في إجراء مفاجئ من قبل البنك المركزي الصين قرر رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ بداية الأزمة عام 2007 ، ليعد هذا الإجراء من قبل البنك هو انتهاج لسياسة التضييق المالي بعد أن ارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات غير مريحة للبنك الصيني إلى جانب تكون فقاعة في أسعار العقارات.
قرر البنك المركزي الصيني يوم أمس رفع أسعار الفائدة على غير المتوقع للمرة الأولى منذ 2007 ، حيث ارتفعت الفائدة على الإقراض لعام إلى 5.56% من القراءة السابقة التي كانت مرتفعة بنسبة 5.31% ، أما عن الفائدة على الإيداعات فقد ارتفعت بقيمة 25 نقطة أساس لتصل إلى 2.50% بعد أن كانت بنسبة 2.25%.
يأتي هذا الإجراء من قبل البنك المركزي الصيني في أعقاب سلسلة من الإجراءات الحكومية التي تهدف إلى تخفيض عمليات الاقتراض و العمل على الحد من تزايد السيولة النقدية في الأسواق المالية. كانت آخر هذه الإجراءات من قبل الحكومة الصينية هو رفع نسبة الاحتياطي النقدي لأكبر ستة بنوك صينية للعمل على الحد من عمليات الإقراض في هذه البنوك.
أحد أهم الأهداف التي وضعها البنك الصيني في اعتباره عندما اتخذ قراره برفع أسعار الفائدة كان ارتفاع معدلات التضخم. يوم غد ستصدر بيانات عن ارتفاع متوقع لمؤشر أسعار المستهلكين الذي يعتبر مقياس التضخم في الصين بنسبة 3.6% وهو أعلى معدل له منذ عامين تقريبا.
قرار رفع الفائدة قد يكون تأثير سلبي بعض الشيء على أهداف البنك المركزي الصيني، فمثل هذا القرار يعتبر عامل جذب للسيولة النقدية الموجودة في الأسواق المالية العالمية التي ستنتقل إلى الأسواق الصينية، خصاصة أن أداء الأسهم العالمية مؤخرا يشهد تذبذب كبير مما سيشجع المستثمرين أكثر على نقل أموالهم إلى الاقتصاد صاحب أسرع معدلات نمو في العالم و هو الاقتصاد الصيني.
مثل هذا التزايد في السيولة النقدية سيدفع مؤشرات التضخم إلى الارتفاع مجدداً وهو ما يبطل هدف البنك المركزي الصيني من رفع أسعار الفائدة، إلى جانب هذا ستزيد السيولة النقدية من ارتفاع أسعار العقارات في الصين ليزيد هذا من الفقاعة المتواجدة حاليا في أسعار العقارات و التي يخشى الجميع انفجارها مما سيتسبب في أزمة كبيرة في الاقتصاد الثاني عالميا.
هناك انتقاد عالمي للسياسة المالية الصينية يرتكز على عدم سماح الحكومة الصينية لعملتها اليوان من الارتفاع، وهو الأمر الذي سيساعد على انتعاش الصادرات في العديد من الدول الأخرى ليدعم هذا معدلات النمو في هذه الدول. و لكن بعد قرار اليوم قد نجد أن فرص رفع قيمة اليوان مقابل الدولار قد تتزايد و ذلك بسبب زيادة الإقبال المتوقع للأموال على الصين و هو ما سيدفع التضخم إلى التزايد و عندئذ سيكون الإجراء الأكثر فاعلية هو رفع قيمة العملة الصينية و الذي من شأنه أن يعمل على إيقاف هذا الارتفاع في الأسعار.
من المؤكد أن الحكومة الصينية تضع في اعتبارها اتخاذ المزيد من الإجراءات للتحكم في رؤوس الأموال التي من المتوقع أن تتزايد خلال الفترة القادمة بعد قرار رفع أسعار الفائدة. من جهة أخرى قد يبدوا أن الأمر مناسب بالنسبة للحكومة الصينية التي اعتادت خلال الفترة الماضية على تزاد حجم السيولة النقدية في الأسواق المالية، و لكن الأهم بالنسبة لهم هو السيطرة على معدلات التضخم المتزايدة بشكل سريع.
عزيزي القارئ الفترة القادمة ستشهد تطورات هامة و سريعة على الصعيد المالية في الاقتصاد الصيني، فهل سنرى انخفاض ملحوظ في معدلات التضخم؟ أم أن السيولة النقدية المتوقع إقبالها على الأسواق المالية الصينية ستعمل على تسريع معدلات نمو التضخم في البلاد؟
و السؤال الأهم من ذلك هل سيدفع كل هذا الحكومة الصينية إلى اتخاذ إجراء بشأن رفع قيمة اليوان مقابل الدولار في ظل المطالبة العالمية بذلك؟؟؟