وصلنا عزيزي القارئ إلى آخر أيام الأسبوع حاملا في طياته الكثير من البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي، وذلك على الرغم من أن اليوم يصادف الجمعة الحزينة، مشيرين إلى أن الأوضاع في الولايات المتحدة باتت تتحسن ولكن بشكل أبطأ مما كان مسبقا، وذلك وسط الشوائب التي تكونت من أعقاب الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم والتي تحد من تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود.
ونشير أن البيانات الأهم ستصدر اليوم من قبل القطاع الأكثر نزيفا حتى الآن من أسوأ أزمة ركود منذ الحرب العالمية الثانية، ألا وهو قطاع العمالة الأمريكي، حيث بداية أتى مؤشر التغير في عدد الوظائف القطاع الخاص عن شهر آذار ليفاجئ الأسواق والذي كان من المتوقع أن يظهر بأن القطاع الخاص سيضيف وظائف جديدة، ولكنه أتى مشيرا أن القطاع فقد 23 ألف وظيفة خلال آذار، واليوم من المتوقع أن يشير الاقتصاد باستثناء القطاع الزراعي منه أنه تمكن من إضافة 184 ألف وظيفة خلال الشهر نفسه مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 36 ألف وظيفة مفقودة.
وثانيا نشير إلى معدل البطالة عن شهر آذار من المتوقع أن يثبت عند القراءة السابقة التي بلغت 9.7%، وهذا يبقي معدلات البطالة ضمن المستويات الأعلى له منذ 26 عام، أما بالنسبة للقطاع الصناعي الأمريكي فمن المتوقع أن يشير إلى 15 آلاف وظيفة مضافة خلال آذار مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت ألف وظيفة مضافة.
مشيرين عزيزي القارئ أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة مع العوائق التي تشكلت خلال أزمة الركود وبقيت جراء عواقب هذه الأزمة متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني وسط تضييق السياسات الائتمانية بوضع أسس وشروط أكثر صرامة مما سبق، مما يحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة وهذا ما ينعكس بالسلب على مستويات إنفاق المستهلكين، واضعين بالاعتبار أن قطاع العمالة الأمريكي حاول الخروج من هذه الأزمة، حيث أن قطاع العمالة أظهر مؤخرا بوادر التعافي التدريجي والتي وإن كانت بطيئة إنما تبقى مؤشر جيد للقطاع ليلحق بباقي القطاعات الرئيسية.
كما أن الشركات اضطرت خلال فترة الأزمة إلى تسريح العديد من موظفيها، وذلك سعيا منها لمواجهة الضغوطات وتقليص تكاليفها التشغيلية حيث وصل عدد الوظائف المفقودة خلال الأزمة إلى أكثر من 8.4 مليون وظيفة، إنما لاحظنا مؤخرا تقلص هذه العمليات جراء التطور في النشاطات الاقتصادية في مختلف القطاعات الرئيسية، بيد أن أرباب العمل لم يشعروا بأن الوقت سيسمح لتوظيف أعداد جديدة.
وهنا يجب أن لا نغفل الدور الجبار لكل من الحكومة الأمريكية والبنك الفدرالي في تحفيز الاقتصاد مركزا على نموه، حيث تبنى كل منهم برامج وخطط تحفيزية هدفت إلى تعزيز مستويات الإنفاق لدى المستهلكين، باعتبار أن إنفاق المستهلك يمثل حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية، إنما هذه البرامج والخطط باتت تتلاشى وسط انتهاء فترة صلاحيتها، مما قد ينعكس بالسلب على مستويات الإنفاق خلال الفترة القادمة، وهذا ما سيشكل ضغطا على نمو الاقتصاد خلال الربع الأول من هذا العام.
واضعين بالاعتبار أن مجلس الشيوخ الأمريكي أقر مسبقا من الناحية الأخرى خطة جديدة بقيمة 15 مليار دولار أمريكي من أموال الاقتطاعات الضريبية والانفاق على الطرق الخارجية لدعم قطاع العمالة الأمريكي في ظل مستويات البطالة المرتفعة.
وهنا نشير إلى أن الحكومة الأمريكية لم تنفك عن تقديم الدعم والمساندة للقطاع الأكثر نزيفا، قطاع العمالة الأمريكي، حيث أن ادارة اوباما الجديدة تمثلت في توفير حوالي 600 ألف وظيفة خلال الأشهر المنصرمة، وذلك وسط محاولات الحكومة الأمريكية في تعزيز النشاط الاقتصادي عن طريق الخطط التحفيزية، والتي هدفت إلى إعادة القوة للاقتصاد الأمريكي.
ويأتي بعد ذلك مؤشر معدل الدخل في الساعة عن شهر آذار أيضا الذي من المتوقع أن يرتفع على الصعيد الشهري بنسبة 0.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.1%، أما معدل ساعات العمل الأسبوعية فمن المتوقع أن ترتفع إلى 33.9 خلال شهر آذار مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 33.8.
وما علينا عزيزي القارئ إلا أن ننتظر هذه البيانات الصادرة حتى تتمكن الأسواق من تحديد وجهة الاقتصاد الأمريكي وسط تعثر قطاع العمالة الأمريكي، وإلى أي مدى سيصل نزيف القطاع! حيث أن هذه البيانات ستحرك الأسواق اليوم بحسب الثقة أو القلق الذي سينتاب المستثمرين حال صدورها، الأمر الذي سيتحكم في تداولاتهم.