وصلنا عزيزي القارئ إلى آخر أيام الأسبوع حاملا في طياته الكثير من البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي، مشيرين إلى أن الأوضاع في الولايات المتحدة تباطأت بشكل نسبي في بعض القطاعات الرئيسية، حيث أن الاقتصاد لم يتمكن من التقدم بالشكل المنشود وسط الشوائب التي تكونت من أعقاب الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم والتي تحد من تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود.
ونشير أن البيانات الأهم ستصدر اليوم من قبل القطاع الأكثر نزيفا حتى الآن من أسوأ أزمة ركود منذ الحرب العالمية الثانية، ألا وهو قطاع العمالة الأمريكي، حيث بداية سيصدر تقرير العمالة عن شهر أيار/ مايو والذي من المتوقع أن يشير بأن الاقتصاد الأمريكي تمكن خلال الشهر من إضافة 165 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 244 ألف وظيفة مضافة.
كذلك من المتوقع أن يضيف القطاع الخاص 173 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 268 ألف وظيفة مضافة، واضعين بعين الاعتبار أن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص أشار إلى أن القطاع أضاف 38 ألف وظيفة فقط خلال أيار/ مايو، أما القطاع الصناعي فمن المحتمل أن يتمكن من إضافة 10 ألاف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 29 ألف وظيفة مضافة.
وثانيا نشير إلى أن معدل البطالة عن شهر أيار/ مايو من المتوقع انخفاضه إلى 8.9% مقابل 9.0%، الأمر الذي قد يكون مواصلة سير الاقتصاد نحو التعافي ولكن ضمن وتيرة معتدلة وتدريجية، ولكن يجب أن نغفل بأن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، لتصبح المعضلة الأصعب بين باقي العقبات التي تقف في طريق تعافي الاقتصاد الأمريكي، مشيرين بأن المحللين يعتقدون بأنه على الاقتصاد الأمريكي إضافة ما يصل إلى 140 ألف وظيفة بمعدل شهري حتى يتسنى لمعدلات البطالة الهبوط بشكل ملحوظ.
وهنا يجب أن نسلط الضوء عزيزي القارئ برغم هذه التوقعات إلا أنه من المرجح أن يظهر التقرير أرقام أسوأ مما كان متوقعا، وذلك مع المؤشرات التي صدرت آخر أسبوعين من قطاع العمالة، حيث أن طلبات الإعانة واصلت ارتفاعها طوال الأسبوعين الماضيين، هذا بالإضافة إلى أن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص فشل في التوصل إلى التوقعات خلال شهر أيار/ مايو.
كما ونشير بالمقابل بأن عملية توظيف الأمريكيين في الاقتصاد الأمريكي ظهرت ضمن نطاق أوسع في التقرير السابق، إذ كانت الإضافة الأكبر في قطاع الصناعة ثم قطاع الإنشاءات ليليه قطاع النقل، مشيرين بأن معدل البطالة واصل هبوطه للشهر الرابع على التوالي إلى أن ارتفع خلال نيسان إلى 9.0%، إلا أن أرباب العمل لا يزالون حذرون في مسألة توظيف أعداد جديدة.
مشيرين عزيزي القارئ أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة مع العوائق التي تشكلت خلال أزمة الركود وبقيت جراء عواقب هذه الأزمة متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني وسط تضييق السياسات الائتمانية بوضع أسس وشروط أكثر صرامة مما سبق، مما يحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة وهذا ما ينعكس بالسلب على مستويات إنفاق المستهلكين.
وبالعودة إلى أجندة البيانات الصادرة فمن المنتظر صدور مؤشر معهد التزويد الغير صناعي للخدمات والذي من المتوقع أن يشير إلى توسع الأنشطة خلال أيار إلى 54.0 مقابل 52.8، واضعين بعين الاعتبار أن قطاع الخدمات لا يزال ضمن مرحلة توسع، هذا مع العلم أن مؤشر معهد التزويد الصناعي صدر مع بداية الأسبوع مظهرا تباطؤ في الأنشطة الصناعية خلال الشهر نفسه.
وما علينا عزيزي القارئ إلا أن ننتظر البيانات الصادرة حتى تتمكن الأسواق من تحديد وجهة الاقتصاد الأمريكي، إذ من المحتمل أن يكمل سوق الأسهم الأمريكي هبوطه الذي استمر به خلال الأسبوع الجاري، وهنا يكمن السؤال الأهم، ألا وهو إلى متى سينقطع نزيف قطاع العمالة؟ حيث أن هذه البيانات ستحرك الأسواق اليوم بحسب الثقة أو القلق الذي سينتاب المستثمرين حال صدورها، الأمر الذي سيتحكم في تداولاتهم...