من جوليان توير
مدريد (رويترز) - يواجه رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي صعوبة للحصول على دعم من مختلف ألوان الطيف السياسي في معركته لمنع انفصال قطالونيا إذ من الممكن أن يعقد غياب التوافق أسوأ أزمة سياسية تشهدها إسبانيا منذ عشرات السنين.
ويقول نواب من الحزب الحاكم إن راخوي يدرس اتخاذ خطوة لم يسبق لها مثيل وهي اللجوء للدستور لحل برلمان قطالونيا وإجراء انتخابات محلية وذلك بعد أن أجرى الإقليم استفتاء على الاستقلال يوم الأحد على الرغم من المحاولات العنيفة لمنعه.
وفي مدريد توصف إقالة حكومة قطالونيا بأنها "الخيار النووي" في ظل أن من المرجح أن يؤجج ذلك الاضطرابات في برشلونة وبقية أنحاء المنطقة الصناعية الثرية التي تمثل خمس اقتصاد إسبانيا.
ولا يتمتع حزب راخوي وهو الحزب الشعبي بأغلبية وقال نائب بارز من الحزب إنه خاض محادثات مع الحزب الاشتراكي وهو حزب المعارضة الرئيسي سعيا للحصول على دعمه الصريح لتلك الخطوة قبل أن يلعب بهذه الورقة الرابحة.
ولم يسبق استخدام المادة 155 من دستور في عام 1978 قط في بلد لا يزال النظام الدكتاتوري الفاشي حيا في ذاكرته. وينظر أبناء قطالونيا إلى الحزب الشعبي المحافظ على أنه مرتبط تقليديا بحقبة الدكتاتور الراحل فرانشيسكو فرانكو ولهذا يقول خبراء إن على راخوي الحصول على دعم الاشتراكيين، المؤيدين بشدة لوحدة إسبانيا.
وقال رفايل هرناندو وهو منسق بالبرلمان يعمل لحساب الحزب الشعبي "تحتاج المادة 155 إلى دعم واسع ومتنوع لأننا لا نعلم ما إذا كانت ستحل المشاكل وإذا لم يؤيد استخدامها سوى حزب واحد في الكونجرس فسيكون من الصعب الحصول على دعم أغلبية من أبناء قطالونيا".
وتقول مصادر سياسية ومحللون إن في غياب هذا الدعم سيكون موقف راخوي ضعيفا وقد يدعو إلى انتخابات عامة مبكرة ليحصل على التفويض اللازم للتعامل مع الانفصاليين في قطالونيا.
وامتنع مكتب رئيس الوزراء عن التعليق.
واختار أغلبية المشاركين في الاستفتاء الاستقلال عن إسبانيا لكن نسبة الإقبال لم تتجاوز 43 في المئة إذ قاطع سكان قطالونيا الذين يرفضون الانفصال الاستفتاء.
إدانة العنف في الخارج
أبدى الاشتراكيون استعدادا للجوء لخيار استخدام المادة 155 قبل الاستفتاء لكنهم غيروا موقفهم على ما يبدو هذا الأسبوع بعد أن استخدمت الشرطة الهراوات والطلقات المطاطية لمنع أبناء قطالونيا من التصويت وهي مشاهد أثارت إدانة دولية.
وقالوا هذا الأسبوع إنهم سيقدمون اقتراحا للبرلمان ينتقد ثريا ساينز دي سانتاماريا نائبة راخوي التي يلقون باللائمة عليها في العنف السياسي الذي وقع يوم الأحد. ولا يلزم الاقتراح، وهو نوع من التوبيخ الرمزي، المسؤول بترك منصبه.
ويريد بعض الأعضاء من ذوي النفوذ في الحزب مثل نائب رئيس الوزراء الاشتراكي السابق ألفونسو جويرا أن يتبنى راخوي موقفا متشددا من الحركة الانفصالية في قطالونيا.
وقال جويرا يوم الثلاثاء "يجب أن يصوت الاشتراكيون لصالح (المادة 155)". وأضاف أن على حزبه أن يوبخ زعيم قطالونيا كارلس بوجدمون وليس ساينز دي سانتاماريا.
ولا يحتاج استخدام المادة 155 إلا لموافقة مجلس الشيوخ الإسباني الذي يسيطر عليه الحزب الشعبي لكن الحصول على التأييد السياسي من الأغلبية لهذه الخطوة الجريئة في مجلس النواب سيساعد في حماية راخوي من أي اقتراحات بسحب الثقة من جانب خصومه السياسيين الآخرين.
ويرفض حزب بوديموس اليساري استخدام المادة ويريد من راخوي التفاوض لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال بمباركته هذه المرة. وحظرت مدريد استفتاء الأحد الماضي بوصفه غير دستوري ونشرت قوات الشرطة لمنعه واعتبر بعض حلفائه أن هذا خطأ سياسي.
أما حزب الباسك القومي، الذي تأسس للدعوة لمزيد من الحكم الذاتي لمنطقة الباسك بشمال البلاد، فيعارض أيضا إقالة حكومة قطالونيا. وفي الأسبوع الماضي سحب الدعم لميزانية راخوي لعام 2018 لحين حل مسألة قطالونيا.
وقال أنطونيو باروزو نائب مدير مؤسسة (تنيو إنتليجنس) البحثية ومقرها لندن إن موقف الاشتراكيين من استخدام المادة 155 يمكن أن يلعب دورا حاسما في مستقبل راخوي.
وأضاف "إنه يأخذ البلاد إلى المجهول ولهذا يريد الحصول على أقصى درجات الدعم من أكبر عدد من الأحزاب يستطيع إقناعه وأيضا من أجل تحقيق قبول أوسع للإجراءات التي ستتخذها الحكومة".
وعرض راخوي إطلاق محادثات تشارك فيها الأحزاب المختلفة للتوصل إلى اتفاق ضريبي ودستوري أفضل بالنسبة لقطالونيا مقابل تخلي الإقليم عن مساعي الاستقلال. لكن العنف الذي شهده يوم الأحد دفع الكثير من أبناء قطالونيا لاتخاذ موقف متشدد ورفض أي حل وسط.
وحتى الآن فإن حزب المواطنين الذي ينتمي لتيار يمين الوسط هو الوحيد الذي قال هذا الأسبوع إنه يؤيد إقالة حكومة قطالونيا وحل البرلمان وإجراء انتخابات إقليمية.
وأجل راخوي مناقشة برلمانية بشأن قطالونيا حتى الأسبوع القادم على الأقل مما يعكس الصعوبة التي يواجهها للحصول على دعم أوسع. وربما يكون قد فات الأوان بحلول ذلك الوقت.
وقال عضو في حزب ترشيح الوحدة الشعبية في قطالونيا المؤيد للاستقلال وهو عضو في الائتلاف الحاكم للإقليم يوم الأربعاء إن قطالونيا ستتحرك في برلمانها يوم الاثنين لإعلان الاستقلال.
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية - تحرير أحمد صبحي خليفة)