من داشا أفاناسيفا
إزمير (تركيا) (رويترز) - لم يكن الطلب أشد مما هو عليه الآن على خدمات المهرب التركي دورسون الذي ينقل المهاجرين إلى أوروبا منذ أكثر من عشر سنوات وهو يقول إن نشاطه المخالف للقانون لا يوقفه إلا جيش.
ويعول الاتحاد الأوروبي على أنقرة في وقف سيل المهاجرين إلى أوروبا بعد أن وصل إليها في العام الماضي أكثر من مليون مهاجر أغلبهم وصلوا بحرا من تركيا بطرق مخالفة للقانون في أسوأ أزمة هجرة تشهدها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
لكن مهمة مراقبة الساحل لتركيا ربما تكون أكبر من قواتها الأمنية المرهقة حتى بمساعدة حلفائها الغربيين. وقد أرسل حلف شمال الأطلسي سفنا إلى بحر إيجه يوم الخميس لمساعدة تركيا واليونان في منع العصابات الإجرامية من تهريب المهاجرين.
وقال دورسون القوي البنية (30 عاما) في مدينة أزمير الساحلية رافضا ذكر بقية اسمه "ستضطر تركيا إلى نشر جنود على امتداد شواطئها ... يجب نشر آلاف الجنود على الشواطئ."
وقد قضى دورسون ثلاث فترات قصيرة في سجون اليونان لقيادته زوارق مليئة بالمهاجرين إلى أوروبا.
وتتعرض الحكومة التركية لضغوط متزايدة من الاتحاد الأوروبي في أعقاب الاتفاق على منحها مساعدات قيمتها ثلاثة مليارات يورو (3.3 مليار دولار) في العام الماضي بهدف وقف تدفق المهاجرين.
وقد لقي الآلاف حتفهم في محاولة العبور إلى أوروبا في العام الماضي وفرض ذلك ضغوطا كبيرة على أجهزة الأمن والشبكات الاجتماعية في بعض دول الاتحاد الأوروبي وغذى التأييد للجماعات المناهضة للأجانب.
وصعدت أنقرة دورياتها على ساحل بحر إيجه الممتد على مسافة 2600 كيلومتر ونشرت المزيد من حرس السواحل والشرطة وشددت العقوبة لمن يضبط من المهربين وخاصة إذا أدت أفعالهم إلى وفاة مهاجرين.
وتفخر تركيا بأن لديها ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي لكنه يحارب أيضا مقاتلين أكرادا في جنوب شرق البلاد وله وجود عسكري مكثف على الحدود مع سوريا حيث تدور رحى حرب أهلية منذ خمس سنوات تمثل المصدر الرئيسي لأزمة اللاجئين الحالية.
وقال نامق كمال نازلي محافظ منطقة ايفاليك قرب إزمير إن إحدى المشاكل التي تواجه السلطات هي أن جانبا كبيرا من الساحل ناء وغير مأهول نسبيا وبه الكثير من المناطق التي يمكن أن يختبئ بها المهربون.
وأضاف "من الصعب إحكام الرقابة على الشريط الساحلي بأكمله وهم يستغلون ذلك."
* مسارات خطرة
يتفهم الدبلوماسيون الغربيون صعوبات التحكم في شريط ساحلي متعرج به مواقع كثيرة تصعب مراقبتها. لكنهم يقولون إن بوسع أنقرة بذل المزيد من الجهد سواء في الرقابة على الشواطئ أو في تتبع العصابات الإجرامية.
ويقولون أيضا إنه يجب أن تبذل تركيا جهدا أكبر في منع المهاجرين غير الشرعيين خاصة أن بعضهم ضبط وهو يحاول الوصول إلى أوروبا أكثر من مرة.
وتأخذ تركيا بصمات أصابع المهاجرين غير الشرعيين عند ضبطهم. ويتم إطلاق سراح الكثيرين منهم حسب جنسياتهم ليصبحوا أحرارا في محاولة الوصول إلى أوروبا مرة أخرى.
وتقول تركيا التي استقبلت أكثر من 2.6 مليون لاجيء منذ بداية الحرب الأهلية السورية إنها تحتاج لمزيد من المساعدة من الغرب. وقال الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي فولكان بوزكير الأسبوع الماضي إن حل أزمة اللاجئين ليست مهمة تركيا وحدها وحث الدول الأوروبية على التعاون مع أنقرة فيما يتعلق بالقيود الحدودية وتبادل المعلومات.
لكن طوفان اللاجئين لا يفتأ يزيد. وقالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إن عدد اللاجئين القادمين لأوروبا بلغ في الأسابيع الستة الأولى من السنة الحالية أكثر من 80 ألفا أغلبهم من تركيا إلى اليونان. وقالت المفوضية إن أكثر من 400 لقوا حتفهم في محاولة العبور إلى أوروبا.
وقالت المفوضية الأسبوع الماضي إن أكثر من 2000 شخص يجازفون يوميا بحياتهم في القيام بهذه الرحلة. ومن الممكن أن تكون الرحلة أرخص في طقس الشتاء البارد لكن مخاطرها أكبر.
وقالت آبي دوموه من المنظمة الدولية للهجرة إن المهربين يسلكون مسارات بحرية محفوفة بمخاطر أكبر لتجنب الشرطة.
وأضافت "الأعداد أكبر من أن تتعامل معها أي دولة."
* أكثر حذرا
عندما بدأ دورسون نشاطه كانت أعداد اللاجئين بسيطة من اريتريا والصومال. ولم يكن هناك لاجئون من سوريا. كما كان عدد المهربين صغيرا.
أما الآن فتمتلئ ساحة مسجد في حي بسمانه في إزمير حيث يمارس دورسون نشاطه بالسوريين الذين يحاولون الاتفاق مع مهربين - وكل هذا لا يبعد سوى بضعة شوارع عن مركز الشرطة.
ورغم يقظة الشرطة قال دورسون إنه ليس بوسعها أن تفعل شيئا ما لم تضبط مهربا على الشاطئ مع مجموعة من اللاجئين. وأشار وهو يتحدث إلى مجموعة أخرى من المهربين تسير في الشارع.
وقال سكان في الحي إن التهريب أصبح نشاطا يلقى إقبالا حتى أن تجار مخدرات حولوا نشاطهم إلى التهريب.
ومع ذلك يقول دورسون إنه أصبح أكثر حذرا وإنه لم يعد يقود الزوارق بنفسه رغم إغراء الحصول على 2000 يورو في الرحلة الواحدة.
وبدلا من ذلك ينقل المهاجرين واللاجئين بالحافلات إلى نقطة الانطلاق وينسق مع آخرين في سلسلة تشمل من يراقبون الطرق ومن يتولون جمع لاجئين آخرين.
وأضاف "إذا كان السائق وحده وألقي القبض عليه لكن لم يره أحد وهو ينقل لاجئين ولم يكن هناك لاجئون في السيارة فسيطلق سراحه على الفور."
وأضاف أن العقوبات شددت وأن اثنين من زعماء العصابات حكم عليهما في الفترة الأخيرة بالسجن 15 عاما و20 عاما.
وفي يوم عاصف في الفترة الأخيرة امتلأت الفنادق في منطقة تبعد نحو ساعة بالسيارة عن إزمير بالمهاجرين الذين كانوا ينتظرون تحسن الطقس قبل الانطلاق إلى أوروبا.
وقال مدير فندق رفض ذكر اسمه إنه حتى إذا "أغلق حلف شمال الأطلسي البحر" لمنع المهاجرين فلن يردعهم ذلك عن محاولة الوصول إلى أوروبا.
وأضاف "بالطبع سيبحثون عن طرق أخرى."
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - محمد اليماني)