من جيمس أوليفانت
بدمينستر (نيو جيرزي) (رويترز) - بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان الأسبوع الأخير هو الذي بدأ العالم الحقيقي يقتحم فيه رئاسته.
فقد ألقت الاشتباكات العنيفة التي شهدتها تشارلوتسفيل بولاية فرجينيا بين قوميين من البيض ومحتجين مناهضين في وجه ترامب بما قد تكون أول أزمة داخلية حقيقية تواجهها إدارته.
ويرى البعض حتى داخل الحزب الجمهوري الذي ينتمي له الرئيس أنه لم يرتفع إلى مستوى الحدث.
جاءت الاشتباكات بعد أيام من توجيه ترامب تهديدات عنيفة لكوريا الشمالية هزت بعض الأمريكيين وحلفاء الولايات المتحدة.
والحدثان من نوع التحديات الصعبة التي تميز رئيسا عن غيره من الرؤساء والتي تجاهلها ترامب إلى حد كبير خلال الشهور الأولى من رئاسته.
ومع امتلاء شاشات التلفزيون في جميع أنحاء البلاد بصور التوترات المتصاعدة وقيام سيارة بدهس مجموعة من المتظاهرين وجه البعض انتقادات للرئيس أولا لأنه انتظر فترة طويلة قبل أن يتناول موضوع العنف ثم لأنه فشل عندما تحدث في إدانة المتظاهرين من القوميين البيض الذين بدأوا الشجار إدانة صريحة.
وسارع ماركو روبيو السناتور الجمهوري، الذي نافس ترامب على ترشيح الحزب في انتخابات الرئاسة، إلى القول بأن رد فعل ترامب الأولي كان هزيلا.
وعلى تويتر كتب روبيو يقول "من المهم أن يسمع الشعب منه (ترامب) وصف حقيقة الأحداث في تشارلوتسفيل أي أنه هجوم إرهابي من العنصريين البيض".
ورغم أن ترامب اضطر للتعامل مع ضغوط التحقيق الاتحادي في التدخل الروسي في انتخابات العام الماضي واضطراب الأوضاع في البيت الأبيض والخلافات في الكونجرس حول برنامجه السياسي المتعثر فلم تحدث أزمات خارجية تذكر يختبر بها معدنه الرئاسي.
وعلى النقيض ورث سلفه باراك أوباما أزمة اقتصادية حادة خلال عامه الأول في الرئاسة تلتها اختبارات أخرى من بينها كارثة البقعة النفطية في خليج المكسيك واضطراب الأوضاع في الشرق الأوسط والهجمات الإرهابية في بوسطن وأورلاندو وغيرها والاضطرابات في فيرجسون بولاية ميزوري وبالتيمور بولاية ماريلاند.
وقد أمضى ترامب الأسبوع في نادي الجولف الذي يملكه في نيو جيرزي محاولا أن يظهر للشعب الأمريكي أنه يعمل وليس في عطلة. فشارك في أحداث ومناسبات الواحدة تلو الأخرى ورد على أسئلة وسائل الإعلام بإيجابية لم يبد مثلها منذ شهور.
ومع ذلك لزم ترامب الصمت عندما بدأت أنباء الوضع في تشارلوتسفيل تتوالى يوم الجمعة. وكانت أول مرة تناول فيها الموضوع عبر تغريدة بعد ظهر أمس السبت بعد تفرق لقاء جماهيري للعنصريين المؤمنين بتفوق الجنس الأبيض ونشوب مشاجرات وإعلان حالة الطوارئ.
وعندما ظهر ترامب أخيرا أمام الصحفيين في مناسبة مقررة للتصديق على قانون في ناديه كانت لقطات فيديو لسيارة مسرعة تصدم مجموعة من المحتجين قد انتشرت كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات تلفزيون المشتركين الأمر الذي أثار شبح الإرهاب الداخلي.
وتوفيت امرأة صدمتها السيارة المسرعة وأصيب عدد آخر من الناس بجروح بالغة.
وقرأ ترامب من على المنصة بيانا استنكر فيه العنف لكنه لم يشر على وجه الخصوص لدور القوميين البيض في الأحداث ولم يحملهم المسؤولية.
وانتهز الفرصة أيضا للتباهي بتراجع البطالة واستثمارات الشركات الجديدة في الولايات المتحدة. وبعد ذلك تجاهل أسئلة علت بها أصوات الصحفيين عما إذا كان سيندد بالعنصريين البيض وما إذا كان حادث السيارة يمثل إرهابا.
* شكوك جمهورية في رد فعل ترامب
وبخلاف روبيو اعتبر السناتور كوري جاردنر رد فعل ترامب غير كاف فقال في تغريدة "سيادة الرئيس، لابد أن نسمي الشر شرا. فهؤلاء عنصريون بيض وهذا إرهاب داخلي".
أما الجمهوري أورين هاتش الذي كان عضوا في مجلس الشيوخ على مدى 40 عاما فقد أشار إلى شقيقه الذي سقط قتيلا في الحرب العالمية الثانية.
وقال في تغريدة "لا بد أن نسمي الشر شرا. فشقيقي لم يمت وهو يحارب هتلر لكي ترتع الأفكار النازية هنا في الوطن دون أن يتصدى لها أحد".
أما السناتور الديمقراطي برايان شاتز فقال إن ترامب لم يظهر مقومات الزعامة.
وأطلق ترامب عدة تغريدات بعد لقائه مع الصحفيين وأبدى دعمه لمدينة تشارلوتسفيل وللشرطة لكنه امتنع عن انتقاد العنف بتعبيرات أكثر صراحة.
وقد واجه ترامب وهو مرشح وبعد توليه الرئاسة اتهامات بأنه سعى لكسب تأييد القوميين والعنصريين البيض باعتبارهم جزءا رئيسيا في قاعدة ناخبيه.
واضطر في وقت ما خلال العام الماضي للتنديد علنا بجماعة كو كلوكس كلان وبديفيد ديوك أحد زعمائها. وبعد انتخاب ترامب عين ستيف بانون وهو شخصية موثوق بها في دوائر القوميين ورئيس سابق لموقع (برايتبارت نيوز) الإخباري اليميني المتطرف مستشارا له في البيت الأبيض.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير سها جادو)