من إيما فارج وبيت فليكس
دكار (رويترز) - يغمر الأمل ناشطي المعارضة في معظم أنحاء القارة الأفريقية بأن يحل على بلدانهم "الربيع الأسود" أسوة "بالربيع العربي" بعد مظاهرات بوركينا فاسو التي أطاحت بأحد أطول الزعماء حكما في القارة السوداء.. غير أن تجربة كليمنت ميراسا توحي بأن آمالهم سابقة لأوانها.
ميراسا هو أحد زعماء المعارضة في جمهورية الكونجو وهو يرغب في استثمار الفرصة التي أتاحتها الانتفاضة التي أطاحت الأسبوع الماضي برئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري اثر محاولته تعديل دستور البلاد لتمديد فترة حكمه التي بلغت 27 عاما.
عقد ميراسا اجتماعا في منزله في برازافيل يوم الثلاثاء الماضي لمعارضة أي خطوة مماثلة قد يقوم بها رئيس بلاده دنيس ساسو نجويسو.
لكن ما إن بدأ الاجتماع حتى أحاطت سيارات الشرطة بالمنزل واقدم عناصر الامن المسلحون على ضرب المشاركين في الاجتماع واعتقالهم.
من جمهورية الكونجو إلى بنين إلى الكونجو الديمقراطية ورواندا.. يقترب عدد من الحكام "الكبار" من نهاية فتراتهم الرئاسية مما يثير مخاوف من تمسكهم بالسلطة عبر تغيير قوانين بلدانهم.
وفي غرب أفريقيا على وجه الخصوص يعتقد عدد من مؤيدي المعارضة انهم قادرون على التصدي لمثل هذه الطموحات بالطريقة عينها التي أطاح عبرها متظاهرون عرب بحكامهم عام 2011 كما جرى في تونس ومصر على سبيل المثال.
وقال مارتن أجلو وهو طالب في كلية الحقوق من بنين "بعد الربيع العربي ها هو الربيع الأسود." وخططت المعارضة في بنين بالفعل مظاهرات لعرقلة اي محاولة للرئيس بوني يايي للبقاء في السلطة.
ويواجه الزعماء الأفارقة الذين أمضوا فترات طويلة في الحكم -مثلما هو الحال في أنجولا وزيمبابوي وغينيا الاستوائية- ضغوطا مستجدة في بلدانهم من شباب عاطل عن العمل وساخط من انعدام المساواة ويطالب بتطبيق المبادئ الديمقراطية. وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي التي تتسع دائرة استخدامها في تضخيم هذه الضغوط.
لكن ليس بمقدور جميع الدول الافريقية استنساخ حالة الاستعداد للتغيير التي شهدتها بوركينا فاسو.. تلك الدولة الفقيرة المنتجة للقطن التي طالما شهدت مظاهرات شعبية وانتفاضات اجتماعية مدعومة من الجيش.
وما تريده قوى المعارضة في الدول الافريقية الأخرى أن يكون سقوط كومباوري بمثابة تحذير للحكام. قال ميراسا في برازافيل حيث يحكم ساسو نجويسو منذ 35 عاما "يغمرني الاعجاب بما حصل في بوركينا فاسو .. على القادة الأفارقة استخلاص العبر من هذا الأمر."
غير أن المعارضين يواجهون رؤساء ونخبا سياسية أكثر قوة من تلك التي واجهتها جموع المتظاهرين في بوركينا فاسو حيث كان العامل الحاسم في نجاح الاطاحة بكومباوري هو تعاطف الجيش مع الجموع الناقمة بعد تمرد الجنود عام 2011 لعدم حصولهم على علاوات مالية.
وفي الوقت الذي وصلت فيه الجموع إلى مئات الآلاف في قصر الأمة في واجادوجو لزم الجنود ثكناتهم وسمحوا للمتظاهرين باحراق البرلمان.
لكن رؤساء الدول الغنية المنتجة للنفط مثل خوسيه ادواردو دوس سانتوس في أنجولا وتيودورو اوبيانج نيجيما في غينيا الاستوائية قد يستخدمون موارد الدولة لتمويل المحسوبيات السياسية وشراء ولاء أصحاب الرتب العسكرية.
كما أن العامل الآخر في نجاح انتفاضة بوركينا فاسو كان التحرك الشبابي المفعم بالحيوية الذي قاده العدي
من إيما فارج وبيت فليكس
دكار (رويترز) - يغمر الأمل ناشطي المعارضة في معظم أنحاء القارة الأفريقية بأن يحل على بلدانهم "الربيع الأسود" أسوة "بالربيع العربي" بعد مظاهرات بوركينا فاسو التي أطاحت بأحد أطول الزعماء حكما في القارة السوداء.. غير أن تجربة كليمنت ميراسا توحي بأن آمالهم سابقة لأوانها.
ميراسا هو أحد زعماء المعارضة في جمهورية الكونجو وهو يرغب في استثمار الفرصة التي أتاحتها الانتفاضة التي أطاحت الأسبوع الماضي برئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري اثر محاولته تعديل دستور البلاد لتمديد فترة حكمه التي بلغت 27 عاما.
عقد ميراسا اجتماعا في منزله في برازافيل يوم الثلاثاء الماضي لمعارضة أي خطوة مماثلة قد يقوم بها رئيس بلاده دنيس ساسو نجويسو.
لكن ما إن بدأ الاجتماع حتى أحاطت سيارات الشرطة بالمنزل واقدم عناصر الامن المسلحون على ضرب المشاركين في الاجتماع واعتقالهم.
من جمهورية الكونجو إلى بنين إلى الكونجو الديمقراطية ورواندا.. يقترب عدد من الحكام "الكبار" من نهاية فتراتهم الرئاسية مما يثير مخاوف من تمسكهم بالسلطة عبر تغيير قوانين بلدانهم.
وفي غرب أفريقيا على وجه الخصوص يعتقد عدد من مؤيدي المعارضة انهم قادرون على التصدي لمثل هذه الطموحات بالطريقة عينها التي أطاح عبرها متظاهرون عرب بحكامهم عام 2011 كما جرى في تونس ومصر على سبيل المثال.
وقال مارتن أجلو وهو طالب في كلية الحقوق من بنين "بعد الربيع العربي ها هو الربيع الأسود." وخططت المعارضة في بنين بالفعل مظاهرات لعرقلة اي محاولة للرئيس بوني يايي للبقاء في السلطة.
ويواجه الزعماء الأفارقة الذين أمضوا فترات طويلة في الحكم -مثلما هو الحال في أنجولا وزيمبابوي وغينيا الاستوائية- ضغوطا مستجدة في بلدانهم من شباب عاطل عن العمل وساخط من انعدام المساواة ويطالب بتطبيق المبادئ الديمقراطية. وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي التي تتسع دائرة استخدامها في تضخيم هذه الضغوط.
لكن ليس بمقدور جميع الدول الافريقية استنساخ حالة الاستعداد للتغيير التي شهدتها بوركينا فاسو.. تلك الدولة الفقيرة المنتجة للقطن التي طالما شهدت مظاهرات شعبية وانتفاضات اجتماعية مدعومة من الجيش.
وما تريده قوى المعارضة في الدول الافريقية الأخرى أن يكون سقوط كومباوري بمثابة تحذير للحكام. قال ميراسا في برازافيل حيث يحكم ساسو نجويسو منذ 35 عاما "يغمرني الاعجاب بما حصل في بوركينا فاسو .. على القادة الأفارقة استخلاص العبر من هذا الأمر."
غير أن المعارضين يواجهون رؤساء ونخبا سياسية أكثر قوة من تلك التي واجهتها جموع المتظاهرين في بوركينا فاسو حيث كان العامل الحاسم في نجاح الاطاحة بكومباوري هو تعاطف الجيش مع الجموع الناقمة بعد تمرد الجنود عام 2011 لعدم حصولهم على علاوات مالية.
وفي الوقت الذي وصلت فيه الجموع إلى مئات الآلاف في قصر الأمة في واجادوجو لزم الجنود ثكناتهم وسمحوا للمتظاهرين باحراق البرلمان.
لكن رؤساء الدول الغنية المنتجة للنفط مثل خوسيه ادواردو دوس سانتوس في أنجولا وتيودورو اوبيانج نيجيما في غينيا الاستوائية قد يستخدمون موارد الدولة لتمويل المحسوبيات السياسية وشراء ولاء أصحاب الرتب العسكرية.
كما أن العامل الآخر في نجاح انتفاضة بوركينا فاسو كان التحرك الشبابي المفعم بالحيوية الذي قاده العديد من حلفاء الرئيس السابقين الساخطين فضلا عن تاريخ البلاد الطويل في انتزاع تنازلات من الحكومة عبر سلاح التظاهر العتيد.
وقالت جينيفر كوك مديرة برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "لا اعتقد أنها (أحداث بوركينا فاسو) ستطلق عنان موجة من الثورات في أنحاء أفريقيا أو تطيح بأشخاص مثل دوس سانتوس أو أوبيانج."
وأضافت "لكن ما أعتقده أنها ستشكل نموذجا للضغوط التي قد تواجهها بلدان أخرى.. هذا النموذج ربما يزيد جرأة المواطنين في أماكن أخرى."
* التمديد
أدخلت الكثير من الدول الأفريقية قوانين جعلت الحد الأقصى لتولي الرئاسة هو فترتان وسط موجة من الإصلاحات السياسية في أوائل تسعينيات القرن الماضي أنهت مرحلة "الرئاسة مدى الحياة" التي أعقبت الاستقلال.
غير أن العديد من الزعماء حاولوا إزالة هذه القيود أو تمديد فترات الرئاسة وتكللت جهود معظمهم بالنجاح مع استغلالهم البرلمانات الطيعة سياسيا التي تتيح تمرير التعديلات الدستورية.
وبرزت هذه الظاهرة في أنجولا وزيمبابوي وغينيا الاستوائية فضلا عن تشاد والكاميرون والجابون وتوجو. وفي بوركينا فاسو حاول كومباوري أول مرة رفع القيود على الفترات الرئاسية عام 1997 لكنه عدل عن ذلك لاحقا تحت ضغط شعبي.
واليوم تأمل المعارضة في الكاميرون أن يرحل الرئيس بول بيا بالطريقة عينها التي غادر بها كومباوري السلطة.
وقال نيكولاس وهو استاذ جامعي في ياوندي رفض ذكر اسم عائلته خوفا من ملاحقة السلطات "بوركينا فاسو تعلمنا درسا. نحن ننتظر بلهفة دور بول بيا."
ويتوقع كثيرون أن تكون جمهورية الكونجو الديمقراطية نقطة الاحتدام المقبلة. فمؤيدو جوزيف كابيلا الذي شغل مقعد الرئاسة لفترتين يشنون حملة لتمديد رئاسته.
وقال مارك شرودر مدير دائرة تحليل شؤون دول جنوبي الصحراء الافريقية في مركز ستراتفور الاستشاري الأمريكي"عندما ننظر إلى العوامل المختلفة التي تزيد من المخاطر بالنسبة لتداول السلطة.. سنجدها موجودة وبقوة في جمهورية الكونجو الديمقراطية."
لكن في كينشاسا عاصمة الكونجو قال شهود إن اجتماعا حاشدا للمعارضة لم يجتذب إلا نحو 100 شخص. وسرعان ما اعتقلت قوات الأمن المعروفة بأساليبها القاسية الكثير منهم.
وقال وليام أسانفو الباحث في معهد جنوب افريقيا للدراسات الأمنية والمقيم في دكار "أخشى أن يقود هذا إلى اعمال عنف.. فالأنظمة في هذه البلدان الأخرى قد لا تضبط النفس كما فعل جيش بوركينا فاسو."
أما كريستوف ويلي من مركز السيطرة على المخاطر الاستشاري فرأى أن كابيلا ربما يلجأ إلى وسائل أخرى لتمديد حكمه غير التعديل الدستوري اذ قد يؤخر الانتخابات حتى يتحقق اجماع وطني وهو ما قد يستغرق سنوات طويلة.
* قنبلة سكانية موقوتة
لكن الثابت هو أن الرؤساء المخضرمين لم يعد بامكانهم الاستخفاف بسكان المدن من الشباب ذوي الصوت العالي. إذ يفد الملايين من الشبان إلى سوق العمل واذا لم تلب مطالبهم المتعلقة بالعمل والمساواة ولعب دور اكبر في السياسية فقد يصبحون قنبلة موقوتة بالنسبة للزعماء العازفين عن ترك السلطة.
قال يوهنيو نجينجي من المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية "المواطنون في دول جنوبي الصحراء يستيقظون ويحمون دساتيرهم جيدا. المسألة لم تعد مسالة مصالح كما كانت من قبل."