صدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم القراءة الثالثة والنهائية للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية للأشهر الثلاثة الأولي من العام الجاري 2010، حيث أظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي بأن الاقتصاد الأمريكي نما في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 2.7% بأدنى من القراءة السابقة والتوقعات التي بلغت 3.0%.
وقد أشارت التوقعات إلى أن الاقتصاد الأمريكي نما في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 3.0%، إلا أن القراءة الفعلية جاءت دون التوقعات، عقب ارتفاع القراءة النهائية للإنفاق الشخصي بنسبة 3.0% فقد خلال الربع الأول من العام الحالي، وبأدنى من القراءة السابقة والتوقعات التي بلغت 3.5%، مع الإشارة إلى أن القراءة النهائية للناتج المحي الإجمالي المقاس بالأسعار ارتفع بنسبة 1.1% خلال الربع الأول وبأعلى من القراءة السابقة والتوقعات التي بلغت 1.0%، أما القراءة النهائية لنفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري فقد ارتفعت بنسبة 0.7% وبأعلى من القراءة السابقة والتوقعات التي بلغت 0.6% خلال الفترة ذاتها.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن الاستثمارات واصلت دعم النمو في الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول من العام الجاري، عقب ارتفاعها بنسبة 16.3 بالمئة، في حين ارتفعت صادرات الاقتصاد الأمريكي خلال تلك الفترة بنسبة 11.3%، بالتزامن مع ارتفاع الواردات بنسبة 14.8%، إلا أن الإنفاق الحكومي انخفض خلال الربع الأول من العام بنسبة 1.9 بالمئة.
الإنفاق الشخصي عزيزي القارئ أسهم بنسبة 2.13% في قراءة الناتج المحلي الإجمالي هذه، عقب إضافته لحوالي 2.42% خلال الفترة الماضية، مع العلم بأن الاستثمرارات أسهمت في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.82%، أما المخزونات فقد أضافت 1.88% للنمو، في حين لا بد لنا من الإشارة إلى أن قطاع المنازل الأمريكي اقتطع حوالي 0.27% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما صافي الصادرات أثقل كاهل النمو أيضاً عقب اقتطاعه لنسبة 0.82% من النمو، وفي النهاية فإن الإنفاق الحكومي اقتطع 0.39% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد واصل النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية التراجع خلال الربع الأول من العام الجاري 2010، بالمقارنة مع الربع الأخير من العام السابق 2009، حيث نجح الاقتصاد الأمريكي في التوسع بنسبة قوية بلغت 5.6%، وعلى ما يبدو فإن تراجع الإنفاق أسهم بشكل كبير في انخفاض معدلات النمو في الولايات المتحدة الأمريكية، مع العلم بأن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي تقريباً في الولايات المتحدة الأمريكية.
السبب الرئيس في انخفاض معدلات الإنفاق يتمثل في ارتفاع معدلات البطالة عزيزي القارئ، حيث تواصل معدلات البطالة الحوم حول أعلى مستوى لها في أكثر من ربع قرن من الزمان، في حين أن تشديد شروط الائتمان جعل من الأمور أكثر سوءاً بالنسبة للمستهلكين، حيث تقف تلك العقبات في طريق التعافي والانتعاش في الاقتصاد الأمريكي.
النشاط الاقتصادي تراجع على الأرجح خلال الربع الثاني من العام الجاري 2010، عقب انخفاض الأنشطة الاقتصادية في قطاع الصناعة الأمريكي وفي قطاع المنازل الأمريكي، الأمر الذي شهدناه من خلال البيانات التي صدرت عن تلك القاعات مؤخراً، وسط ضعف مستويات الطلب، الأمر الذي أثقل كاهل أنشطة قطاع الصناعة، في حين أن انتهاء مدة العمل ببرنامج الإعفاء الضريبي والذي كان يقضي بإعطاء تخفيضات ضريبية لمشتري المنازل لأول مرة أثقل كاهل قطاع المنازل الأمريكي وأنشطته بشدة.
البيان الصادر عن اللجنة الفدرالية المفتوحة والمرافق لقرار أسعار الفائدة الرئيسية، أشار غلى أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل التعافي بوتيرة معتدلة، حيث وعلى ما يبدو بأن النشاط الاقتصادي سيثبت لفترة طويلة من الزمن، إذ أن الظروف السائدة لا تزال هشة للغاية، وعجلة التعافي والانتعاش لا تزال ضعيفة بعض الشيء.
مفتاح الحل في تحسن الاقتصاد الأمريكي وبلا شك هو استقرار الأوضاع في قطاع العمالة وتحسنها، حيث أن ارتفاع معدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية سيواصل إثقال كاهل مستويات الطلب وبالتالي فإن إنفاق المستهلكين سوف يبقى ضعيفاً خلال الفترة المقبلة.
البنك الفدرالي الأمريكي توقع بأن معدلات البطالة سوف تبدأ بالانخفاض خلال العام الحالي، حيث تشير توقعات الفدرالي الأمريكي إلى أن معدلات البطالة سوف تبقى فوق مستويات 9% بحلول نهاية العام الجاري.
معدلات البطالة سوف تبقى مرتفعة على ما يبدو خلال العام 2012، حيث يتخوف معظم المحللين من أن أبرز تبعات الأزمة المالية العالمية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية سوف تبقى منعكسة في قطاع العمالة الأمريكي، حيث ستبقى معدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية مرتفعة على المدى الطويل، وذلك سيسبب ضرراً هائلاً في الاقتصاد الأمريكي، وسط انخفاض معدلات النمو على المدى البعيد أيضاً.
وفي النهاية فإن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يتعافى من تبعات أسوأ أزمة اقتصادية تعم العالم منذ الكساد العظيم، وبدا واضحاً الآن بأن الاقتصاد الأمريكي لن يكون قادراً على النمو على المدى الطويل خلال العام الحالي، حيث لا بد من مواصلة الاقتصاد الأمريكي لعجلة تعافيه وانتعاشه، فلغاية الآن فإن جميع ما نمتلكه هو الأمل فقط، بأن تتحسن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام المقبل، الأمر الذي قد يمكن الاقتصاد الأمريكي من العودة إلى الازدهار، ولكن لا شيء يبدو مؤكداً على الرغم من كل ذلك...