من تشاين لابيه وميشيل روز
باريس/سانت اتيان دو روفراي (رويترز) - واجهت الحكومة الفرنسية انتقادات لسجلها الأمني يوم الأربعاء في أعقاب الكشف عن أن أحد المهاجمين الذين ذبحوا قسا في مذبح كنيسة جهادي مفترض معروف يخضع لمراقبة الشرطة.
والتقى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بزعماء دينيين في مسعى لتعزيز الوحدة الوطنية. لكن سلفه ومنافسه المحتمل في انتخابات رئاسية العام المقبل نيكولا ساركوزي قال إن على الحكومة اتخاذ خطوات أكثر قوة لتعقب المتعاطفين مع الإسلاميين.
وقطع مهاجمو الثلاثاء قداسا في كنيسة وأجبروا القس بالكنيسة الكاثوليكية الأب جاكيه هاميل على أن يجثو على ركبتيه في المذبح وذبحوه. ولدى خروجهم من الكنيسة وترديدهم "الله أكبر" بادرتهم الشرطة وقتلتهم بالرصاص.
وجاء الهجوم بعد أقل من أسبوعين من قيام من يشتبه بأنه إسلامي آخر بدهس حشد بشاحنة في يوم الباستيل فقتل 84 شخصا. ورد الساسة المعارضون على الهجمات بانتقادات قوية للسجل الأمني للحكومة الاشتراكية خلافا لما فعلوه العام الماضي عندما عبروا عن وحدتهم بعدما قتل مسلحون ومفجرون 130 شخصا في باريس في نوفمبر تشرين الثاني وهاجموا صحيفة ساخرة في يناير كانون الثاني.
وقال ساركوزي المتوقع أن يخوض الانتخابات التمهيدية للمحافظين من أجل خوض الاقتراع الرئاسي العام المقبل لصحيفة لوموند "كل هذا العنف وهذه الهمجية شلت اليسار الفرنسي منذ يناير 2015." وأضاف "فقد اتجاهاته ويتشبث بعقلية لا صلة لها بالواقع."
ومع تحذير ساسة محافظين من "حرب أديان" سعى أولوند إلى تجنب الانقسامات في اجتماع مع زعماء مسيحيين ويهود ومسلمين وبوذيين.
وقال مطران باريس الكردينال أندريه فان تروا للصحفيين بعد الاجتماع الذي عقد في قصر الإليزيه "لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بالانجرار إلى سياسة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) الذي يسعى للوقيعة بين الطفل وأخيه."
وقال البابا فرنسيس إن ذبح القس وسلسلة الهجمات التي شهدتها أوروبا في الأسابيع الماضية إنما هي دليل على أن "العالم في حرب" مشددا أنها ليست حربا دينية ولكن حرب هيمنة شعوب ومصالح اقتصادية.
ودعا ساركوزي لاعتقال أو وضع علامات إلكترونية لكل المشتبه بأنهم متشددون إسلاميون حتى لو لم يرتكبوا أي جريمة. وتمتلك المخابرات الداخلية الفرنسية ملفات سرية لنحو 10500 مشتبه بأنهم متشددون.
لكن وزير الداخلية برنار كازنوف رفض اقتراح ساركوزي قائلا إن سجنهم سيكون غير دستوري كما أنه سيؤدي لنتائج عكسية.
وقال على محطة يوروب وان الإذاعية "إن الذي أنجح جهود فرنسا لتفكيك عدد كبير من الشبكات الإرهابية هو وضع ملفات هؤلاء الناس تحت المراقبة. وهو الأمر الذي يمكن هيئات المخابرات من العمل دون أن يشعر هؤلاء الأفراد."
ولاحقا أبلغ كازنوف الصحفيين بأن مهرجانات الصيف التي لا تفي بالإجراءات الأمنية المشددة سيجري إلغاؤها معلنا عن في نشر عشرة الاف جندي موجودين بالفعل في الشوارع قائلا إنه سيرسل المزيد إلى الأقاليم.
الموت في المذبح
نشرت وكالة الأنباء المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية اليوم الأربعاء تسجيلا مصورا لرجلين قالت إنهما منفذا الهجوم على الكنيسة الفرنسية وظهرا في الفيديو وهما يبايعان زعيم التنظيم بالعربية.
ويعطي التنظيم الأولوية لاستهداف فرنسا التي تقصف قواعده في العراق وسوريا في إطار تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة.
ووصل مهاجمو الثلاثاء خلال القداس الصباحي في سانت اتيان دو روفراي وهي بلدة تسكنها طبقة عاملة قرب روين شمال غرب باريس حيث كان يترأس الأب هاميل القداس. وأخذوا رهائن أصيب أحدهم بجروح شديدة خلال الهجوم.
وقال المدعي الفرنسي الخاص بمكافحة الإرهاب يوم الاربعاء إن أحد المهاجمين يسمى عادل كرميش (19 عاما) وكان خاضعا لمراقبة مشددة بعد محاولتين فاشلتين للوصول إلى سوريا.
وأطلق سراح كرميش من الاحتجاز انتظارا لمحاكمته بسبب عضويته المزعومة في منظمة إرهابية في مارس آذار. واضطر لوضع علامة إلكترونية وتسليم جواز سفره ولم يكن مسموحا له بمغادرة منزل والديه إلا لساعات قليلة في اليوم.
ولم ترسل العلامة الالكترونية إنذارا لأن الهجوم وقع خلال الفترة المسموح له فيها بالخروج.
وأجرى محققون تحليلات الحمض النووي لجثة المهاجم الثاني يوم الأربعاء. وذكر مصدر قضائي أن المحققين يعتقدون أن المهاجم الثاني هو شاب عمره 19 عاما من جنوب شرق فرنسا ولم يكن معروفا من قبل للشرطة.
وأضاف المصدر أنه معروف حتى الآن باسم عبد الملك بي انتظارا لنتيجة الاختبار الجيني لتعريفه بشكل رسمي. ووجدت بطاقة هويته في منزل كرميش.
ووفقا لوزارة العدل فإن هناك 13 مشتبها بأنهم إرهابيون وشخصا مدانين لصلتهم بالإرهاب يعلقون شعارات في ملابسهم مثل التي كان يعلقها كرميش. وأفرج عن سبعة بكفالة انتظارا للمحاكمة. وأدين الستة الآخرون لكنهم يضعون أساور إلكترونية بدلا من قضاء أحكام بالسجن.
ومنذ هجوم يوم الباستيل في نيس وقعت موجة من الهجمات في ألمانيا أيضا مما أثار قلقا أكبر في أوروبا التي تئن بالفعل تحت وطأة هجمات العام الماضي في فرنسا وهذا العام في بروكسل.
(إعداد علي خفاجي للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)