من ستيف هولاند وجيف ميسون
واشنطن (رويترز) - ربما يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وجد بصعوبة مخرجا من احتمال الزج بالولايات المتحدة في حرب واسعة مع إيران، على الأقل في الوقت الحالي، وذلك بعد أن أمر بقتل أحد كبار القادة العسكريين الإيرانيين وأثار انتقادات في الداخل والخارج.
فعندما انهالت الصواريخ الإيرانية على قواعد تضم قوات أمريكية في العراق ليل الثلاثاء انتشر في البيت الأبيض إحساس بالشؤم وظل ترامب ومساعدوه المختصون بالأمن القومي في حركة دائبة داخلين خارجين من غرفة المتابعة مع توالي التطورات.
ولو أن الهجوم، الذي قالت إيران إنه رد على الضربة الجوية التي قتل فيها قاسم سليماني، أسفر عن خسائر في الأرواح لكان ترامب قد وجد نفسه مضطرا للرد لتصبح إيران والولايات المتحدة طرفي صراع مفتوح بعد سنوات من التوترات المتصاعدة.
وقال مساعدو ترامب إن الارتياح بدا عليه بحلول صباح يوم الأربعاء وهو يعدل صياغة كلمته التي بثها التلفزيون إذ بدا أنه تفادى أسوأ سيناريو ممكن أن يحدث وإن ظل على قلقه من احتمال أن تواصل إيران الرد.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال أثناء الليل إن الضربات الصاروخية "أتمت" رد طهران على مقتل سليماني وقال رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر إن الأزمة انتهت.
وقال ترامب في كلمة مدروسة كانت تمثل اختلافا ملحوظا عن أيام تميزت بالتصريحات الغاضبة وليدة اللحظة "يبدو أن إيران تتراجع وهو أمر جيد لكل الأطراف المعنية وأمر جيد جدا للعالم".
وأضاف أن الولايات المتحدة لا تحتاج للرد عسكريا على الهجوم الإيراني.
وإذا استمر الوضع في مسار التهدئة فلن يضطر ترامب للدفاع عن صراع عسكري مع إيران خلال حملة الدعاية لانتخابات نوفمبر تشرين الثاني الرئاسية وذلك بعد أن قضى سنوات وهو يعيب على من سبقوه من الرؤساء "حروبا لا نهاية لها" في العراق وأفغانستان.
وقال الجمهوري نيوت جينجريتش الرئيس السابق لمجلس النواب وهو من حلفاء الرئيس المقربين "ترامب كان في غاية الانضباط وفي غاية الصبر بانتظار معرفة ما سيكون عليه ردهم".
وأضاف "لم يكن بحاجة للتصعيد. وأعتقد أن ترامب يبدي ضبط النفس".
غير أنه من المرجح أن تخضع نوازع الرئيس لامتحان جديد في الأسابيع المقبلة إذ يحذر مسؤولون أمريكيون من أن من المرجح أن ترد إيران بوسائل غير تقليدية كأن تستخدم مثلا قوات تعمل لحسابها في استهداف أمريكيين أو شن هجمات إلكترونية.
كما أنه لا تزال هناك مخاوف تتعلق بمسار السياسة الإيرانية بين الديمقراطيين وبعض الجمهوريين في الكونجرس الأمريكي.
وقد قالت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب "أعضاء الكونجرس لديهم مخاوف ملحة تتعلق بقرار الإدارة الانخراط في أعمال عسكرية ضد إيران وبغياب الاستراتيجية لديها لما هو قادم".
* هجمات وشيكة
في مثال على كيفية سير الأمور في البيت الأبيض في عهد ترامب ظهرت علامات الفوضى خلال الأسبوع منذ مقتل سليماني في مطار بغداد في هجوم بطائرة مسيرة أمر بتنفيذه الرئيس.
وقال ترامب إنه اتخذ القرار بناء على معلومات استخبارات بينت أن سليماني كان يخطط "لهجمات" وشيكة على أهداف أمريكية في الشرق الأوسط.
إلا أن أياما مرت دون أن يتمكن ترامب أو مساعدوه في الأمن القومي بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر ومستشار الأمن القومي روبرت أوبريان من تقديم تفاصيل.
ويخشى بعض حلفاء ترامب أن يكون قد أوقع نفسه في مأزق بالادعاء بأن الهجمات كانت وشيكة. وقالوا إن مسؤولية سليماني عن إراقة الدماء من قبل بما في ذلك دماء الجنود الأمريكيين في العراق مبرر كاف.
وقال مسؤول كبير سابق في الإدارة "مرت خمسة أيام ولم تسمع حتى الآن شيئا عن الخطر الوشيك ... هذا معناه أن لديك مشكلة".
وأضاف المسؤول "كنت آمل وأتوقع أن أتلقى مزيدا من المعلومات ترسم الإطار العام للمبرر القانوني والواقعي والأخلاقي لهذا الهجوم".
وقال جمهوريون على صلة وثيقة بالبيت الأبيض إن ترامب كان حائرا بين أمرين في الأسابيع والشهور التي سبقت إصدار الأمر بقتل سليماني.
فقد كان تحت ضغط للرد على الاستفزازات الإيرانية في المنطقة لكنه كان عازفا عن استخدام القوة مفضلا مواصلة التركيز على العقوبات الاقتصادية.
ولم يخف ترامب ازدراءه لقرار الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش غزو العراق في 2003 ومن ثم كان سيُتهم بالنفاق لو أن أفعاله وتصريحاته أدت إلى حرب مع طهران.
وبدلا من أن تصل الأمور إلى هذا الحد، وجد الجانبان فيما يبدو مخرجا من الطريق المؤدي إلى الحرب، في الوقت الحالي على الأقل.
ورغم ما في ذلك من نفع لترامب وهو مقبل على حملة الدعاية لإعادة انتخابه، فلا يزال عليه أن يبذل جهدا لإقناع الناخبين الأمريكيين بسياسته تجاه إيران.
وتوصل استطلاع للرأي أجرته رويترز وإبسوس يومي السادس والسابع من يناير كانون الثاني إلى أن 53 في المئة من الأمريكيين البالغين يستنكرون أسلوب ترامب في التعامل مع إيران بزيادة نسبتها نحو تسع نقاط مئوية عن استطلاع مماثل أجري في منتصف ديسمبر كانون الأول.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير لبنى صبري)