القاهرة، 12 أغسطس/آب (إفي): في خطوة جريئة وحاسمة أصدر الرئيس المصري، الإسلامي محمد مرسي، اليوم الأحد قرارا بعزل المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة من منصبه وإحالته إلى التقاعد، ومعه رئيس الأركان، الفريق سامي عنان، كما ألغى إعلانا دستوريا مكملا، استعدادا لقيادة البلاد نحو مرحلة جديدة من الحكم المدني، بعد عقود من سيطرة العسكر.
ولم يمر نحو شهر ونصف على توليه رئاسة مصر كأول رئيس مدني للبلاد ينتخب بشكل ديمقراطي عقب ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011 التي أطاحت بنظام حسني مبارك العسكري في فبراير/شباط من نفس العام، حتى كشر مرسي المنتمي للإخوان المسلمين التي كانت محظورة في السابق، عن أنيابه وأطاح بقادة الجيش.
وكان طنطاوي (77 عاما) الذي تولى منصب وزارة الدفاع منذ مايو/آيار 1991 وحتى اليوم، رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شئون البلاد طوال نحو عام ونصف عقب تنحي مبارك، الذي اعتبر رابع رئيس عسكري لمصر منذ ثورة يوليو 1952 ، لتنتهي بهذا الحقبة العسكرية المسيطرة على مصر طوال ستة عقود.
فيما كان عنان نائبا لرئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وعين قائدا لقوات الدفاع الجوي في 2001 قبل ان يتولى رئاسة الأركان في 2005.
وربما تنهي هذه القرارات الصراع بين الإخوان المسلمين والمؤسسة العسكرية في مصر على السلطة، التي سينفرد بها مرسي الآن، ليفك هذا القيد.
وكانت آخر سلسلة من هذا الصراع قرار المجلس الاعلى للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب الأخير، الذي سيطر عليه الإسلاميون وبالأخص جماعة الاخوان المسلمين، استنادا إلى حكم المحكمة الدستورية بعدم شرعيته.
إلا ان أصداء هذه القرارات لا تزال مبهمة من جانب المجلس العسكري، حيث تسير في اتجاهين لا ثالث لهما، إما الإذعان لرئيس البلاد، أو رفض قراراته ومن ثم الاتجاه من جديد نحو التصادم.
وفي هذا الإطار، نفى مصدر عسكرى صحة ما تردد من شائعات حول وجود ردود فعل سلبية داخل المؤسسة العسكرية تجاه التغييرات التى حدثت في قيادات القوات المسلحة.
وقال المصدر إنه تم التنسيق والتشاور بشأن تلك القرارات، مؤكدا أن القوات المسلحة مؤسسة وطنية عريقة تتسم بالمهنية والاحتراف، وستظل دائما ملكا للشعب المصرى.
واعتبر قرار مرسي مفاجئا سواء في الأوساط الشعبية أو السياسية، حيث احتفل معظم المؤيدين للثورة بتلك القرارات على اعتبار انها جاءت تأييدا للدولة المدنية وللتخلص من سيطرة المؤسسة العسكرية.
واحتشد الآلاف من الأشخاص مساء اليوم في ميدان التحرير بوسط القاهرة، مهد الثورة المصرية، احتفالا بقرارات مرسي الذي توجت إقالته قبل أيام لرئيس جهاز المخابرات اللواء مراد موافي، ولقائد الشرطة العسكرية حمدي بدين، وكذلك لقائد الحرس الجمهوري.
كما شهدت العديد من المدن المصرية مظاهرات واحتفالات من جانب أنصار حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بقرارات مرسي، إلى جانب احتشاد الآلاف أمام منزله بالتجمع الخامس لتحيته.
وسياسيا أعربت العديد من القوى عن تأييدها لقرار مرسي، حيث أعلن مجلس أمناء الثورة تأييده لكل القرارات التي أصدرها ووصفها بالتاريخية التي أتت في وقت يعد الوطن في أمس الحاجة فيه للانتقال لمرحلة جديدة من العمل.
وأكد مجلس أمناء الثورة في بيان أصدره الليلة أن تلك القرارات تعتبر ضربة قاصمة للثورة المضادة، ووضع اللبنات الأولى لأسس الدولة المدنية التي لا يتدخل فيها العسكر في شئون المدنيين، وإرساء دولة القانون والدستور، وأحد المؤشرات الأساسية على أن الثورة المباركة انتصرت، وقضت على أحد أهم مراكز القوى في مصر التي عطلت عجلة البلاد "وأدخلتنا في تجارب كبدتنا خسائر بشرية ومادية طوال العام ونصف العام".
من جانبه أكد أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط أن القرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية اليوم تعتبر المقدمة الحقيقية لبناء الدولة المصرية من جديد، على أسس ديمقراطية مدنية، دون إستئثار حزب أو فصيل سياسي بالمشهد كله.
وأفاد بيان لحزب الوسط انه لا يستبعد ارتباط تلك القرارات الهامة بما سبقها من أحداث أهمها إعتداءات رفح "الأثمه" على جنود وضباط القوات المسلحة، وكذلك الاعتداءات التى تلتها أثناء جنازة الأبطال الشهداء، مرورا بتعطيل الخدمات من مياه وكهرباء ومن قبلها السولار والبنزين، وغير ذلك من خطة مرصودة لإسقاط الدولة بعد إصابتها بالشلل التام.
كما أصدرت حركة 6 إبريل المستقلة بالمنوفية بيانا أيدت فيه قرارات الرئيس مرسي، وقال محمد كمال منسق عام الحركة بالمحافظة إن هذه القرارات ستساهم في تصحيح مسار الثورة وعودة الإستقرار المنشود وأعطت الرئيس مرسي صلاحيات كاملة لإدارة شئون البلاد خلال هذه المرحلة الحرجة.
فيما أكد خالد راشد نقيب المحامين بالمنوفية عن سعادته لقرارات الدكتور مرسي، مؤكدا أن هذه القرارات جاءت مفاجئة للجميع وأنهت الصراع علي السلطة، على حد قوله.
من جانبه أعلن تحالف ثوار مصر دعمه وتأييده لقرارات رئيس الجمهورية، وخصوصا الاطاحة بالاعلان الدستوري المكمل، مؤكدا أن جميع شباب الثورة راضون تماما عن هذه القرارات التي تقضي على غالبية بقايا نظام مبارك، واصفا إياها بأنها خطوة على طريق بداية الجمهورية الجديدة.
بينما وصف الإعلامي والمحلل السياسي حمدي قنديل عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قرارات مرسي بأنها "انقلاب مدني" استبق به الرئيس انقلابا عسكريا كان يعد ضده.
وأضاف "أعتقد أنه كان هناك قلق ما من أن يستغل المجلس العسكرى الحملة فى سيناء للقيام بتحركات عسكرية تمهد لانقلاب على الرئيس"، وأشار إلى أن الفرصة متاحة الآن ليعود الجيش لمهمته الأساسية في حماية حدود مصر وأمنها القومى، مؤكدا أن تطهير سيناء لا يمكن أن يتم دون تطهير القوات المسلحة.
وتأتي مجمل هذه القرارات بعد مرور أسبوع واحد على الهجوم الإرهابي والمأساوي الذي استهدف عسكريين مصريين في مدينة رفح على الحدود مع إسرائيل وأسفر عن مقتل 16 عسكريا وإصابة سبعة آخرين.
كما قام الإرهابيون بالاستيلاء على مركبة مدرعة واستخدموها فى اختراق الحدود المصرية الإسرائيلية من خلال معبر كرم ابو سالم جنوب قطاع غزة حيث تعاملت معها القوات الأسرائيلية ودمرتها. (إفي)