أدى إعادة فتح الحكومة الأمريكية لصنابير الإنفاق إلى تعزيز المعنويات المتفائلة، ويضغط الرئيس جو بايدن لحزمة إغاثة بقيمة 1.9 تريليون دولار بجانب 900 مليار دولار التى مررها الكونجرس فى أواخر ديسمبر.
ويقدر بنك “جولدمان ساكس” أن يتم ضخ حزمة تحفيز بحوالى 1.5 تريليون دولار أو حوالى 7% من الناتج المحلى الإجمالى.
ويتسارع توزيع الأمصال كذلك، وتحصن الولايات المتحدة حاليا أكثر من مليون شخص يوميا، وقد يعزز اعتماد لقاح “جونسون آند جونسون” الإمدادات، ويضيف حوالى 30 مليون جرعة بحلول أوائل أبريل و100 مليون آخرين بنهاية يونيو، وفقا لـ”باركليز”.
ورفع البنك توقعاته لنمو الناتج المحلى الإجمالى فى الولايات المتحدة لعام 2020 إلى 6.3%، كما عزز “جولدمان ساكس”، و”مورجان ستانلى”، و”نات ويست ماركتس” توقعاتهم للنمو أيضا، وكذلك شركة الأبحاث “أوكسفورد ايكونوميكس”، ويتوقع اقتصاديوها توسعا بنسبة 5.9% فى 2021، أى أعلى بحوالى 2% من تقديراتهم فى يناير.
وعززت هذه التقييمات الرهانات على ارتفاع عائدات الخزانة وتوقعات التضخم، وتسارعت وتيرة موجة البيع فى الديون الحكومية الأمريكية الأسبوع الجارى ما أرسل عائدات السندات لأجل 30 عاما فوق 2% لأول مرة فى عام، بعدما اقتربت من 1.6% فى وقت قريب فى نوفمبر، وصعد معدل تعادل عوائد أجل 10 سنوات مع التضخم، وهو مقياس للتضخم المتوقع ناتج عن الفرق بين أسعار الفائدة على السندات المعيارية والديون المرتبطة بالتضخم، إلى أعلى مستوى منذ 2014 إلى 2.2%، بعدما هبط فى سبتمبر دون 1.7%.
ويقول روبرت تيب، استراتيجى الاستثمار فى “PGIM Fixed Income”، إنه بعد مثل هذا التحرك السوقى “تبدأ الشكوك المزعجة”.
ويقول المستثمرون إن السلالات الجديدة المتحورة وسهلة الانتقال لكوفيد 19 تفرض التهديدات الأكبر للتعافي، وتعد التقارير الأولية التى تظهر أن مجموعة لقاحات فيروس كورونا المعتمدة ليست فعالة حتى الآن ضد سلالة جنوب إفريقيا مثيرة للقلق بشكل خاص.
وتتركز المشكلة الثانية حول المستهلك، ويعلق أولوميد أوالابي، مدير محفظة دخل ثابت فى “نيوبرجر بيرمان”، توقعاته للنمو بقدر كبير على التوقعات بأنه بمجرد أن يبدأ الأمريكيين فى الخروج، فإنهم سيتدافعون لإنفاق المدخرات التى جمعها أغلبهم منذ بداية الوباء، ويقول إن الطلب المكبوت سينتج عنه تضخما أعلى.
ولكن ماذا إذا كان المستهلكون أكثر حذرا أو كانت فرص الإنفاق محدودة أكثر من قبل الوباء؟
ويحذر أولابى أنه إذا لم ينفق الأشخاص بحرية بحلول الصيف، فإن دورة التوسع التى يتوقعها لن تتحقق، ويقول: “التوقيت عامل رئيسي”.
ويعد الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى شديد الحساسية تجاه هذه المخاطر، وفقًا لما قاله تيب، مستشهدا بالتأكيدات القوية من قبل البنك المركزى بأنه لن يفكر فى تعديل موقفه السياسى قبل أن يرى تحقق تعافى صلب.
وأكد باول على هذه الرسالة يوم الأربعاء، محذرًا من أن الولايات المتحدة لا تزال “بعيدة جدًا عن سوق عمل قوي” وأن أى ارتفاع مؤقت للتضخم هذا العام “لن يكون كبيرًا ولا مستدامًا”، وفى نفس الوقت، قال توماس باركين، رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى ريتشموند، لصحيفة “فاينانشيال تايمز” هذا الأسبوع إنه يتوقع ضغوط انكماشية فى المستقبل.
ويعتقد تيب أن عوائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات ستنخفض إلى 1% بحلول نهاية العام، أى أقل بكثير من مستوى 1.6% أو أعلى الذى يتوقعه بعض الاستراتيجيين.
ويقول تيب، فى إشارة إلى الجدول الزمنى لتوقعات رفع الفائدة من قبل الفيدرالى بحلول عام 2023 والذى يجمع عليه العديد من المستثمرين: “سنصل إلى نقطة يسعر فيها السوق وتيرة غير واقعية لرفع الفيدرالى لأسعار الفائدة”، وأضاف: “انتهت بالفعل تداولات مقاومة الانكماش، ونحن الآن فى مرحلة ارتفاع التضخم، ويكمن السؤال الآن فى إلى أى مدى سيرتفع التضخم”.
وبالنظر إلى الدعم الاستثنائى الذى تقدمه كل من إدارة بايدن والبنك المركزى الأمريكى، فقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل أن تدرك الأسواق الحقيقة.
بقلم: كولبى سميث، محررة الأسواق الرأسمالية الأمريكية
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز”.