموحات المستهلكين ومخاوف التلوث
فى السبعينيات، كان هناك حوالى 230 مليون سيارة تسير على طرقات الهند.. لكن هذا الرقم ارتفع 3 أضعاف منذ عام 2001.
ومع ارتفاع الطلب على الدراجات النارية والشاحنات والحافلات سيزداد عدد محطات الوقود التى ارتفعت بالفعل بنسبة 40% فى السنوات الست الماضية، إلى أكثر من 62.5 ألف محطة.
ومع توقع حدوث طفرة أخرى فى شبكات بيع الوقود بالتجزئة سوف تصطف شركات البترول والغاز الأجنبية لمحاولة كسب حصة من القطاع الخاص فى صناعة الطاقة الهندية.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أنه من المتوقع أن يدعم النمو السريع فى الهند صناعة الطاقة العالمية فى الوقت الذى يتراجع فيه نمو الطلب على البترول فى أماكن أخرى.
وكشفت البيانات الحكومية أن شركات الطاقة الهندية أنفقت أكثر من 30 مليار دولار على قطاع البترول والغاز فى السنوات الأربع الماضية.
وتوقعت شركة “ديلويت” أن هناك حاجة إلى 345 مليار دولار من الاستثمارات الجديدة لتلبية الطلب المتوقع بحلول عام 2030 وهو ما يتيح مجالاً أكبر للاعبين الأجانب.
ومع تزايد الطبقة الوسطى وتوسع قطاع الصناعات التحويلية وارتفاع عدد السكان الشباب وسكان المناطق الحضرية فإن الهند تستعد لتجاوز الصين لتصبح المحرك الرئيسى لنمو الطلب على البترول بحلول منتصف عام 2020.
أوضحت الصحيفة البريطانية أن ارتفاع الطلب على البنزين والديزل إلى جانب استهلاك وقود الطهى والكهرباء دفع رئيس الوزراء نارندرا مودى، إلى إطلاق سياسات لتعزيز الوصول إلى الطاقة لدعم مستويات عالية من النمو الاقتصادى.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف التنموية توجد حاجة إلى مزيد من البترول من أجل النقل وإنتاج المواد الكيميائية وكذلك الغاز والفحم والطاقة المتجددة لتوليد الطاقة.
ويدعم ارتفاع الطلب شركات الطاقة مثل “رويال داتش شل” و”بى بى” إلى جانب “أرامكو” السعودية حيث يرغبون فى الحفاظ على أعمالهم بمجال الوقود الأحفورى فى الوقت الذى تدخل فيه أسواق جديدة لأنواع الوقود والكيماويات الأنظف لذلك يتطلعون للاستثمار فى السوق الهندى سريع النمو باعتباره عاملاً حاسماً فى الحفاظ على أعمالهم.
وقال خالد الفالح، وزير الطاقة السعودى خلال رحلة قام بها مؤخراً إلى الهند إن “آرامكو” ترغب فى الاستثمار بمضخات البترول والبتروكيماويات إلى جانب لعب دور مهم فى مرافق تخزين الخام بالبلاد واصفاً الهند بأنها قوة عظمى ناشئة فى مجال الطاقة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تعمل فيه الهند أيضًا على مكافحة تلوث الهواء والتعاون فى سياسات الانبعاثات الحرارية نظرًا لتعرضها للتوترات المرتبطة بالمناخ.
وأشارت الصحيفة إلى أنه ينبغى على الهند التوفيق بين ضمان إمدادات الطاقة الكافية للسكان مع الانتقال إلى وقود أنظف للنقل والطاقة وبتكلفة يمكن تدبيرها فى بلد يعيش فيه 70 مليون شخص فى فقر مدقع.
وقال أمريتا سين، المحلل بشركة “إنيرجى أسبكتس” فى لندن: “كانت الهند قصة النمو فى العقد الأخير وهى أيضاً قصة المرحلة التالية ولذلك تهتم بالبيئة لكنها تحتاج إلى كل شىء بما فى ذلك الفحم والبترول والغاز”.
وذكرت “فاينانشيال تايمز” أن تراجع الصادرات الإيرانية بأكثر من مليون برميل يومياً فى الجولة الجديدة من العقوبات الأمريكية التى بدأ سريانها يوم الاثنين الماضى تسبب فى إثارة القلق.
وليس هناك شك فى أن إيران مورد مهم للبترول حيث اشترت الهند ما يقرب من ثلث صادرات البلد خلال 2018 ولكن الزيادة الناتجة فى الأسعار التى تفوق 80 دولاراً للبرميل العام الجارى رفعت فاتورة الواردات وأسعار البنزين المحلية إلى مستويات قياسية الشهر الماضى.
وحذر بعض تجار البترول من حدوث ارتفاع آخر فى الأسعار حتى إذا منحت الولايات المتحدة الهند استثناء لتواصل شراء بعض الخام الإيرانى.
وتؤكد ضغوط الأسعار المحلية على الحاجة إلى تقليل الاعتماد على واردات الخام الأجنبى التى ترغب الحكومة فى خفضه بنسبة 10% بحلول عام 2022.
ولكن واردات البترول تمثل أكثر من 80% من احتياجات الهند وقد ترتفع هذه النسبة إلى مستوى أعلى بحلول عام 2030.
ومن أجل مواجهة أى نقص فى الإمدادات تسعى الهند إلى تنويع الواردات والتحول إلى موردين جدد مثل الولايات المتحدة كما تحاول استخدام إمدادات البترول الحالية بكفاءة أكبر فى الوقت الذى تزيد فيه الإنتاج المحلي وتتحول إلى بدائل مثل الغاز الطبيعى.
وإلى جانب الحد من استخدام البترول فى قطاع النقل تحاول الهند تنظيف قطاع الطاقة لديها وحددت هدفًا لتوليد الكهرباء من الطاقة النظيفة بنسبة 40% بحلول عام 2030.
وقال دارمندرا برادهان، وزير البترول والغاز الطبيعى الهندى “ينبغى أن تنمو الموارد المتجددة لتلبية الطلب المتزايد بسرعة على الطاقة”.
ومن أجل ذلك تسعى الحكومة للاستثمار وتبحث عن الخبرة الأجنبية لتعزيز الاستكشاف والإنتاج المحلى حيث أوضح برادهان، أن بلاده تقدم سوقاً ضخم للطاقة غير المستغلة ولدينا مجتمع شاب وطموح يحتاج إلى الحصول على الطاقة بشكل يعتمد عليه وبأسعار معقولة ومستدامة.
لكن الشركات الدولية غالباً ما تتردد بالاستثمار فى التنقيب عن البترول رغم أن شركة البترول والغاز الطبيعى المملوكة للدولة والتى تنتج معظم الإنتاج المحلى اكتشفت أكثر من 500 بئر العام الماضى وهو أعلى مستوى فى 30 عاماً.
وتستهدف الحكومة تثبيت 175 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2022 بما فى ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فى الشبكة الوطنية كجزء من برنامج الطاقة النظيفة الخاص بها.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تتراجع فيه تكلفة التكنولوجيات المتجددة مثل الطاقة الشمسية، ولكن على الرغم من الاستثمارات الضخمة إلا أن حصة الطاقة المتجددة فى توليد الطاقة الهندية من المتوقع أن ترتفع إلى الربع فقط بحلول عام 2040.