من ماجي فيك
القاهرة (رويترز) - قالت ممثلة برنامج الأغذية العالمي في مصر يوم الاثنين إن الاصلاحات المصرية لنظام دعم الغذاء يجب أن تقدم مزيدا من المساعدة لمن هم أكثر احتياجا إذا أرادت الحكومة البدء في تقليص "جيوب الفقر الضخمة".
وقد يؤدي عدم معالجة تلك القضايا إلى تجدد الاستياء الشعبي الذي تسبب في الإطاحة برئيسين للبلاد خلال ثلاثة أعوام.
لكن الإصلاح سيكون مهمة شاقة في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان حيث يمتلك حوالي 68 مليون شخص - حوالي 75 بالمئة من السكان - بطاقات تموين تخول لهم الحصول على الدعم الغذائي وحيث سقط أربعة ملايين من أفقر المصريين من هذا النظام وفق بيانات الأمم المتحدة.
والخبز على وجه الخصوص قضية شديدة الحساسية من الناحية السياسية في مصر حيث يعتمد الملايين منذ عقود على الخبز المدعوم الذي يباع بأقل من سبع تكلفته الحقيقية.
وقالت لبنى ألمان مديرة أنشطة برنامج الأغذية العالمي في مصر في مقابلة مع رويترز "ينبغي (للحكومة) أن تفعل المزيد بشأن توجيه نظام الدعم وتحديد المستهدفين وهي على وعي شديد بالحقيقة.. لكني أعتقد انهم يرغبون في البداية في تعزيز الأنظمة ثم (العمل) بعد ذلك على تحديد المستهدفين."
وقالت ألمان إن حوالي أربعة ملايين شخص لا يصلون إلى المساعدات الغذائية الحكومية من بين عدد السكان البالغ 84 مليون نسمة قد يبدو عددا صغيرا نسبيا.
واستدركت بقولها "لكنه ضخم. وجود أربعة ملايين شخص في مكان آخر يحتاجون إلى المساعدة يجعله حالة طارئة كبيرة."
لكن مسؤولين حكوميين وخبراء يقولون إن دعم الغذاء شجع على قيام سوق سوداء مزدهرة و"مافيا للطحين" بدلا من مساعدة الفئات الأضعف.
وبدأت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي في استهداف الثغرات في النظام وتعاملت بسرعة مع قضية دعم الوقود التي لم يكن يجرؤ أحد في السابق على الاقتراب منها وهي وجه آخر من أوجه الصرف الذي يفتقر إلى الكفاءة ويستنزف الميزانية.
وكان دعم الغذاء والوقود يلتهم عادة ما لا يقل عن ربع ميزانية مصر وتحاول الحكومة تخفيف هذا العبء من أجل كبح عجز الميزانية الذي بلغ في العام المالي الماضي 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورفعت الحكومة أسعار الوقود في الصيف بعد فترة وجيزة من تولي السيسي السلطة ورافق ذلك إجراءات لتخفيف التأثير منها مواصلات مجانية وقالت الحكومة أيضا إنها ستبدأ قريبا برنامج إعانات نقدية جديدا موجها للفئات الأضعف.
وقالت ألمان إن هذه خطوات في الاتجاه الصحيح نحو إنشاء "شبكة أمان اجتماعي" لكن ينبغي أن تتضمن الإصلاحات أيضا استبعادا تدريجيا للمستفيدين الذين لا يحتاجون غذاء مدعوما.
وأشادت بوزير التموين خالد حنفي لتوسيعه نطاق السلع المدعومة المعروضة على المواطنين في بطاقات التموين وقالت إن عرض سلع غير الخبز وزيت الطعام وعدد قليل آخر من السلع أمر مهم لسكان يعانون من ارتفاع معدلات سوء التغذية وضعف الوصول إلى وجبة غذائية متنوعة.
وقالت "مشكلة الأمن الغذائي في مصر هي القوة الشرائية.. إنها مشكلة تتعلق بإمكانية الوصول (إلى الغذاء). الطعام متاح لكن (الناس) لا يقدرون على تحمل تكلفة شرائه" واستشهدت على ذلك ببحث لبرنامج الأغذية العالمي وجد أن الفقراء يلجأون "لآليات للتكيف مع الوضع" مثل خفض شراء المواد الغذائية التي تحتوي على البروتين ومنتجات الألبان والاعتماد حصريا على الكربوهيدرات مثل الخبز والأرز ورقائق البطاطس.
وأضافت أن الآثار الاقتصادية لانتفاضة عام 2011 التي أطاحت بحسني مبارك جعلت الحياة أصعب على الفقراء لا سيما في مناطق مثل صعيد مصر حيث تمضي معدلات الفقر العالية جنبا إلى جنب مع ما يسميه برنامج الأغذية العالمية "العبء الثلاثي لسوء التغذية: ارتفاع معدلات التقزم وفقر الدم والسمنة."
وقالت ألمان إن الخفض التدريجي لمعدلات التقزم المزمن الذي ينتج عن عدم حصول الأطفال على المواد الغذائية المناسبة قبل عمر عامين هو مهمة طويلة الأجل.
لكن الأمر سيكون أيسر عندما يعطى مزيد من المواطنين المحتاجين مساعدات من الدولة لشراء مزيد من الخضراوات واللحوم.
وتوجد جهود أخرى مرتبطة بدعم الوجبات الغذائية المدرسية وهي حافز للآباء لإبقاء أبنائهم في المدرسة. ويمول صندوق الأغذية العالمي هذا البرنامج في صعيد مصر وفي مناطق أخرى فقيرة مثل محافظة الفيوم إلى الجنوب من القاهرة حيث الزراعة صناعة رئيسية وعادة ما يعمل الأطفال في حقول الأسرة.
وقالت ألمان "اتخذت الحكومة قرارا قويا جدا بأن تنشئ ‘شبكات أمان‘ كأحد الأمور الرئيسية لتقديمها للناس."
واضافت "فعلوا الكثير ... لكني أعتقد أن هناك طريقا طويلا ينبغي قطعه لإصلاح كل شيء."
(إعداد مصطفى صالح للنشرة العربية - تحرير محمد عبد العال)