يواصل قطاع الصناعة الأمريكي الإفصاح عن بيانات جيدة في ما يتعلق بأدائه خلال الفترة الماضية، وذلك عقب الانكماش الذي أظهره مؤخراً، وذلك في قراءات مؤشري نيويورك وفيلادلفيا الصناعيين بشكل رئيس، حيث انضم مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات إلى تلك المؤشرات اليوم الأربعاء في التأكيد على ذلك التحسن وبالأخص خلال تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، وذلك من خلال صدور قراءة شهر تشرين الأول/نوفمبر عند 62.6، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 58.4، وبأعلى من التوقعات.
حيث ارتفع مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات خلال تشرين الثاني/نوفمبر إلى 62.6، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 58.4، وبأفضل من التوقعات التي بلغت 58.5، في حين أن المؤشرات الفرعية في التقرير الصادرة أشارت إلى أن الأسعار المدفوعة انخفضت إلى 60.2 خلال تشرين الثاني/نوفمبر مقابل 66.0، أما مستويات الإنتاج فقد ارتفعت إلى 67.3 مقابل 63.4.
هذا وقد أكدت المؤشرات الفرعية أيضاً على ارتفاع الطلبات الجديدة خلال تشرين الثاني/نوفمبر إلى 70.2، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 61.3، في حين انخفضت المخزونات بتأثير من الضعف الجاري في الاقتصاد وتردّي مستويات الطلب على البضائع والخدمات، إلى 53.6، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 54.4، بينما انخفضت معدلات التوظيف خلال الشهر ذاته إلى 56.9 مقابل 62.3، أما توصيلات الموردين فقد ارتفعت لتصل إلى 56.6 مقابل 55.8.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن معدلات البطالة لا تزال ضمن أعلى مستوياتها منذ حوالي ربع قرن عند 9.0%، في حين لا يزال موضوع تشديد شروط الائتمان يحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة، مع الإشارة إلى أن معوقات أخرى لا تزال تظهر تباعاً في طريق تعافي الاقتصاد الأمريكي من ارتفاع مديونية، ارتفاع عجز الميزانية، ناهيك عن استمرار أزمة الديون الأوروبية في السيطرة على المشهد، وإثقالها لكاهل الاقتصاد العالمي بشكل عام.
وبالانتقال إلى البيانات الصادرة عن قطاع المنازل الأمريكي، فقد أظهر تقرير مبيعات المنازل قيد الانتظار عن شهر تشرين الأول/أكتوبر ارتفاعاً مبهراً في تلك المبيعات وبنسبة بلغت 10.4%، بالمقارنة مع الانخفاض السابق والذي بلغ 4.6%، منوّهين عزيزي القارئ بأن قطاع المنازل الأمريكي لا يزال يقبع تحت ضغوطات تقع على الاقتصاد الأمريكي ككل، في حين أن تؤكد بيانات قطاع المنازل على أن القطاع لا يزال يبحث عن استقراره المفقود وذلك وفقاً لتصريحات الفدرالي الأمريكي نفسه، إذ يشير البنك بأن القطاع سيحتاج وقت أطول من غيره من القطاعات ليصل إلى بر الأمان.
ويؤكد البنك الفدرالي الأمريكي على أن أنشطة قطاع المنازل لا تزال ضعيفة على الرغم من التقدم الذي أحرزته مؤخراً، بل ويصفها بالمخيبة للآمال، علماً بأن قطاع المنازل الأمريكي لا زال يعاني من تبعات الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
ولا تزال التطلعات لمستقبل قطاع المنازل مشوّشة بشكل كبير، علماً بأننا شهدنا صدور تقارير عن الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع الماضي أظهرت تحسن مستويات الطلب على شراء الرهونات العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية، حين انخفض مؤشر طلبات إعادة تمويل الرهونات العقارية في الأسبوع المنتهي في الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر بنسبة 4 بالمئة، بينما ارتفعت مؤشر طلبات شراء الرهونات العقارية خلال الأسبوع ذاته بنسبة 8.2 بالمئة.
إلا أن ذلك لا ينفي استمرار ارتفاع قيم حبس الرهونات العقارية في الولايات المتحدة الأمر الذي لا يزال يثقل كاهل قطاع المنازل الأمريكي، وهنا نؤكد على أن الاقتصاد الأمريكي بحاجة المزيد من الوقت لتحقيق التعافي من أسوأ أزمة مالية منذ عقود.
وهنا نذكر مجدداً بإعلان لبنك الفدرالي الأمريكي اليوم عن تعاون مع البنك المركزي الكندي، والبنك المركزي البريطاني، والبنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي السويسري، والبنك المركزي الياباني، وذلك في سبيل تنسيق الجهود لتعزيز قدرة تلك البنوك المركزية على توفير السيولة اللازمة لدعم النظام المالي العالمي، ومنع نقص تلك السيولة في النظام المالي العالمي، علماً بأن الغرض من تلك الإجراءات سيكون تخفيف الضغوطات التي تتعرض لها الأسواق المالية وتعزيز النشاط الاقتصادي.
وقد أعلن البنك الفدرالي الأمريكي عن اتفاق تلك البنوك على تخفيض التكاليف الحالية لخطوط تبادل ومقايضة الدولار الأمريكي بمقدار 50 نقطة أساس، بالمقارنة مع ما كانت عليه في السابق عند 100 نقطة أساس، وبذلك فإن التكاليف الجديدة لخطوط تبادل ومقايضة الدولار الأمريكي ستكون بإضافة 50 نقطة أساس فقط بدلاً من 100 نقطة أساس، وذلك اعتباراً من الخامس من كانون الأول/ديسمبر المقبل.
ويأتي إعلان الفدرالي الأمريكي في الوقت الذي يحاول الاقتصاد الأمريكي فيه جاهدا إظهار بوادر التحسن التدريجي، مشيرين إلى أن التوقعات تفيد بأن مرحلة النمو ستتسم بالتسارع في الآونة المقبلة، الأمر الذي قد يقود الاقتصاد الأمريكي إلى مرحلة تعافي أكثر سرعة مما كانت عليه، بحسب البنك الفدرالي الأمريكي، وبالتالي حينها سيتمكن الاقتصاد من السير على خطى ثابتة إلى حين وصوله إلى مرحلة النمو على المدى البعيد، بينما من الممكن أن يكون النصف الثاني من العام 2012.