ها هو الاقتصاد الأمريكي يطل علينا بيوم جديد، حيث سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي بيانات مهمة ستكون محركة للأسواق وستسيطر على تداولات اليوم، وتشير التوقعات إلى أن مؤشر طلبات البضائع المعمرة والذي سيصدر اليوم سيرتفع في قراءته عن شهر شباط للشهر الثالث على التوالي، على الرغم من أن صدور بيانات مبيعات التجزئة وبيانات قطاع المنازل خلال شهر شباط بانخفاض ملحوظ، حيث أظهرت تلك البيانات انخفاضاً بسبب الأحوال الجوية السيئة والتي سادت في الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت، مما عمل على تدمير الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر شباط.
وتأتي توقعات المحللين والقاضية بارتفاع طلبات البضائع المعمرة خلال شهر شباط بسبب ارتفاع الأنشطة في قطاع الصناعة، حيث لا يزال القطاع يسحب نظرائه من القطاعات الاقتصادية الأخرى إلى المزيد من التعافي والانتعاش، لذا فإن توقعات المحللين تشير إلى ارتفاع في طلبات البضائع المعمرة بنسبة 0.6% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 3.0% ، هذا إلى جانب ارتفاع طلبات البضائع المعمرة عدا المواصلات عن الشهر ذاته بنسبة 0.6% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بقيمة 0.6% .
وتعطينا قراءة طلبات البضائع المعمرة نظرة مستقبلية واضحة بخصوص إنفاق المستهلكين، ولكن خلال الفترة ذاتها، لذا فقد رأينا خلال التقارير السابقة انخفاضاً في الكثير من الأنشطة الاقتصادية كثقة المستهلكين، الإنفاق، مبيعات المنازل، حيث من غير المتوقع أن يظهر مؤشر طلبات البضائع المعمرة قفزة ولحوظة في مبيعات المنازل، نظراً لكون قطاع المنازل ما زال يعاني من وطأة ارتفاع معدلات البطالة، إلى جاني تشديد شروط الائتمان، مما يعمل على تدمير الأنشطة الاقتصادية في القطاع من خلال الحد من مستويات الانفاق من قبل المستهلكين.
وما زالت معدلات البطالة المرتفعة عزيزي القارئ تشكل تهديداً حقيقياً للأنشطة الاقتصادية، هذا إلى جانب تشديد شروط الائتمان، ليحد هاذان العاملان من الإنفاق في الولايات المتحدة الأمريكية، مع الإشارة إلى أن الانفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية، لذا فسيواصل النمو ضعفه ما لم يجد صناع القرار في الولايات المتحدة حلاً لارتفاع معدلات البطالة في البلاد وبشكل سريع.
هذا وسيصدر عن قطاع المنازل بيانات تخص أداء القطاع خلال شهر شباط، حيث تشير توقعات المحللين إلى أن مبيعات المنازل الجديدة ارتفعت بنسبة 1.9% لتصل إلى 315 ألف وحدة سكنية، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 11.2% أي بواقع 309 ألف وحدة سكنية.
وما زال قطاع المنازل الأمريكي يواجه تحديات جمة كما أسلفنا، على الرغم من البيانات والأخبار المتفائلة والتي صدرت خلال الفترة الماضية، حيث أظهرت تلك البيانات تحسناً في أنشطة قطاع المنازل، ولكن ذلك كان بسبب تواصل الدعم الحكومي للقطاع، إلى جانب تمديد فترة برنامج إعادة الضرائب لمشتري المنازل لأول مرة "برنامج الاعفاء الضريبي" ، مما حفز مستويات الطلب على المنازل من أدنى مستوى لها هلال تسعة أشهر.
وبالرجوع قليلاً إلى الخلف سنجد بأن الاقتصاد الأمريكي فقد ما يزيد عن 8.4 مليون وظيفة خلال فترة الأزمة، هذا إلى جانب تشديد شروط الائتمان كما أسلفنا مما أجبر أصحاب المنازل على عدم الوفاء بالتزاماتهم وعدم تسديد أقساطهم بانتظام، حيث أضحى موضوع ارتفاع قيم الحبوس العقارية عنواناً لقطاع المنازل لترتفع بأكثر من 3.0 مليون منزل، حيث تعد تلك المستويات هي الأعلى منذ 26 عاماً، ليشهد مؤشر MBA للموافقات على القروض العقارية بأن الطلب على القروض العقارية انخفض خلال الأسبوع المنتهي في 19 من آذار بنسبة 4.2% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 1.9% قبيل أسبوع.
ويعد هذا الانخفاض هو الأسوأ في قطاع المنازل منذ بدء تحسن الأوضاع في القطاع، مع الإشارة إلى أن تأثيرات تمديد برنامج الإعفاء الضريبي تتلاشى شيئاً فشيئاً، وبالتالي فإن القطاع بحاجة إلى المزيد من الإجراءات والتدابير لزيادة مستويات الطلب على المنازل، ناهيك عزيزي القارئ عن الأحوال الجوية السيئة والتي سيطرت على سماء الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الماضية في بداية العام الحالي، والتي قد تكون قد ضغطت على الأنشطة الاقتصادية في قطاع المنازل، ولكن وعلى الرغم من كل ذلك فالاقتصاد الأمريكي سيواصل تحسنه التدريجي خلال العام الحالي، ليصل إلى مرحلة النمو على المدى الطويل بحلول العام المقبل 2011 .
وصولاً إلى الأسهم الأمريكية، فقد انخفضت مؤشرات الأسهم في تعاولاتها الآجلة قبيل بدء جلسة تداولات اليوم، بسبب الأوضاع التي نشهدها في أوروبا، حيث تعاني كل من اليونان، البرتغال، و اسبانيا جراء ارتفاع مستويات الدين العام وبأكثر من الحد المسموح به من قبل الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى تخفيض التصنيف الائتماني للبرتغال من قبل وكالات التصنيف الرئيسية في العالم، مما ولد موجة من التشاؤم في الأسواق، ليبتعد المستثمرون عن الاستثمارات ذات المخاطرة المرتفعة، حيث سيستمر المستثمرون على هذا المنوال ما لم تصدر بيانات الاقتصاد الأمريكي بأفضل من التوقعات، مما قد يساعد مؤشرات الأسهم على تقليص خسائرها.
هذا وقد انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية في عقودها الآجلة قبيل انطلاق جرس بداية الجلسة، حيث انخفض مؤشر الداو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة بواقع 42 نقطة أي 0.4% ليصل إلى 10.786 ، في حين انخفض مؤشر S&P 500 في تعاملاته الآجلة بواقع 5.70 نقطة أي 0.5% ليصل إلى مستويات 1163.90 نقطة، بينما انخفض مؤشر الناسداك 100 بواقع 8.75 نقطة أي 0.5% ليصل إلى مستويات 1953.50 نقطة.